العدد 1375 / 28-8-2019
قاسم قصير

تشهد بيروت وبعض العواصم الاوروبية سلسلة مؤتمرات ونقاشات حول دور المسيحيين في لبنان والمنطقة في المرحلة المقبلة، وتنطلق هذه المؤتمرات من الاشكاليات والتحديات التي تواجه المسيحيين اليوم في ظل المتغيرات الاقليمية والدولية.

فما هي ابرز التحديات والاشكاليات التي يواجهها المسيحيون ؟ وكيف تتم مقاربة هذه التحديات؟

ماهية المؤتمرات والنقاشات

بداية من هي الجهات التي تتولى الدعوة لعقد هذه المؤتمرات وتدير هذه النقاشات ؟

وماهي ابرز الموضوعات المطروحة للنقاش؟

يتولى الدعوة لهذه المؤتمرات عدة هيئات محلية وخارجية ، في" لقاء سيدة الجبل "

الذي يشرف عليه النائب السابق الدكتور فارس سعيد يواصل الاتصالات بين بيروت وباريس وعواصم عربية واوروبية اخرى لعقد مؤتمر للمسيحيين العرب ، وقد تم اعداد ورقة اولية لمناقشة اوضاع المسيحيين في العالم العربي وكيف يمكن ان يقاربوا التحديات المختلفة.

كما اقام "المركز اللبناني للبحوث والدراسات" الذي يشرف عليه الدكتور فارس سعيد ندوة خاصة مؤخرا بعنوان :" دور المسيحيين في لبنان والمنطقة من اين والى اين" وشارك فيها الاعلامي سعد كيوان وحضرها عدد من الشخصيات السياسية والاعلامية وجرى خلالها استعراض اوضاع المسيحيين والتحديات التي تواجههم.

وبموازة ذلك يواصل " اللقاء المشرقي " الذي يرأسه رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل ويضم عددا من الشخصيات المسيحية القريبة من الرئيس العماد ميشال عون التحضير لاقامة مؤتمر موسع في شهر تشرين الاول المقبل لمناقشة قضايا الارهاب والسلام والقدس والتعددية الدينية ، ومع ان المؤتمر لن يقتصر على المسيحيين بل سيشمل عددا من القيادات المسلمة وغير الدينية، فان الاشكاليات التي تواجه المسيحيين في لبنان والمنطقة ستكون حاضرة.

كما اشارت بعض المصادر السياسية المطلعة الى ان الوزير باسيل يسعى مع البطريرك بشارة الراعي لعقد لقاء مسيحي موسع في البطريركية المارونية لمناقشة المادة 95 من الدستور اللبناني وكيفية تحقيق التوازن في الادارات اللبنانية بانتظار الغاء الطائفية السياسية.

ويتابع سفير لبنان في الفاتيكان الدكتور فريد الخازن التحضير لمؤتمر موسع في نهاية هذا العام في بيروت لاعادة تسليط الضوء على "الارشاد الرسولي" الذي اطلقه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في لبنان عام 1997 وكيفية تعزيز الحوار الاسلامي- المسيحي.

كما عمد عدد من الكتاب والباحثين اللبنانيين والعرب لتقديم اوراق واعداد بحوث حول دور المسيحيين في لبنان والمنطقة ومستقبلهم وعلاقتهم بالمسلمين ومستقبل التجربة اللبنانية السياسية والدستورية , ويتم طرح العديد من القضايا بجرأة وصراحة ومن هؤلاء الباحث في معهد الدراسات المستقبلية ميشال ابو نجم والاب الدكتور باسم الراعي واللذان نشرا دراسات هامة مؤخرا في جريدة النهار وموقع اليوم الثالث حول وضع المسيحيين في لبنان والتجربة الدستورية اللبنانية.

التحديات والاشكالات

لكن ماهي ابرز التحديات والاشكالات التي تواجه المسيحيين في لبنان والمنطقة وكيف تتم مقاربة هذه التحديات؟

حسب الكثير من الاوساط المسيحية ، فان هناك العديد من التحديات والاشكالات التي تطرح من قبل بعض الجهات المسيحية او المؤسسات الناشطة في الشأن المسيحي والمهتمة بالعلاقات بين المسيحيين والمسلمين.

ومن هذه التحديات : مستقبل دور المسيحيين في لبنان وموقعهم في النظام السياسي وكيفية حماية هذا الدور دستوريا وسياسيا وديمغرافيا، مستقبل العلاقات بين المسلمين والمسيحيين على ضوء التجارب السابقة وكيفية حماية التجربة اللبنانية القائمة على التنوع والتعددية، المخاطر التي تواجه المسيحيين وخصوصا في ظل انتشار العنف والتطرف وان كان هذا التحدي يطال المسلمين ايضا، اي دور للمسيحيين العرب بعد الربيع العربي والثورات الشعبية وماهي مقاربتهم للتطورات في العالم العربي، علاقات المسيحيين مع الغرب واي دور لهم في ظل صراع المحاور في المنطقة، كيف يمكن مواجهة السياسة الاميركية الداعمة للكيان الصهيوني وتهويد القدس وماذا يمكن ان يقدم المسيحيون في هذه المواجهة، اين يقف المسيحيون من الصراعات في الساحة الاسلامية وهل يستطيعون المساهمة في التخفيف من هذه الصراعات.

هذه بعض العناوين للتحديات والاشكالات التي تطرح في المؤتمرات والمناقشات المتنوعة وليس هناك مقاربة موحدة في الاوساط المسيحية، بل هناك عدة رؤى ومواقف , بعضها مرتبط بالحسابات السياسية والحزبية، وبعضها مرتبط باختلاف الرؤى الفكرية والفلسفية واللاهوتية.

وفي الخلاصة فان هذه النقاشات والمؤتمرات والندوات ، سواء التي عقدت او التي ستعقد في الاسابيع والاشهر المقبلة، تكشف عن عمق التحديات والاشكالات التي تواجه المسيحيين في لبنان والمنطقة، وكل ذلك يتطلب حوارا مسيحيا – مسيحيا اولا ، وحوارا مسيحيا – اسلاميا ثانيا ، لازالة التوترات والاتفاق على رؤية موحدة تجاه ما يجرب في لبنان والمنطقة.

قاسم قصير