العدد 1357 / 10-4-2019
قاسم قصير

يواجه لبنان في هذه المرحلة عدداﹰ من التحديات الداخلية والخارجية في ظل تصاعد العقوبات الاميركية على حزب الله وحلفائه ، والمخاوف من اندلاع مواجهات اقليمية كبيرة، وتعثر عمل الحكومة في التصدي للازمات الاقتصادية والمالية ومواجهة الفساد.

ورغم وجود حكومة الوحدة الوطنية وتحقيقها بعض الانجازات المحدودة ومنها اقرار خطة الكهرباء، فان الخلافات والصراعات الداخلية تتزايد حول العديد من الملفات ، وفي ضوء ذلك تتداول بعض الشخصيات السياسية والاعلامية والمؤسسات الفكرية والحوارية البحث في كيفية الخروج من هذا المأزق ، من خلال الدعوة الى حوار وطني جديد او من خلال استعادة تجربة "اللقاء اللبناني للحوار" الذي نشط خلال مرحلة ما بين منتصف عام 2001وصولا الى ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

فما هي ابرز الافكار والطروحات التي يتم تدوالها حول التحديات التي يواجهها لبنان اليوم ؟ وهل يمكن استعادة تجربة اللقاء اللبناني للحوار او اقامة حوار وطني جديد للبحث في مواجهة هذه التحديات؟

ابرز التحديات والطروحات لمواجهتها

من يتابع الاوضاع اللبنانية في هذه الايام يلحظ بوضوح حجم المخاطر والتحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان اليوم ، سواء على صعيد الاوضاع الاقتصادية والمالية او انتشار الفساد والفشل في التوصل الى رؤية موحدة لمواجهته ، وازمة النازحين السوريين والخلافات حول كيفية مقاربتها ، او لجهة ازدياد العقوبات الاميركية على حزب الله , التي قد تشمل قوى سياسية وحزبية حليفة له وقد تمتد للقطاع المصرفي اللبناني، وصولا للمخاوف من اندلاع حروب اقليمية او دولية قد تمتد الى لبنان في ظل تصاعد الصراع الاميركي – الايراني ، وتزايد التهديدات الاسرائيلية للبنان وسوريا وايران.

وفي مواجهة هذه التحديات , هناك افرقاء لبنانيون يدعون للتخلي عن حزب الله والوقوف بوجهه , واعتبار ان لبنان يعيش تحت الوصاية الايرانية ، وهذا يفرض رؤية جديدة للواقع اللبناني تختلف عن المقاربة التي تمارسها القيادات اللبنانية الحالية ، في حين ان معظم القوى السياسية تؤكد على خيار الوحدة الوطنية وضرورة الوقوف بوجه الضغوطات الاميركية والاسرائيلية ورفض العقوبات على حزب الله او تصنيفه تحت خانة الارهاب.

ومن الواضح ان هناك خلافات كبيرة بين معظم الاطراف اللبنانية حول كيفية مقاربة بقية الازمات والتحديات الاخرى , ولم يتم التوصل الى رؤية موحدة في هذه المجالات .

العودة للحوار الوطني

وفي ظل هذه الخلافات والتباينات حول القضايا الداخلية والخارجية ، تتداول بعض الشخصيات الفكرية والسياسية والاعلامية والمؤسسات الحوارية فكرة العودة الى الحوار الوطني الشامل او استعادة مشروع اللقاء اللبناني للحوار من اجل الجلوس على طاولة واحدة للبحث حول مختلف القضايا من اجل الوصول الى رؤية موحدة لمواجهة التحديات.

والمعروف ان اللقاء اللبناني للحوار بدأ في حزيران عام 2001 بمبادرة من الفريق العربي الاسلامي- المسيحي وبعض الرموز الحوارية ومنها القس الدكتور رياض جرجور والوزير السابق الدكتور طارق متري وضم حوالي ثلاثين شخصية لبنانية من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية ، وعقد اولى اجتماعاته في مدينة مونترو في سويسرا ، ثم تتالت الاجتماعات في لبنان و، وقد ساهم في تخفيف الاجواء المتشنجة في تلك المرحلة ووفّر فضاء حواري فكري وسياسي بين العديد من الاطراف اللبنانية، واستمر حتى العام 2006 وان كانت الخلافات السياسية انذاك قد ادت الى توقفه عن الانعقاد.

واليوم تبدو الحاجة ماسة وقوية من اجل العودة الى الحوار الوطني الداخلي، سواء من خلال استعادة صيغة اللقاء اللبناني للحوار ، او من خلال تفعيل التواصل واللقاءات بين مختلف الاطراف اللبنانية، وهناك العديد من المؤسسات الفكرية والحوارية والبحثية تتولى عقد اجتماعات ولقاءات حوارية لبحث بعض الملفات والقضايا ، ولكن هذه اللقاءات لا تضم كل الاطراف وأحيانا تكون مقتصرة على موضوعات محددة ولا تتم متابعتها واستكمالها , ويغيب عنها احيانا اطراف اساسية وازنة .

وعلى ضوء ازدياد التحديات الخارجية والداخلية تبدو الحاجة الى عقد حوار وطني ملحة اليوم ، فهل تبادر الاطراف التي تولت رعاية اللقاء اللبناني للحوار للعودة مجددا للتحرك والنشاط , ام اننا بحاجة لمبادرات جديدة باشكال اخرى واوسع من تجربة اللقاء اللبناني للحوار , في ظل تغير الظروف والاوضاع؟

قاسم قصير