العدد 1355 / 27-3-2019
بسام غنوم

يحظى الوضع الاقتصادي المتراجع بالكثير من الاهتمام في هذه الفترة , خصوصاﹰ بعدما أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان "سوء الادارة يسهم في عجز الموازنة والتضخم , ويهدد استقرار البلد وقدرته الشرائية وهذا ما يثير مخاوف المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف التي أصبحت نظرتها سلبية للبنان" ، وقد أثار موقف سلامة الكثير من التساؤلات حول طبيعته وتوقيته لا سيما وانه يأتي في ظل الحديث عن عجز مالي كبير في مالية الدولة , وعن عقوبات أميركية جديدة على شركات واشخاص بزعم ارتباطهم ﺑ "حزب الله" ، وهو ما اعلن عنه وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو اثناء زيارته الأخيرة الى لبنان , حيث اتهم "حزب الله" بانه "يسرق موارد الدولة اللبنانية والتي هي ملك شرعي لشعبها الأبي , ويجب الا يجبر الشعب اللبناني على ان يعاني بسبب طموحات سياسية وعسكرية لفئة غير قانونية وروابطها الارهابية" .

واذا كان البعض حاول ويحاول ربط التدهور في الوضعين المالي والاقتصادي بالموقف الاميركي من "حزب الله" وبالضغوط الأميركية على لبنان ، فان المؤشرات المالية وارقام الموازنة تقول عكس ذلك ، فالعجز في موازنة العام 2018 بلغ 11 في المئة فيما مشروع موازنة للعام 2019 يرفع العجز الى 13 بالمئة وهو عكس ما هو مطلوب من لبنان على الصعيد المالي من المجتمع الدولي الذي ربط قروض مؤتمر سيدر1 بخفض النفقات بالموازنة ، وبسياسات تقشفية واضحة ، وهو ما لفت اليه أمين عام الهيئات الاقتصادية نقولا شماس بالقول ان "الضرورات المالية تحتم المحظورات الاصلاحية" وأضاف أنه "لم يعد هناك فترة سماح أمام الحكومة" على الصعيد الاقتصادي لأن "الاصلاح لم يبدأ حتى الآن" .

وهنا يطرح السؤال التالي : هل الحكومة لديها خطة واضحة لمعالجة الوضع الاقتصادي ؟

اثار تعميم وزير المالية علي حسن خليل على جميع مراقبي عقد النفقات ضرورة وقف الحجز كلياﹰ لمختلف انواع الانفاق باستثناء الرواتب والاجور وتعويض النقل المؤقت الكثير من المخاوف في الاوساط المالية والاقتصادية حول الوضع المالي للدولة خصوصاﹰ ان هذا الموقف جاء بعد تحذير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مما آلت اليه الامور على صعيد عجز ميزان المدفوعات الذي سجل في الشهر الأول من العام 2019 عجزاﹰ بقيمة 1,38 مليار دولار ، ومطالبته الرئيس الحريري بالبدء بالاجراءات التي تعهدتها الحكومة على الصعيد الاقتصادي خصوصاﹰ بالنسبة لمؤتمر سيدر1 ، وقوله ان على "قياديي البلد مسؤولية كبيرة في الحجم الكبير للقطاع العام الذي بات يبلغ 35 في المئة من الناتج المحلي مقارنة مع 17 في المئة قبل الحرب" ، وقد اثارت مواقف وزير المالية علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ردود فعل سلبية تجسدت بارتفاع الفوائد على الليرة اللبنانية .

ويبدو من هذه المواقف المالية والاقتصادية ان هناك غياباﹰ لأي خطة اقتصادية اصلاحية للحكومة ، وهو ما أكده النائب ياسين جابر الذي علق على كلام حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أن المؤسسات الدولية لمست ان الحكومة لا تملك أي خطة اصلاحية ، بالقول : "سبق ان حذرنا من هذا الكلام ، فواضح ان الحكومة لم تتخذ اياﹰ من الخطوات الجدية التي ينتظرها المجتمع الدولي ، فسابقاﹰ كان يقال ان امامها شهرين أو مئة يوم لتتخذ خطوات اصلاحية ، ولكن لا يظهر انها مستنفرة أو أنها تشعر بجدية الوضع" .

فالحكومة غارقة بخلافاتها الداخلية وبالمحاصصات والتعيينات في ادارات الدولة ، فيما الهم الاقتصادي على ما يبدو في آخر اهتماماتها , وهو ما ينعكس سلباﹰ على مجمل الوضع الاقتصادي ، وزاد الطين بلة تهديدات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اثناء زيارته الاخيرة الى لبنان الذي توجه الى اللبنانيين بالقول ان "الأمر يتطلب شجاعة من الشعب اللبناني للوقوف بوجه اجرام حزب الله وتهديداته" , واضاف "ان لبنان وشعبه يواجهان بصراحة خيارين اما المضي قدماﹰ كشعب أبي او السماح لطموحات ايران وحزب لله السيئة بأن تسيطر وتهيمن عليه" .

فهل تبادر الحكومة الى تصحيح مسارها وتولي اهتمامها للوضع الاقتصادي المتدهور , ام ان الخلاف المستمر على الجبنة الحكومية سيودي بلبنان الى الهاوية ؟

بسام غنوم