العدد 1337 / 14-11-2018
قاسم قصير

رغم تأزم الوضع الداخلي اللبناني بسبب الازمة الحكومية، بقي لبنان محور اهتمام القوى الدولية التي تسعى لحماية الاستقرار اللبناني والتوصل الى حلول لازماته المختلفة.

ولقد برزت في المرحلة الاخيرة زيادة الاهتمام الروسي والفرنسي بمتابعة التطورات اللبنانية والسعي لمعالجة الاجواء المتفجرة، وتجلّى الاهتمام الروسي من خلال سلسلة الزيارات لعدد من القيادات اللبنانية الى روسيا، ومتابعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للوضع اللبناني بشكل مباشر، في حين استمر الاهتمام الفرنسي بلبنان من خلال زيارة موفد فرنسي خاص للبنان بعد زيارته الكيان الصهيوني، اضافة لسلسلة اللقاءات التي عقدها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع عدد من القيادات الدولية ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لمعالجة الازمة اللبنانية.

وفي الوقت نفسه فإن العديد من الدول الغربية والامم المتحدة تتابع التطورات اللبنانية، وتسعى للحفاظ على الاستقرار اللبناني ومعالجة الازمات المتفاقمة فيه.

فإلى أين يتجه الاهتمام الغربي بلبنان؟ وماذا عن المساعي الروسية والفرنسية حول الوضع اللبناني؟ وما هي آفاق الاوضاع في لبنان على ضوء هذا الاهتمام؟

طبيعة الاهتمامات الغربية بلبنان

منذ تفجر الثورات العربية، ولا سيما امتداد هذه الثورات الى سوريا، يشهد لبنان اهتماماً غربياً متزايداً، حيث عملت معظم هذه الدول على العمل لحماية الاستقرار الامني ومنع تفجّر الاوضاع في لبنان، وشكّل وجود حوالي مليون ونصف لاجئ سوري في لبنان، احد الاسباب الاساسية لزيادة الاهتمام الغربي بالوضع اللبناني، وذلك لمنع انتقال هؤلاء اللاجئين الى اوروبا، اضافة لمتابعة المجموعات الارهابية التي انتقل عملها الى لبنان، وتلقى لبنان دعماً مالياً ولوجيستياً ومعلوماتياً كبيراً من عدد من الدول الغربية، للسيطرة على الحدود وتعزيز دور الجيش اللبناني والاجهزة الامنية من اجل مواجهة الارهاب والقضاء على المجموعات الارهابية.

اضافة إلى منع انعكاس الازمة السورية على الوضع اللبناني، فإن التطورات في جنوب لبنان والعمل للتنقيب عن الغاز والنفط وسلاح حزب الله وخصوصاً الصواريخ المتطورة، كانت من ابرز اهتمامات الدول الغربية والامم المتحدة، وتعززت المساعي الاميركية والغربية للحفاظ على الاستقرار على الحدود اللبنانية – الفلسطينية، ومنع تحول ايّ توتر على الحدود الى حرب جديدة.

الاهتمام الروسي والفرنسي

لكن ماذا عن زيادة الاهتمام الروسي والفرنسي بالوضع اللبناني؟ وماذا عن آفاق الوضع المستقبلي بلبنان؟

لقد برز في المرحلة الاخيرة زيادة الاهتمام الروسي والفرنسي بالوضع اللبناني، فروسيا تبنّت مبادرة خاصة لإعادة اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان وبعض دول المنطقة الى سوريا، كما استقبل المسؤولون الروس عدداً كبيراً من القيادات اللبنانية للتداول معها حول الاوضاع اللبنانية.

وتشير مصادر مطلعة على الاجواء الروسية: "ان زيادة الاهتمام الروسي بلبنان ارتبط بتطور الدور الروسي في سوريا والمنطقة، وهو استكمال لهذا الدور في مرحلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ايام الاتحاد السوفياتي، وان كانت طبيعة الدور وآفاقه قد تغيرت اليوم، وروسيا تطمح ان تشكل مظلة جديدة لللقوى السياسية اللبنانية في ظل تراجع دور بعض الدول الغربية".

أما بشأن الدور الفرنسي، فهذا الدور ليس جديداً على الصعيد اللبناني، لكن منذ ازمة اختطاف الرئيس سعد الحريري في السعودية، فإن هذا الدور يتجه نحو الازدياد، ويتولى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصياً متابعة الملف اللبناني، وتجلى ذلك بالدور الكبير الذي لعبه من اجل انقاذ الرئيس الحريري، كما استكمل الدور الفرنسي من خلال عقد مؤتمر سيدر لإنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي اللبناني. وفي الايام الاخيرة تحرك الفرنسيون مجدداً للاهتمام بالوضع اللبناني بسبب التخوف من الكيان الصهيوني وإطلاق تهديداته ضد لبنان وحزب الله واستهداف صواريخ الحزب ومخازن الاسلحة، كما اهتم الفرنسيون بمتابعة الازمة الحكومية والعمل للوصول الى حلول لها.

هذا الاهتمام الغربي والدولي بالوضع اللبناني، وزيادة الاهتمام الروسي والفرنسي، في ظلّ تراجع الدور الاميركي، يؤكد أن لبنان سيظلّ يحظى برعاية دولية خاصة حفاظاً على الاستقرار السياسي والأمني ومنع تفجّر الاوضاع.

ويشكل ملف اللاجئين السوريين ودور حزب الله وصواريخ الحزب وملف الغاز والنفط وضبط الاوضاع على الحدود الجنوبية والشرقية احد ابرز الاهتمامات لدى الجهات الدولية، ولذا يحظى لبنان بمزيد من الاهتمام في هذه المرحلة، لأن لا مصلحة للجهات الغربية بتفجير الوضع اللبناني وضرب الاستقرار في هذا البلد.

قاسم قصير