العدد 1381 / 9-10-2019
قاسم قصير

تنشغل الاوساط الدبلوماسية الغربية في بيروت بمتابعة التطورات المتسارعة في لبنان في ظل المخاوف المتزايدة من احتمال تدهور الاوضاع الاقتصادية والامنية نحو الانهيار الشامل، فما هي الانعكاسات المتوقعة بسبب هذا الانهيار( اذا حصل) على الاوضاع الداخلية وفي المنطقة ؟ وما هو مستقبل اللاجئين السوريين وماذا عن دور الجيش اللبناني والاجهزة الامنية؟ وكيف ستكون ادوار الاحزاب والجهات السياسية المختلفة؟ واي مستقبل للدولة اللبنانية في المرحلة المقبلة؟.

فكيف تقيّم الاوساط الاقتصادية اللبنانية ما يجري في لبنان من ازمات ومدى امكانية المعالجة؟.

عن المخاوف من الانهيار

بداية ما حقيقة المخاوف من حصول انهيار مفاجىء؟ وما هي نظرة بعض الاوساط الدبلوماسية الغربية للاوضاع في لبنان؟.

رغم التطمينات المستمرة التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون حول القدرة على معالجة الازمات القائمة اليوم ، فان المخاوف من حصول انهيار اقتصادي ومالي مفاجىء تتردد بين بعض الاوساط الدبلوماسية الغربية في بيروت ، وهذه المخاوف دفعت هؤلاء للبحث عن الانعكاسات المتوقعة لحصول مثل هذا الانهيار , وما هي الاثار المترتبة عليه داخليا وخارجيا.

ومن الاسئلة التي تطرحها هذه الاوساط: هل يمكن ان يقع انهيار مالي او اقتصادي مفاجيء كما حصل مع بعض الدول في اوروبا؟او ان الاجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية ستنجح في لجم هذه المخاوف والمخاطر؟ وما هي الانعكاسات الامنية والاجتماعية في حال حصل مثل هذا الانهيار ؟ وكيف ستتعاطى القوى السياسية والحزبية اللبنانية مع هذه التطورات ؟ ومن هي الجهة التي يمكن ان تستفيد من ذلك داخليا وخارجيا؟ واي مستقبل لوجود اللاجئين السوريين في لبنان اذا حصل هذا التدهور وانعكاس ذلك على الوضع الامني الداخلي؟ وما هو دور الجيش اللبناني والاجهزة الامنية اللبنانية لحماية الامن والاستقرار وهل ستحافظ المؤسسات اللبنانية الرسمية على تماسكها ووحدتها ام قد نستعيد بعض مشاهد الحرب الاهلية والانقسام الذي شهده لبنان قبل اتفاق الطائف؟

طرح هذه الاسئلة من قبل بعض الاوساط الدبلوماسية الغربية في بيروت لا يعني ان الانهيار قادم ، لكن قد يكون الهدف منه دراسة الاحتمالات المتوقعة وكيفية التعاطي معها كي لا تحصل اية تطورات مفاجئة ويكون لها انعكاسات خطيرة داخليا وخارجيا.

القراءات الاقتصادية

لكن كيف يقرأ بعض الخبراء الاقتصاديين والماليين اللبنانيين الاوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان؟ وهل هناك امكانية لمعالجة الازمة القائمة ام ان المخاوف من انهيار قادم حقيقية وواقعية؟

لا توجد رؤية موحدة لدى الخبراء الاقتصاديين والماليين اللبنانيين حول الاوضاع في لبنان ، لكن معظم هؤلاء يؤكدون المخاطر القائمة اليوم والتي انعسكت بشكل مباشر وواضح على الاوضاع الاقتصادية والمالية ، ومن ابرز ملامح الازمة: شح الدولار في الاسواق ، تراجع كمية الموجودات المالية لدى المصارف ومصرف لبنان، عجز الموازنة وميزان المدفوعات، ارتفاع الاسعار، الانكماش في الاسواق واقفال مئات المؤسسات، وسحب مبالغ كبيرة من قبل اللبنانيين ومن المصارف ووضعها في المنازل خوفا من اية تطورات قادمة.

ويستعرض هؤلاء الخبراء العديد من الاسباب المباشرة وغير المباشرة التي اوصلت البلاد الى هذا الوضع ، وهم يؤكدون ان كل الطبقة السياسية اللبنانية تتحمل المسؤولية عما وصلنا اليه ، كما ان سياسات مصرف لبنان لم تكن هي الحل الامثل للازمات وكانت عملية ترقيع ومدخل لما وصلنا اليه اليوم.

لكن هل هناك حلول للازمة؟ ام ان الانهيار قادم لا محالة؟

بعض هؤلاء الخبراء يعبرون عن يأسهم من الوضع ويدعون لثورة شاملة و تغيير شامل او لاجراءات جذرية او غير تقليدية، لكن هناك خبراء اخرون ينشطون مع الجهات الرسمية والحزبية للوصول الى حلول عملية تخفف من اجواء الازمة وتقدم حلولا مستقبلية جذرية، وقد وضعت عدة اوراق عمل واقتراحات ، وكان ابرزها الخطة التي قدمت لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي مهدّت لاعلان بعبدا الاقتصادي، ومعظم الاقترحات تناقش اليوم في اطار البحث عن الموازنة الجديدة ومن خلال اللجان التي شكلت في مجالس الوزراء وكذلك عبر لقاءات حوارية بين مختلف القوى السياسية والحزبية.

ويعتبر بعض هؤلاء الخبراء: ان معالجة الازمة ممكنة وهناك حلول واقعية وعملية ، ولكن المهم وجود القرار السياسي الحاسم والالتزام بما تم الاتفاق عليه سواء في لقاء بعبدا او من خلال ما يبحث خلال مناقشة الموزانة.

وبانتظار تبلور صورة عملية للحلول او حصول تطورات ايجابية خارجية تساعد في تخفيف الازمة القائمة وانعكاساتها فان المخاوف من حصول انهيار مفاجيء ستظل قائمة وعلى امل ان لا يحصل ذلك ويبقى الاستقرار قائما في لبنان لان انهيار البلد سيكون له تداعيات خطيرة داخليا وخارجيا.

قاسم قصير