العدد 1489 /1-12-2021

بدأ التصعيد السياسي يفعل فعله على الساحة اللبنانية مع استمرار تعطل عمل الحكومة وبلوغ الوضع الاقتصادي مرحلة الخطر مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية امام الدولار الاميركي ، وهو ما رأت فيه بعض القوى والاحزاب فرصة من اجل القيام بتحركات في الشارع من اجل كسب بعض العطف من اللبنانيين الذين يشكون من شدة الضغوط الاقتصادية التي يتحمل جزءا كبيرا من مسؤوليتها بعض القوى التي تدعي اليوم انها تتحرك في الشارع عبر مناصريها دفاعا عن معيشة اللبنانيين ، ويبدو ان هذه التحركات التي دعا اليها انصار تيار المستقبل تهدف الى تهيئة الشارع السني مجددا للقبول بخيارات رئيسه سعد الحريري الذي اشاع انه عائد الى لبنان ، ومن ثم أعلنت مصادره انه تلقى تحذيرات من جهات امنية داخلية وخارجية ان هناك خطرا على حياته في حال عودته الى لبنان حاليا.

ولا يقتصر الامر على تيار المستقبل الذي يعيش حالة من الفراغ والفوضى وعلى كل المستويات بسبب رفع السعودية الدعم والغطاء السياسي عن رئيسه سعد الحريري ، ولكن هناك مؤشرات ان ماهو هو قادم في الفترة القادمة على الصعيدين السياسي والامني سيكون اشد خطورة مما هو عليه الآن ، فالحكومة مازالت عاجزة عن الاجتماع منذ 12 تشرين اول الماضي ، وكل الجهود التي بذلت لحل مشكلة انعقادها مازالت عالقة عند مطالب الثنائي الشيعي بعزل المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، والازمة مع السعودية ودول الخليج العربي لم تجد طريقها الى الحل وكأن المطلوب استمرار عزل لبنان عن محيطه العربي سياسيا واقتصاديا، والاخطر من ذلك كله هو ان القضاء اللبناني اصبح في دائرة الشبهات مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية حيث قال السيد حسن نصر الله مجددا في كلمة له "وأنا أؤكّد كل الذي قلناه خلال الفترة الماضية المسار القضائي الحالي هو مسار استنسابي سياسي لا يوصل لا إلى حقيقة ولا إلى عدالة" ، وأضاف : "الذي يجري الآن هو أنّ بعض القضاء اللبناني يحمي بعضه بعضًا" .

فهل سيكون لبنان قادرا على انجاز استحقاق الانتخابات النيابية والرئاسية مع محاولة البعض اللعب على الغرائز الطائفية ، وتشكيك البعض الآخر بنزاهة القضاء اللبناني ؟

شهد لبنان في الايام القليلة الماضية عدة احداث توحي ان البلاد قادمة على تطورات خطيرة كلما اقترب موعد الانتخابات النيابية ، فتيار المستقبل قام بتحركات استعراضية في الشارع عبر الدعوات لقطع الطرقات بهدف شد العصب الطائفي والسياسي لانصاره بعد تفكك وضعه التنظيمي وتراجع شعبيته في الساحة السنية وعلى المستوى الوطني ، وهذا التحرك لانصار تيار المستقبل في الشارع لا يمكن تفسيره الا بأمرين الامر الاول وهو انه يريد ان يقول للقوى السياسية وللناس انه مازال موجودا رغم كل ما يقال عن تردي وضعه التنظيمي ، والثاني هو محاولة اعطاء هالة لعودة الحريري المتوقعة الى لبنان في الفترة القادمة بعد الحديث عن نيته العزوف عن المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة ويدخل الحديث عن مخاطر امنية تهدد عودة الحريري الى لبنان في هذا الاطار.

اما الحدث الثاني البارز فهو ماجرى في انتخابات نقابة اطباء الاسنان حيث توقف فرز الاصوات بعد فرز ربع الصناديق وجرى افشال العملية الانتخابية عبر الاستيلاء على باقي الصناديق ورمي اصوات المقترعين على الارض من قبل بعض الجهات المتضررة من نتيجة الانتخابات التي كانت تشير نتائجها الاولية الى فوز مرشح المعارضة رونالد يونس بمنصب النقيب بحجة وجود تلاعب في فرز الاصوات، واشار رئيس حزب الكتائب سامي الجميل عبر "تويتر" إلى أن "عناصر مسلحة من (حزب الله) من خارج الأطباء يعتدون على موظفي الفرز ويحطمون الصناديق في مشهد لا يبشر خيراً للانتخابات النيابية المقبلة"، بدوره أعلن "تيار المستقبل" إدانته لما قام به "مناصرو بعض الأحزاب بتكسير صناديق الاقتراع في انتخابات نقابة أطباء الأسنان، وفرض إلغاء العملية الانتخابية بقوة البلطجة، مما يعرض الحياة الديمقراطية وتداول السلطة في النقابات للخطر والعودة بها لزمن الهيمنة وفرض الرأي بالقوة" ، وفيما نفى "حزب الله" مسؤوليتة عن ما جرى في انتخابات نقابة اطباء الاسنان تحدثت معلومات موثوقة "عن اجتماعات تحصل من أجل انشاء نقابة للمحامين تضم الجنوب والبقاع بما فيه البقاع الغربي والجبل بعد النتائج غير الوطنية في انتخابات نقابة محامي بيروت" ، وهذا الامر اذا تحقق فانه يؤشر الى طبيعة التحديات الخطيرة التي تهدد استحقاق الانتخابات النيابية والرئاسية القادمة مع قول الرئيس عون انه لن يسلم الفراغ رغم تأكيده من الدوحة انه جرى استثمار تصريحه بشكل سيء ، و اضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة إنه لن يبقى في قصر بعبدا (الرئاسي) بعد انتهاء ولايته في 31 تشرين الأول 2022، و"لكن إذا قرر مجلس النواب بقائي فسأبقى". ، ومع تشكيك السيد حسن نصر الله مجددا بنزاهة القضاء اللبناني من بوابة التحقيق في انفجار المرفأ وقوله "وأنا أؤكّد كل الذي قلناه خلال الفترة الماضية المسار القضائي الحالي هو مسار استنسابي سياسي لا يوصل لا إلى حقيقة ولا إلى عدالة" و أضاف قائلا "الذي يجري الآن هو أنّ بعض القضاء اللبناني يحمي بعضه بعضًا".

بالخلاصة يمكن القول الاستحقاقات الانتخابية القادمة في خطر سواء من قبل من لايريد لهذه الانتخابات ان تتم في ظل الظروف القائمة ، او من قبل من يريد الاستفادة من استحقاق الانتخابات من اجل مطامعه وحساباته السياسية والشخصية ، وفي كلتا الحالتين سيدفع لبنان واللبنانيون الثمن من حياتهم ومستقبل وطنهم .

بسام غنوم