العدد 1353 / 13-3-2019
قاسم قصير

تنشط مؤخرا بعض المؤسسات والشخصيات الاسلامية في لبنان من اجل اعادة تفعيل التواصل بين القوى والهيئات الاسلامية ، ولمعالجة الاشكالات والثغرات التي واجهت العلاقات بين القوى والحركات الاسلامية طيلة السنوات الثمان الماضية.

وتعتبر هذه الجهات الفاعلة ان الاوضاع الداخلية والخارجية تشهد اليوم متغيرات عديدة , مما يفرض على هذه القوى والحركات اعادة تفعيل التواصل بينها لدراسة هذه المتغيرت والبحث عن مساحات مشتركة للتعاون في المرحلة المقبلة.

فماهي الاسس التي تستند اليها هذه المبادرات الاسلامية لتفعيل العلاقات بين القوى والحركات الاسلامية اليوم؟ وهل ستنجح هذه المبادرات في اعادة تفعيل هذه العلاقات واعادتها الى سابق عهدها؟.

الاسباب والمبررات

بداية الى ماذا تستند المبادرات والجهود التي تتحرك اليوم من اجل اعادة تفعيل العلاقة بين القوى والحركات الاسلامية في لبنان؟.

تقول مصادر اسلامية مطلعة على اجواء هذه المبادرات والجهود : لقد شهد لبنان والمنطقة طيلة السنتين الاخيرتين تطورات مهمة تفرض على القوى والحركات الاسلامية اعادة البحث في طبيعة العلاقات فيما بينها , والعمل لوضع رؤية جديدة حول طبيعة هذه العلاقات في المرحلة المقبلة .

ومن ابرز التطورات والمتغيرات التي شهدها لبنان والمنطقة:

اولا : اجراء الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة واعادة رسم خريطة جديدة للتحالفات السياسية والحزبية ، والمشكلات التي تواجهها بعض القوى الاسلامية على ضوء هذه المتغيرات ، مما يفرض على الجميع اعادة تقييم هذه التطورات وضع رؤية جديدة للتعاطي معها.

ثانيا : التطورات الميدانية في سوريا والعراق واليمن ، والجهود التي تبذل بين روسيا وايران وتركيا للتوصل الى حلول للازمة السورية والجهود الدولية بشأن الازمة اليمنية ، وتراجع دور بعض القوى الاسلامية اللبنانية في هذه الازمات ، وكل ذلك يفرض اعادة تقييم ما جرى والبحث في كيفية الخروج من هذه الازمات والمساعدة في الحلول التي ترسم لدول المنطقة بدل الاكتفاء بدور المتفرج او المساهم بالازمات.

ثالثا: الاستعدادات الاميركية – الاسرائيلية- العربية للاعلان عما يسمى صفقة القرن حول القضية الفلسطينية والهادفة لتصفية هذه القضية وضرب قوى المقاومة ، وهذا يتطلب توحيد الجهود لمواجهة هذه الصفقة.

رابعا : تصعيد الجهود الدولية والاقليمية والعربية لمواجهة القوى الاسلامية على اختلاف تنوعاتها وتحت مسميات مختلفة، وزيادة الاستهداف لكل الحركات الاسلامية بدون تمييز.

امكانية نجاح المبادرات

لكن هل يمكن ان تنجح هذه المبادرات وتعود العلاقات بين القوى الاسلامية الى سابق عهدها؟

تجيب المصادر الاسلامية : المراقب للاوضاع الاسلامية في هذه المرحلة يلحظ بوضوح تراجع حدة التوترات المذهبية التي كانت سائدة طيلة السنوات الماضية ، وهذه الاجواء الايجابية تساعد في توفير الظروف المناسبة لعودة العلاقات بين القوى الاسلامية.

كما شهدنا في الاشهر الاخيرة عدة مؤشرات ايجابية قد تساعد في اعادة تفعيل العلاقات بين القوى الاسلامية.

ومن هذه المؤشرات : القرار الذي اتخذه الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في مؤتمره الاخير الذي عقد في اسطنبول باعادة التواصل مع الشخصيات الاسلامية المتنوعة من اجل مشاركتها في نشاطات الاتحاد، انعقاد عدد من اللقاءات الاسلامية بين ممثلي الحركات الاسلامية الفاعلة لبحث الاوضاع المستجدة ودراسة كيفية تفعيل هذه العلاقات، قيام وفود ايرانية بزيارة بيروت لتقييم المرحلة الماضية والبحث في اعادة تفعيل العلاقة مع القوى الاسلامية، صدور بعض المواقف من عدد من القيادات الاسلامية الداعية لمراجعة المرحلة الماضية والبحث عن افاق عمل جديدة في المرحلة المقبلة، انعقاد سلسلة ندوات واجتماعات لتقييم واقع العلاقات الاسلامية وكيفية الخروج من المأزق القائم.

على ضوء هذه المعطيات نحن امام تطورات ايجابية قد تساعد في اعادة تفعيل العلاقات بين القوى الاسلامية، لكن ذلك لا يعني ان المسار الايجابي في هذا الاتجاه لا يواجه اية عقبات ، فنحن لا زلنا نعيش بعض الاجواء السلبية من اثار التطورات التي حصلت في السنوات الماضية، كما ان المعركة على الفساد التي اطلقها حزب الله مؤخرا اعتبرها البعض انها تستهدف رموزا محددة ، وهذا يفرض الاخذ بعين الاعتبار هذه المعطيات ، يضاف لذلك ان هناك جهات خارجية وداخلية لا ترغب بعودة العلاقات بين القوى الاسلامية الى سابق عهدها.

وبالاجمال يمكن القول اننا اليوم امام مرحلة جديدة يمكن الاستفادة منها لتفعيل العلاقات بين القوى الاسلامية ، لكن المبادرات الناشطة في هذا المجال تحتاج للمزيد من الجهود والنشاط كي تحقق اهدافها المطلوبة.

قاسم قصير