العدد 1386 / 13-11-2019

ما زالت الازمة السياسية التي يعيشها لبنان تراوح مكانها رغم مرور ما يقارب الشهر على انطلاقة الحراك الشعبي الرافض لبقاء الطبقة السياسية الحالية , المسؤولة مسؤولية مباشرة عن حالة الانهيار والاستعصاء الاقتصادي والسياسي الذي يعيشه لبنان ، ورغم مرور 15 يوماﹰ على استقالة الرئيس سعد الحريري تلبية لمطالب الحراك الشعبي ، ومع ذلك ما زال هناك فريق يراهن على تعب اللبنانيين وتراجعهم عن مطالبهم بالتغيير ومكافحة الفساد ولا سيما في الشأنين السياسي والاقتصادي حيث يعتقد فريق الثنائي الشيعي المؤلف من "حزب الله" وحركة أمل ومعهم التيار الوطني الحر ان الاستجابة لمطالب غالبية الشعب اللبناني سواء فيما يتعلق بشكل وطبيعة الحكومة الحديدة او بالنسبة الى الاصلاحات السياسية والاقتصادية انما هو بمثابة انقلاب على نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في العام 2018 وبالتالي فان كل ما يجري من اتصالات ولقاءات من أجل الوصول الى حلول سياسية للأزمة القائمة انما يصب في العودة الى ما قبل انطلاقة الحراك الشعبي في 17 تشرين أول الماضي باعتبار أن الشعب قال كلمته في الانتخابات النيابية اولاﹰ ، وأن ما يجري مؤامرة تقودها بعض السفارات الاجنبية والعربية ثانياﹰ ، ولذلك تبدو الاتصالات التي اجراها الوزير باسيل ويجريها حالياﹰ ممثلي الثنائي الشيعي مع الرئيس سعد الحريري وكأنها تدور في حلقة مفرغة وهي أقرب الى حوار الفرشان ان صح التعبير لأن الرئيس سعد الحريري مازال حتى الآن يرفض التنكير لمطالب الجراك الشعبي بالتغيير ، ويرفض ايضاﹰ العودة الى ماقبل فترة الحراك الشعبي عبر صيغة حكومية تكنو-سياسية او حكومة سيادية كما يعبر عن ذلك السيد حسن نصرالله .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل يمكن ان تستمر الامور على ما هي عليه الآن في ظل حالة الاستعصاء السياسي القائم حالياﹰ ؟

يبدو من كلام السيد حسن نصرالله في مناسبة "يوم الشهيد" أن سبب كل الازمات التي يعيشها لبنان حالياﹰ هو الولايات المتحدة الأميركية التي تمنع الشركات الصينية ان تستثمر مليارات الدولارات في لبنان ، وتوجه الى اللبنانيين بالقول : "اريد أن اوضح مسؤولية الادارة الاميركية عن الوضع في لبنان ومسؤولياتها عن منع لبنان من استعادة عافيته وتعميق المأزق" .

اذاﹰ ، فالازمة الحالية في لبنان سببها الادارة الأميركية والحل هو بحسب السيد نصرالله يكون عبر "ان تتواصل الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية لايصال المنتجات اللبنانية الى العراق عبر معبر البوكمال" وأن تتشكل حكومة تأخذ المصالح اللبنانية في الاعتبار وتملك شجاعة القول للأميركي ان هذه مصلحة وطنية لبنانية و"اسمحلي وحل عن سماي" .

وهذا الكلام يعني ان ما يجري حالياﹰ من حراك شعبي كبير في مختلف المناطق اللبنانية انما هو بسبب المؤامرات الأميركية على لبنان وعلى مايسمى ﺑ "محور الممانعة" ، وهو ما يعيدنا ويعيد اللبنانيين الى نظرية المؤامرة التي استهلكت الشعوب العربية منذ خمسينات القرن الماضي وأوصلت البلاد والشعوب العربية الى حالة القلق والفساد على كل المستويات , سواء على مستوى الحكم او على مستوى ادارة الدول .

واذا كانت الأمور على هذا المستوى من الرؤية والتحليل لكل ما يجري في لبنان حالياﹰ من قبل الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر ، فهذا يعني أن الأزمة الحالية طويلة جداﹰ وأن الحلول مستبعدة في القريب العاجل .

لكن اليسأل الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر انفسهم لماذا ثار الشعب اللبناني بعد ثلاث سنوات من التسوية السياسية التي جاءت بالرءيس ميشال عون الى رئاسة الجمهورية ؟! ، الم يسألوا انفسهم عن سبب تفشي الفساد والمحسوبية في ادارات الدولة باعتراف المسؤولين في السلطة ؟ ، الم يسألوا عن المسؤول عن التعطيل في التعينات في ادرات الدولة وفي مصرف لبنان بسبب سياسة المحصاصة السياسية والطائفية ؟ ، الم يسألوا عن المسؤول من وصول الامور الى ماهي عليه سياسياﹰ واقتصاديا حتى خرج اللبنانيونكبارهم وصغارهم الى الشارع مطالبين بمحاسبة الطبقة السياسية الحالية ورافعي شعار "كلن يعني كلن" .

بالتأكيد لم يسألوا أنفسهم ، عن ذلك ابداﹰ لأنهم يعتبرون انفسهم فوق المسألة ، وان المخابرات الاميركية والعربية هي التي تحرك اللبنانيين بالتالي فان الأومة الحالية التي يعيشها لبنان مفتوحة على كل الاحتمالات حتى يقضي الله أمراﹰ كان مفعولا .

بسام غنوم