العدد 1395 / 15-1-2020

عادت قضية تشكيل الحكومة الى المربع الأول في ظل الخلافات المتصاعدة بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر مع الرئيس المكلف حسان دياب الذي يرفض ان يكون موقع رئاسة الحكومة "مكسر عصا" بعدما بلغ التوتر بينه وبين الوزير جبران باسيل مداه الاقصى بعد اصرار باسيل على الحصول على كامل الحصة المسيحية في الحكومة ، وكذلك التدخل في تسمية بعض الوزراء من الطوائف الأخرى ولا سيما من الطائفتين السنية والدرزية ، وتناغم مع موقف باسيل في التشكيلة الحكومية الرئيس عون الذي اعتبر ان الرئيس المكلف حسان دياب تراجع عن المعايير الناظمة لعملية تشكيل الحكومة ، والتي تتصل بهويتها وطبيعة الاسماء الواجب اختيارها وتوزيع الحقائب الوزارية حسب الطوائف والمذاهب ، وتحدثت معلومات عن ان الرئيس عون أرسل الى دياب موفداﹰ ، وهو الوزير سليم جريصاتي ، ليبلغه بشكل غير مباشر بأنه لم يعد مرغوباﹰ فيه كرئيس مكلف ، ومع ذلك بقي دياب على موقفه المتشدد بعدم التنازل عن الصلاحيات التي يملكها كرئيس مكلف لتشكيل الحكومة الجديدة .

وقد تزامنت الضغوط على الرئيس المكلف حسان دياب مع موقف لافت للرئيس نبيه بري دعا فيه الى "ان تقوم حكومة تصريف الاعمال بعملها كاملا في انتظار مراسيم تشكيل حكومة جديدة" ، وهو ما أثار تساؤلات عن اسباب هذه الدعوة المفاجئة لعودة الحكومة المستقيلة الى تصريف الاعمال .

قهل نفضت القوى التي سمت حسان دياب لتشكيل الحكومة يدها منه ، ام هي مجرد مناورات سياسية لخداع اللبنانيين ؟

تظهر الخلافات الناشئة بين الرئيس المكلف حسان دياب والثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر ان الفريق الذي سمى حسان دياب لتشكيل الحكومة الجديدة لم يعد يرى فيه الشخصية المناسبة في المرحلة السياسية الحاضرة .

فالتيار الوكني الحر دخل في مواجهة مفتوحة مع الرئيس المكلف بسبب رفضه لمطالب الوزير جبران باسيل بالهيمنة على كل المقاعد الوزارية في الحكومة ، ودخل معه في خلاف حول توزير دميانوس قطار في وزارة الخارجية او وزارة الاقتصاد ، والرئيس نبيه بري يرفض علنا السير في حكومة تكنوقراط كما يريد حسان دياب ويقول "انني مع دياب في التشكيل لكن من دون ان يقيدني او يقيد نفسه بما لايفرضه عليه الدستور" ويضيف :"الرئيس المكلف يرفض الحزبيين ، لما ان تكليفه تم بدعم اربع كتل حزبية" وفيما يلزم "حزب الله" الصمت لناحية عملية التأليف ويؤكد نوابه على ضرورة تشكيل حكومة انقاذ في اسرع وقت ممكن ، يعلن التيار الوطني الحر والرئيس بري عن عدم رغبتهم بالمشاركة في الحكومة الجديدة التي يعمل عليها حسان دياب وانهما سيكونان في صفوف المعارضة .

واللافت هو ان كل هذه المناورات السياسية وعمليات النمويه والخداع على مختلف الصعد ولا سيما على الصعيد الاقتصادي ، فالدولار وصل سعره الى 2500 ليرة لبنانية ، والمصارف ترفض اعطاء المودعين اموالهم الا بالقطارة ، ويجري الحديث عن اعادة هيكلة الدين العام عن طريق خفض الفوائد على سندات الخزينة ، ويؤكد رئيس جمعية المصارف سليم صفير ان اعادة هيكلة الدين العام ضرورة "والا فستتبخر الاموال وسيكون لبنان بلا سيولة ولا عملة اجنبية يحتاجها لشراء السلع الضرورية" ، والسلع الضرورية والمستلزمات الطبية اصبحت اسعارها خيالية وليست في متناول اللبنانيين ، والبلد ينهار بشكل متسارع ، وحتى الانترنت بحسب مدير عام اوجيرو عماد كريدية قد ينقطع عن لبنان واللبنانيين قريبا في شهر آذار كحد اقصى بسبب العجز عن دفع الاشتراك في خدمة الانترنت للشركات الدولية التي تزود لبنان بالانترنت .

باختصار ، لبنان يسير بسرعة كبيرة نحو الهاوية , والتحركات عادت الى الشارع سواء عبر التظاهرات وقطع الطرق او عبر استهداف المؤسسات الرسمية ولا سيما مصرف لبنان ، وما يشهده لبنان مهزلة سياسية بكل المعايير . فهل يقلب الشعب اللبناني الطاولة على قوى السلطة في الايام القادمة ؟ سؤال سوف يجيب عليه اللبنانيون قريبا جدا .

بسام غنوم