العدد 1367 / 26-6-2019
قاسم قصير

رغم مشاغل اللبنانيين الداخلية بمناقشة الموازنة والوضع المالي والسجالات التويترية بين القيادات السياسية، فان لبنان لا يزال يحظى باهتمام دولي ومتابعة من قبل الجهات الدولية والعربية والبعثات الدبلوماسية، سواء من خلال الوفود والبعثات المتنوعة التي تزور لبنان ، او عبر الاهتمام الخاص واللقاءات التي يجريها الدبلوماسيون الغربيون مع شخصيات سياسية واعلامية لمتابعة التطورات المختلفة، او عبر قيام بعض القيادات اللبنانية بزيارات خارجية للاطلاع على وجهة نظر بعض الدول من التطورات او تسويق مواقف هذه الشخصيات دوليا.

فما هي ابرز اهتمامات الدول الغربية على الصعيد اللبناني؟ والى اين تتجه الاوضاع اللبنانية في المرحلة المقبلة من خلال التواصل مع بعض الجهات الغربية؟

الاهتمامات الدولية بلبنان

لقد كان ملفتا خلال الاسابيع الماضية زيادة الاهتمام العربي والدولي بالشأن اللبناني ، وقد زار لبنان وفد من مجلس الشورى السعودي والمبعوث الخاص للرئيس الروسي الى الشرق الاوسط ، اضافة لقيام قائد الجيش العماد جوزيف عون بزيارة الى الرياض وواشنطن , حيث تم طرح اسمه كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية .

وبموازا ذلك زارت لبنان عدة بعثات دبلوماسية غربية لاستطلاع الاوضاع ومتابعة التطورات في المنطقة، كما ابدت البعثات الدبلوماسية الغربية اهتماما بمتابعة ما يجري في الخليج وانعكاس الصراع الاميركي – الايراني على الوضع اللبناني , ودور حزب الله في هذا الصراع في حال تصاعد التوتر، كما يواصل الاميركيون اهتمامهم بمتابعة ترسيم الحدود بين لبنان والكيان الصهيوني ، والسعي لاشراك لبنان فيما يسمى : صفقة القرن وورشة البحرين الاقتصادية واغراء لبنان ماليا واقتصاديا للقبول بالصفقة وتوطين الفلسطينيين فيه.

ومن ابرز الموضوعات التي تتابعها الوفود العربية والدولية التي تزور لبنانوالبعثات الاجنبية في هذه المرحلة : التطورات في المنطقة ودور حزب الله في الصراع الاميركي – الايراني، ملف النازحين السوريين ومستقبل العلاقات اللبنانية – السورية , واي موقف سيتخذه لبنان في هذا المجال، كيفية مقاربة لبنان لما يسمى صفقة القرن وردود الفعل السياسية والشعبية وخصوصا من قبل الفلسطينيين في لبنان ، ملف استخراج الغاز والنفط واعادة تشغيل مصفاة النفط في طرابلس، ملف اعادة اعمار سوريا، ودور لبنان في مشروع طريق الحرير الصيني وزيادة الاهتمام الصيني بالاستثمار في لبنان، عودة الهجمات الارهابية ومدى تصاعد هذه الهجمات مستقبلا ، افاق الصراع السياسي الداخلي في ظل الحديث عن تراجع دور السنية السياسية لصالح الدور المسيحي , وما يقوم به الوزير جبران باسيل من خطوات سياسية والصراع على رئاسة الجمهورية، وترسيم الحدود مع سوريا.

افاق الوضع اللبناني

لكن الى اين يتجه الوضع اللبناني من خلال مواكبة التحركات العربية والغربية والتواصل مع بعض الجهات الدبلوماسية الغربية؟

رغم حدة الخلافات الداخلية والازمات التي يواجهها لبنان ، فان الاوساط الدبلوماسية الغربية تؤكد على اهمية حماية الاستقرار اللبناني ومنع تدهور الاوضاع فيه، سواء بسبب الازمات والصراعات في المنطقة او بسبب الازمة المالية والاقتصادية , او نتيجة الصراعات والخلافات الداخلية او بسبب تداعيات ازمة النازحين السوريين ومشروع صفقة القرن.

وتركز الاوساط العربية والغربية على ضرورة وصول اللبنانيين الى حلول عملية لمختلف مشاكلهم وعدم السماح بانتقال الصراع في المنطقة الى الداخل اللبناني او فتح الجبهة اللبنانية مع العدو الصهيوني في ظل احتمال تصاعد التوتر الايراني- الاميركي، وتؤكد معظم هذه الاوساط على الرغبة في مساعدة لبنان واللبنانيين على تجاوز المشاكل التي يعاني منها ، ولكن بشرط ان يبدي المسؤولون اللبنانيون استعدادا جديا لمواجهة الفساد والقيام باصلاح جدي مالي واقتصادي والابتعاد عن صراعات المنطقة.

ومن خلال الاطلاع على اجواء بعض اللقاءات مع الوفود الغربية او الجهات الدبلوماسية , فانه يمكن الاستنتاج : ان لبنان لا يزال يحظى باهتمام عربي ودولي خاص وان هناك حرص على بقاء لبنان بعيدا عن صراعات المنطقة وتحويل لبنان الى مركز للحوارات الثقافية والدينية ، ولذلك تركز العديد من الدول على دعم مشاريع الحوار التي تقوم بها مؤسسات لبنانية او عربية او غربية ويتم صرف الكثير من الموازنات في هذا المجال ، كما ان المؤسسات اللبنانية المهتمة بالحوار الديني تحظى باهتمام خاص من قبل الجهات الدولية.

وفي ضوء كل هذه الاجواء ورغم حدة الخلافات الداخلية واجواء الصراعات في المنطقة يبدو ان القرار الدولي والعربي هو ان يتم الحفاظ على الاستقرار الداخلي في لبنان وعدم انتقال صراعات المنطقة الى الداخل اللبناني.

فهل ستنجح الجهود الدولية في حماية الاستقرار اللبناني , ام ان العواصف القادمة من الخارج والصراعات الداخلية ستطيح بهذا الاستقرار؟

قاسم قصير