العدد 1361 / 8-5-2019
قاسم قصير

تنشغل بعض مراكز الدراسات والابحاث العاملة في لبنان , والاوساط الدبلوماسية في بيروت بمتابعة التطورات اللبنانية ، في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والعقوبات الاميركية على حزب الله ايران والمخاوف من ازدياد هذه الضغوط في المرحلة المقبلة ، وتبحث هذه الاوساط عن الخيارات المستقبلية للاوضاع اللبنانية بذريعة ازدياد سيطرة حزب الله وحلفائه على الوضع اللبناني وتحكّمه بمفاصل القرارات الاساسية في ادارة شؤون البلد.

وكانت هذه التطورات محور لقاءات وورش عمل عقدت في الاسابيع الاخيرة في عدد من مراكز الدراسات وخلال اللقاءات والاجتماعات لقوى سياسية وجهات دبلوماسية عربية وغربية.

فكيف تنظر هذه الاوساط الدبلوماسية للاوضاع اللبنانية في هذه المرحلة ؟ وهل ستتطور الضغوط والعقوبات الاقتصادية التي يتعرض لها لبنان وحزب الله الى حرب عسكرية او مواجهة مفتوحة؟

قراءة الاوضاع اللبنانية

بداية كيف تقيّم مراكز الدراسات والابحاث وبعض الاوساط الدبلوماسية الاوضاع اللبنانية اليوم؟ ولماذا تركز على اتهام حزب الله بالسيطرة على مفاصل القرارات السياسية للدولة اللبنانية؟

تعتبر بعض مراكز الدراسات والابحاث العاملة في لبنان وبعض الاوساط الدبلوماسية الغربية : ان الوضع اللبناني يمر حاليا بمرحلة جديدة في ظل التطورات الداخلية والخارجية ، وان حزب الله وحلفاءه الاقليميين والدوليين

( سوريا وايران وروسيا) هم الذين يتحكمون بمفاصل الوضع السياسي اللبناني في ظل التسوية القائمة داخليا وتراجع دور قوى 14 اذار وضعف القوى الدولية والاقليمية التي كانت تدعم هذه القوى ( اميركا واوروبا والسعودية) .

ومن خلال ذلك تدّعي هذه الاوساط ان حزب الله يتحكّم بالقرار السياسي الداخلي وقرار الحرب والسلم وهو يسعى الان للامساك بالاوضاع الاقتصادية والمالية لمواجهة الضغوط والعقوبات التي يتعرض لها وتتعرض لها حليفته الاساسية ايران ، وهو يريد فرض رؤيته للحلول ويتصرف كحاكم او مرشد للقوى السياسية والحزبية اللبنانية.

وتضيف هذه الاوساط ان حزب الله وحلفاءه سيسعون في المرحلة المقبلة لتأكيد انضمام لبنان الى المحور السوري – الروسي – الايراني , وابعاده عن المحورالعربي و الاقليمي والدولي المعارض للمحور الاول ، وان هناك خطة متكاملة يتم تنفيذها حاليا تحت عناوين مختلفة مما يضع لبنان في مواجهة السعودية واوروبا واميركا وسياساتها.

وبغض النظر عن مدى دقة وصحة هذه الرؤية والمعطيات , فان من الواضح ان الترويج لسيطرة حزب الله على مفاصل القرار السياسي الداخلي يهدف لتخويف القوى العربية والغربية ومن اجل تشديد العقوبات والضغوط على الوضع اللبناني مما يضع لبنان في وضع صعب في المرحلة المقبلة.

الخيارات المستقبلية

في مواجهة هذه المعطيات التي تنشر عن سيطرة حزب الله على القرار السياسي اللبناني ، ما هي الخيارات المستقبلية للجهات العربية والاقليمية والدولية تجاه الوضع اللبناني في المرحلة المقبلة؟

تقول بعض المصادر المطلعة على اجواء الجهات المعادية لحزب الله وحلفائه : ان القوى الاقليمية والدولية تعتمد عدة اساليب لزيادة الضغوط على حزب الله ، وان الخيار الاقوى حاليا هو الاستمرار بالعقوبات والضغوط على حزب الله وايران , وذلك لتحجيم دورهما واعادة ترتيب الاوضاع في لبنان والمنطقة والتمهيد من اجل اعلان صفقة القرن بشأن القضية الفلسطينية.

لكن هذه المصادر تشير الى عدم وجود رؤية موحدة بين الاوساط العربية والاقليمية والدولية بشأن التعامل مع الوضع اللبناني ، لان هناك دول عربية واوروبية ترفض زيادة الضغوط على لبنان وتطالب بالاستمرار بدعم لبنان ومؤسساته لان انهيار لبنان سيكون له تداعيات خطيرة على الاوضاع الاقليمية والدولية.

وفي مقابل ذلك فان بعض الاوساط الدبلوماسية تتحدث : عن زيادة الضغوط على حزب الله ولبنان في ظل الاوضاع المتفجرة في المنطقة والصراع المتصاعد بين ايران واميركا ، وان خيار اللجوء للحرب العسكرية ضد لبنان سيكون من ضمن الخيارات التصعيدية وان هذه الحرب ستكون مدمرة ولن تكون شبيهة بحرب تموز 2006 بل اشد قسوة.

هذه هي بعض الاجواء التي تثار في بعض مراكز الدراسات والابحثات والاوساط الدبلوماسية في بيروت ، ورغم ان فيها الكثير من المبالغات والتضخيم , سواء لجهة دور حزب الله وحلفائه او تحديد المخاطر المقبلة فانها تستحق الاهتمام والتوقف عندها ودراسة ابعادها ودلالاتها وكيفية التعاطي معها.

قاسم قصير