العدد 1392 / 25-12-2019

يودع لبنان عام 2019 المليء بالأحداث والمتغيرات السياسية والأزمات الاقتصادية، فاتحًا أمامه آفاقًا متعددة تترنح بين إمكانية تحقيق حلول تحاكي شعبه أو الدخول في أزمات جديدة، ربما تنزلق به إلى "المحظور" في 2020.

يأمل اللبنانيون تحقيق التغيير المنشود مع تشكيل حكومة اختصاصيين تحاكي الحراك الشعبي، المستمر منذ 17 تشرين أول الماضي؛ احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية (نقص السيولة).

وأجبر المحتجون حكومة سعد الحريري على الاستقالة، في 29 من ذلك الشهر، ويطالبون بحكومة اختصاصيين مستقلين قادرة على معالجة الوضعين السياسي والاقتصادي، في بلد يعاني أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.

وإثر استقالة حكومة الحريري، دخل لبنان أزمة سياسية أفضت إلى تكليف حسان دياب بتشكيل حكومة يعتزم تأليفها من اختصاصيين، نزولًا عند رغبة المحتجين، بحسب ما صرح به.

دياب مرفوض

لكن فإن "تسمية حسان دياب مرفوضة تمامًا؛ لأنها تأتي في صلب ما رفضه الشارع، الذي يطالب بحكومة مستقلة خارجة عن أي إطار سياسي".

ويطالب المحتجون أيضًا باستعادة الأموال المنهوبة، ومحاسبة ما يصفونهم بالفاسدين داخل السلطة، ورحيل بقية مكونات الطبقة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والافتقار للكفاءة.

وأضاف مراقبون أن "المشهد الذي أتت به تسمية دياب مشهد سياسي بحت يعيد الاصطفاف الطائفي، وهو تأسيس للحكومات المُسيسة ومقبرة لحقوق اللبنانيين واللبنانيات، وهذا المشهد لن يعطي أولوية لحقوق الناس".

واعتبر أن "المشهد الذي أتى به دياب سيدخل البلد بأزمة تأليف لن تنتهي، والمشكلة هي مشكلة نهج، الأطراف السياسية التي سمته تنتهج سياسة اقتصادية واضحة محاذية للمصارف، ونحن ليس لدينا أية إشارة أن السياسة الاقتصادية ستكون محاذية للناس (تراعي أوضاعهم)".

الانهيار ليس بعيدًا

فيما يخص الأزمتين الاقتصادية والمالي، اللتين ضربتا مرارًا في 2019 قطاعي البترول والأدوية، وهددت بنقصان كمية القمح، لم ينعكس تكليف دياب إيجابًا عليها حتى الآن.

ولا يزال سعر صرف الدولار الأمريكي يشهد ارتفاعًا أمام الليرة اللبنانية، وبلغ 2100 ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء (غير الرسمية)، ثم تراجع إلى 1900 ليرة، مع زيارة وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، للبنان الخميس الماضي.

ويرجع اللبنانيون أسباب الأزمتين الاقتصادية والمالية إلى ما يقولون إنه فساد مستشرٍ في إدارات الدولة منذ عقود، وعدم التأسيس لاقتصاد منتج يساهم في تطوير البلد.

وقال جاسم عجاقة، خبير اقتصادي، للأناضول: "لا زال هناك غموض سياسي بالنسبة للأسواق التي تتخوف من الأمريكيين، الليرة عند الصيارفة اليوم وصل إلى 1900 ليرة، وحصل هذا التحسن بعد زيارة هيل، وهذا يوضح أن العامل السياسي يلعب دورًا أساسيًا بذلك".

وأضاف: "إذا استمر الوضع السياسي بالتأزم نتوقع أن يرتفع سعر الصيرفة، وإذا حصل تشكيل الحكومة أتوقع أن يعود سعر صرف الدولار إلى السعر السابق، أي 1500 ليرة".

وتابع: "يجب أن نرى برنامج الحكومة الإصلاحي الذي يحتاج للتطبيق، الإشكالية الكبيرة أن كل شىء عالق بالغموض السياسي، كلما كان هناك غموضًا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ، وكلما كان هناك وضوحًا سياسيًا فالأمور تحت السيطرة".

وحذر من أن "فرض عقوبات أمريكية جديدة سيدخلنا بأزمة اقتصادية أكبر، لذلك نحتاج حكومة ترضي الشارع والأحزاب والخارج والأمريكيين بالدرجة الأولى ليتحسن الوضعين الاقتصادي والمالي".

وشدد على أن "لبنان لم يدخل الانهيار بعد، ومصرف لبنان (المركزي) لا زال يدفع الاستحقاقات الدولية، ولكننا لسنا بعيدين عن الانهيار".

ورأى أن "موازنة 2020 لم تعد مجدية بصيغتها الحالية؛ فتوقعات الإيرادات يتم وضعها على أساس العام السابق، هناك تراجع 40% بالإيرادات، لذلك يجب أن تعيد الحكومة درس الموازنة بجدية".

وحذر من أنه "بحال لم يحصل عمل جدي قد نصل إلى حزيران (يونيو المقبل) أو أكثر مع أزمة أكبر، مصرف لبنان يستنزف من أمواله؛ لأنه يدفع عن الدولة، وإذا حصلت عمليات مقبولة بالموازنة فهناك هامش كبير للإقلاع من جديد كي لا نصل إلى المحظور".

وأضاف أن "الوضع الاقتصادي يتردى، وهذا ينعكس على الوضع الاجتماعي والفقر، والوضع المالي يتردى وهذا ينعكس على مالية الدولة، الوصول إلى نسب فقر عالية سيزيد من التهديدات الأمنية".