العدد 1421 / 15-7-2020
بسام غنوم

يوماً بعد يوم تزداد الأزمتين السياسية والمالية – الاقتصادية التي يعاني منها لبنان واللبنانيون عمقاً وتجذراً في المجتمع اللبناني الذي اصبح على شفير الهاوية في ظل تفاقم الأزمات الاجتماعية والصحية على وجه الخصوص. ومع تجاهل فريق السلطة لكل هذه الأزمات واعتبار ما يجري كأنه مجرد مؤامرة خارجية على لبنان , وهو ما عبر عنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي قدم الى وزير الخارجية ناصيف حتي رسالة احتجاج على تحركات ومواقف السفيرة الأميركية في لبنان دورتي شيا فقال : "احتجاجنا على التدخل الداخلي, بدءاً بالتعيينات مرورا بالموقف التحريضي ضد فئة من اللبنانيين, والاسهاب في الكذب والتضليل حيال دور هذه الفئة ضد خزينة البلد واقتصاده", ويقصد النائب رعد الاتهامات التي توجه الى "حزب الله" من أكثر من طرف سياسي داخلي ومن جهات خارجية ودولية بالمسؤولية عن التهريب في المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا وكذلك في المرفأ والمطار التي تتسبب بخسائر كبيرة للخزينة اللبنانية والاقتصاد اللبناني, دون ان ننسى موقف "حزب الله" من التفاوض مع صندوق النقد الدولي حيث يعتبر الحزب صندوق النقد مجرد أداة في يد الجهات الاستكبارية كما صرح بذلك الشيخ نعيم قاسم أكثر من مرة, ومن هنا يمكن فهم اسباب حالة المراوحة والفشل في محادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي وهو ما عبر عنه مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد جهاد أزعور الذي اعتبر ان "التقدم في المناقشات بطيء, ويرجع ذلك الى ان القضايا معقدة, وجزئياً بسبب تباعد في وجهات النظر بين افرقاء السلطة حول السير قدما" , لأنه كما يبدو الأولوية القصوى لدى فريق السلطة ولا سيما "حزب الله" هي للصراعات الاقليمية وليس لايجاد حلول لأزمات لبنان السياسية والمالية والاقتصادية, وهو ما دفع بالبطريرك بشارة الراعي الى القول في عظة الأحد: "اللبنانيون لا يريدون أن يتفرد أي طرف بتقرير مصير لبنان, بشعبه وأرضه وحدوده وهويته وصيغته ونظامه واقتصاده وثقافته وحضارته, ويرفضون أن تعبث أي أكثرية شعبية أو نيابية بالدستور والميثاق والقانون, وبنموذج لبنان الحضاري, وأن تعزله عن أشقائه وأصدقائه من الدول والشعوب, وأن تنقله من وفرة الى عوز, ومن ازدهار الى تراجع ومن رقي الى تخلف".

وهنا نسأل الى أين يتجه لبنان في ظل الصراعات القائمة بين أهل السلطة وأكثرية اللبنانيين؟

في هذه الأيام يحتل الهم الاقتصادي الأولوية الأولى والأخيرة لدى اللبنانيين الذين يعيشون في ظل انهيار اقتصادي كبير يعصف بلبنان, وفي ظل ازمات متصاعدة مثل ازمة الكهرباء التي تبدو مثل قصة ابريق الزيت حيث لا يعرف اللبنانيون سبب الانقطاع في الكهرباء هل هو بسبب عدم توفر مادة الفيول؟ ام بسبب صراعات خفية بين أهل السلطة على العمولات والسمسرات؟ وزاد الطين بلة تدخل القضاء في موضوع الفيول حيث لم يعد يعرف احد حقيقة ما يجري بسبب التدخلات السياسية لهذا الطرف او ذاك في موضوع الفيول أويل. وفضلاً عن أزمة الكهرباء برزت مجدداً أزمة النفايات بسبب عجر الدولة عن سداد الأموال المتوجبة عليها لشركات جمع النفايات, وكل ذلك يجري مع ارتفاع الاصابات بفيروس كورونا بين اللبنانيين, ومع صراع حول ارقام الخسائر بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان, وفي هذا الاطار كان لافتا قول رئيس لجنة المال والموازنة في المجلس النيابي ابراهيم كنعان: "من يدعي أن ارقام الحكومة صحيحة هو فعلا حزب المصارف ومن يدافع عن أموال الدولة غير الصحيحة هو من صاغها على مدى سنوات وفيها الكثير من الفجوات" وهذا الواقع المالي للدولة والذي يرخي بثقله على لبنان واللبنانيين, إضافة الى حالة الاصطفاف السياسي للفريق الحاكم, هو ما دفع البطريرك الراعي الى الدعوة " من أجل حياد لبنان, كي يكون ارض الحوار كما صوتت عليه الامم المتحدة, ودعوة البطريرك الراعي لحياد لبنان تأتي انسجاماً مع الدعوات العربية والدولية لانقاذ لبنان من ازماته المختلفة اولاً عبر العودة بلبنان الى سياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة, وثانياً عبر القيام بإصلاحات اقتصادية وقانونية تنقذ اقتصاده المنهار.

فهل يستجيب أهل السلطة الى نداءات اللبنانين واصدقاء لبنان, ام يمضون في مسيرة خراب لبنان؟