العدد 1354 / 20-3-2019
بسام غنوم

أثارت السجالات السياسية المتصاعدة في الحكومة الكثير من الشكوك حول اسبابها وخلفياتها , خصوصاﹰ أنها في بداية عمل الحكومة التي لم تعقد أكثر من أربع جلسات , ومع ذلك تفجر الخلاف في العلن حول ملف التعيينات في المجلس العسكري وكذلك في وزارتي الأشغال والشؤون الاجتماعية , حيث يتهم حزب القوات اللبنانية وتيار المردة التيار الوطني الحر بمحاولة الاستئثار بالتعينات الخاصة بالموظفين المسحيين في هذه الوزارات .

الا أن أكثر السجالات السياسية حدة وعنفاﹰ كانت تلك المتعلقة بموضوع المشاركة في مؤتمر بروكسل3 الخاص بقضية النازحين السوريين , حيث اعتبر الوزير باسيل أن "دولاﹰ كبيرة تمنع عودة النازحين الى بلادهم ولن نسمح بسقوط لبنان تحت ذرائع الانسانية" واضاف متوجهاﹰ الى جمهور التيار الوطني الحر في احتفال بمناسبة ذكرى 14 آذار "انني هنا اليوم ولست في بروكسل , لأن مؤتمرات مثل مؤتمر بروكسل تمول بقاء النازحين ونحن نريد مؤتمرات تعيد النازحين الى سوريا" ، وتابع قائلاﹰ "اما عودة نازحين أو لا حكومة واما طرد الفساد عن طاولة مجلس الوزراء او لا حكومة , واما صفر عجز كهرباء او الحكومة صفر ولا حكومة" .

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل السجالات والخلافات داخل الحكومة وعبر المنابر الاعلامية هو : هل هناك حرب خفية داخل الحكومة لوضع اليد عليها او لابقائها ضعيفة ومهتزة ؟

كشفت السجالات والخلافات حول مشاركة لبنان في مؤتمر بروكسل3 الخاص بقضية النازحين السوريين في الدول المجاورة لسوريا ان هناك فريقاﹰ يريد ان يركب موجة النازحين السوريين لتحقيق اهداف سياسية لا علاقة لها من قريب او بعيد في قضية عودة النازحين السوريين الى بلادهم .

فالوزير جبران باسيل حاول تجيير عدم مشاركته في الوفد اللبناني الرسمي المشارك في مؤتمر بروكسل3 بأن هذا المؤتمر انما هو من أجل تمويل "بقاء النازحين ونحن نريد مؤتمرات تعيد النازحين الى سوريا" وتابع قائلاﹰ "اما عودة النازحين او لا حكومة واما طرد الفساد عن طاولة مجلس الوزراء او لا حكومة" ، وهو مارد عليه تيار المستقبل عبر محطة "المستقبل" بالقول :"فليتفضل مقدمو اوراق الاعتماد للممانعة باعادة النازحين , فلا أحد يمنعهم من ذلك" واضافت "هم يريدون تطبيع العلاقة مع نظام بشار الأسد الذي يضع رئيس حكومتهم على لوائح الارهاب" .

الا أنه بعد هذا لسجال الصاخب الذي وضع الحكومة على صفيح ساخن , بادر الوزير جبران باسيل والرئيس الحريري الى تهدئة الأمور مجدداﹰ ، والتأكيد على حسن العلاقة بين الطرفين ، وهو ما يثير التساؤلات عن الاسباب التي تدفع البعض باستمرار الى دفع الأمور الى حافة الهاوية على الصعيد الحكومي ومن ثم المبادرة الى التهدئة وتبريد الأمور مجدداﹰ .

في هذا الاطار ترى بعض المصادر السياسية ان ما يجري هو اشبه بالحرب الخفية داخل الحكومة تحت عناوين النازحين ومحاربة الفساد والصلاحيات ... الخ

فالتيار الوطني الحر و "حزب الله" لا يريدان اسقاط الحكومة ولكن يريدانها مهتزة على الدوام من أجل وضع اليد عليها وعلى مقرراتها ، وتقييد سلطات الرئيس الحريري .

فالوزير جبران باسيل يريد عبر مواقفه ومناكفاته وضع اليد على حصة المسحيين في الدولة ، وكذلك اعطاء صورة عن نفسه انه الحامي للوجود المسيحي في لبنان ، وقد عبر عن ذلك بوضوح في المؤتمر السنوي ﻠ "التيار الحر" فقال "لقد كنت مرغماﹰ من اجل التيار والرئيس والبلد , وان شاء الله في أول فرصة بقدر اطلع كرمال حالي ومصلحتي وموقعي" واضاف "نحن في حكم منبثق من الناس ولأجل الناس" .

اما "حزب الله" الذي يرفع شعار محاربة الفساد ، فهو يريد المحافظة على الحكومة وعلى بقاء الرئيس الحريري على رأسها ليس حباﹰ بالرئيس الحريري ولكن لأنه يعلم انه في ظل الضغوط الأميركية على ايران في المنطقة وعلى "حزب الله" في لبنان ، فلا يوجد بديل للرئيس سعد الحريري ، وهو مع ذلك وحتى يبقي الوضع الحكومي تحت سيطرته يثير موضوع محاربة الفساد من أجل ارباك الرئيس سعد الحريري لا أكثر ولا أقل .

باختصار ، الحكومة تعيش في ظل حرب خفية بين اركانها والخاسر هو لبنان واللبنانيين . ﻔﺇلى متى يبقى لبنان أسير مصالح البعض وحساباته الداخلية والخارجية ؟

بسام غنوم