العدد 1552 /1-3-2023
قاسم قصير

يشهد لبنان والمنطقة المحيطة به أجواء توتر وتهديدات متبادلة بين الكيان الصهيوني وقوى المقاومة وخصوصا حزب الله وايران ، في حين تشهد المناطق الفسطينية تصعيدا في المواجهات بين المقاومين والجيش الصهيوني والمستوطنين ، وتهدد قوى المقاومة في فلسطين بالرد القاسي على الاعتداءات الصهيونية في كل الساحات ، كل هذه التطورات تجعل احتمال نشوب حرب واسعة في المنطقة بين قوى المقاومة والعدو الصهيوني أمر وارد في حال لم يتم تهدئة الاوضاع والوصول الى تسويات شاملة .

فما هي اسباب تصاعد التهديدات بين قوى المقاومة والكيان الصهيوني وخصوصا مواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والذي هدّد بنقل المعركة الى داخل الكيان الصهيوني ؟ وهل ان خيار الذهاب الى حرب شاملة في المنطقة أصبح قريبا؟

أسباب تصاعد التهديدات بين المقاومة والكيان الصهيوني

بداية ما هي أسباب تصاعد التهديدات المتبادلة بين قوى المقاومة والعدو الصهيوني ؟ ولماذا هدّد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بنقل المعركة الى داخل الكيان الصهيوني؟

يعود تصاعد التهديدات بالحرب الى اسباب داخلية واقليمية ، فلبنان يشهد هذه الايام ضغوطا متعددة قد تدفع الاوضاع نحو الفوضى في ظل رهان من بعض القوى الداخلية والخارجية على استغلال ذلك للضغط على حزب الله من أجل الرضوخ لشروطهم في محتلف الملفات ، في الوقت نفسه بدأ العدو الصهيوني استخراج وتصدير الغاز والنفط من حقل كاريش ، في حين أن لبنان لم يستطع حتى الان الاستفادة من اتفاق الترسيم البحري من اجل تحسين الوضع الاقتصادي ، مما جعل بعض الاوساط السياسية والاعلامية تعتبر ان لبنان وحزب الله تعرضا لخدعة من اميركا والكيان الصهيوني ، فالعدو استفاد من الترسيم البحري في حين يغرق لبنان بالازمات المختلفة ولم يتلق المساعدات الكاملة .

لكن هناك وجهة نظر أخرى تعتبر ان المواقف التصعيدية لامين عام حزب الله السيد حسن نصر الله مرتبطة ايضا بالتطورات في فلسطين والمنطقة وتصاعد التهديدات الصهيونية بشن حرب على ايران واستمرار سياسة القمع ضد الشعب الفلسطيني.

أما المؤشرات الاخرى حول التصعيد فقد جاءت كلها من جانب الإدارة الأمريكية ورئيس الحكومة الصهيونية بنيمين نتنياهو. وذلك من خلال تصعيد المواجهة معإيرانومحور المقاومة، الأمر الذي أخذ مع الردود عليه يُدخل الوضع في منطقتنا إلى احتمال اندلاع حرب إقليمية، أوسع وأخطر من الحرب في أوكرانيا. وقد جاء العدوان العسكري على حي كفرسوسة في دمشق، ليشكل خرقاً لما على ما كان سائداً من قواعد الاشتباك، كما يعلن الدخول في مرحلة جديدة ذاهبة لطرق أبواب الحرب الإقليمية.

فعندما يصرّح نتنياهو، إثر ذلك العدوان، بأنه لن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي ، كما لن يسمح "بالتموضع الإيراني فيسوريا"، فهذا يعني أن القصف الصهيوني في 19 شباط/ فبراير 2023 على سوريا، دخل في مرحلة جديدة من استهداف المواقع والأشخاص، وهو ما سيشمل أفراداً من حزب الله كذلك. فنتنياهو أخذ يُغيّر في قواعد الاشتباك التي سادت في السابق، حيث كان القصف الصهيوني على الأرض السورية يجري تحت سقفها، وضمن قيود متفق عليها بين الكيان الصهيوني وروسيا. وهذا يفسّر شدة ردّة الفعل الروسية في التعليق على العدوان الذي تعرض له حي كفرسوسة في دمشق، والقلعة وحي المزرعة أيضاً.

كل ذلك يؤكد مخاطر التهديدات المتبادلة بين العدو الصهيوني وقوى المقاومة.

هل تندلع الحرب قريبا؟

إزاء كل أجواء التصعيد والتهديدات المتبادلة بين قوى المقاومة والعدو الصهيوني ، هل يمكن ان تندلع الحرب قريبا في لبنان والمنطقة؟

مصادر دبلوماسية أميركية مطلعة أشارت الى احتمال حصول هذه الحرب في شهر اذار الحالي، والى ان الجيش الاسرائيلي يستعد لشن عدوان واسع على ايران وقد تشمل قوى المقاومة في المنطقة ، وفي المقابل اطلق المسؤولون الايرانيون تهديدات قوية ضد الكيان الصهيوني ، وكل ذلك جاء متزامنا مع التهديدات التي أطلقها السيد نصر الله بنقل الحرب الى داخل الكيان الصهيوني .

ورغم أن هذه المصادر الدبلوماسية الاميركية اشارت الى احتمال موافقة الادارة الاميركية على قيام الكيان الصهيوني بشن حرب على ايران وقوى المقاومة في الاسابيع المقبلة ، فان مصادر اميركية اخرى استبعدت ذلك لان حصول مثل هذا العدوان سيدفع المنطقة نحو حرب شاملة في ظل استمرار الحرب في اوكرانيا ، مما يعني ان العالم سيكون امام ازمات خطيرة وخصوصا في اسواق الطاقة .

وفي الخلاصة نحن امام مخاطر جدية ومخاوف من توسع التطورات والاحداث الامنية والصراع القائم في فلسطين والمنطقة الى حرب شاملة ، وقد يكون الاستعداد لذلك ضروري ، حتى لو كانت كل هذه الاجواء جزءا من الضغوط للوصول الى تسوية .

وكما تقول القاعدة العسكرية : الاستعداد الكبير للحرب قد يمنع حدوثها ، واما التغافل عما يجري فقد يشجع العدو على شن الحرب الخاطفة والسريعة .

قاسم قصير