العدد 1345 / 16-1-2019
بسام غنوم

تصاعدت التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية بشكل دراماتيكي خلال الأيام القليلة الماضية خصوصاﹰ فيما يتعلق بالقمة الاقتصادية العربية التنموية المقرر انعقادها في لبنان في 19 و 20 من الشهر الجاري بعدما تطورت الأمور من طلب "حزب الله" و "حركة أمل" الى ضرورة دعوة سوريا الى حضور القمة الاقتصادية في بيروت الى نبش قضية اختفاء الامام موسى الصدر في ليبيا ، ورفض حركة أمل ورئيسها نبيه بري حضور ممثلين اليبيا الى لبنان وتهديده بالقيام مجدداﹰ ﺑ "6 شباط سياسة وغير سياسة" ، وقوله للمسؤلين في الدولة "فلا تجربوننا" ، وترافق ذلك مع تحركات لمناصري حركة أمل على الأرض سواء عبر احراق العلم الليبي في بيروت او عبر التهديد بمحاصرة المطار وتطويقه ، وسبق هذا الموقف لحركة أمل موقف آخر اطلقه وزير المالية علي حسن خليل قال فيه "ان ثمة خطة تصحيح مالي قيد الاعداد في الوزارة من أجل تجنب التطورات الدراماتيكية التي ستحصل اذا استمر النزف المالي على حاله خلال السنوات المقبلة" . وقد اثار هذا الموقف الذي اطلقه وزير المالية الخوف والهلع لدى المستثمرين في سندات اليورو بوند وسندات الخزينة اللبنانية ، وهو ما دفع الرئيسين عون والحريري الى عقد اجتماع عاجل في قصر بعبدا بحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتأكيد على أن لبنان ملتزم بسداد الودائع والسندات مع فوائدها في الآجال المحددة .

هذه المواقف السياسية والمالية المتوترة والخطيرة ترافقت ايضاﹰ مع زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية للشؤن السياسية ديفيد هيل الى لبنان والتي تزامنت زيارته مع جولة على دول المنطقة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو قال فيها من بيت الوسط بعد لقائه الرئيس المكلف سعد الحريري : "لقد دعمنا تفاهماﹰ مشتركاﹰ مع حلفائنا حول ضرورة التصدي لأجندة النظام الايراني الثورية .. في المنطقة ، وهذا يشمل لبنان" ، وبعد تأكيده على دعم الشعب اللبناني ومؤسسات الدولة الشرعية ، بما في ذلك الجيش البناني وقوى الأمن الداخلي واعلن اننا نمضي قدما في جهودنا لمواجهة النشاطات الخطيرة لايران في انحاء المنطقة ، بما في ذلك تمويل ونشاطات المنظمات الارهابية بالوكالة مثل "حزب الله" .

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذه التطورات السياسية والامنية التي تهدد لبنان : هل هناك قرار بتحويل لبنان الى ورقة في الصراع الايراني – الاميركي الدائر في المنطقة ؟

بعد التطورات الأمنية والسياسية المتلاحقة في لبنان سواء تلك المتعلقة بالقمة الاقتصادية العربية وطلب دعوة النظام السوري للمشاركة في القمة وافتعال ازمة جديدة في العلاقات مع ليبيا على خلفية قضية الامام موسى الصدر ، ومع المواقف المتلبسة مالياﹰ من قبل وزير المالية علي حسن خليل ، ومع اصرار "حزب الله" على تعطيل تشكيل الحكومة تحت عنوان ضرورة تمثيل نواب اللقاء التشاوري تبدو صورة لبنان السياسية ملتبسة .

فالدولة عاجزة عن فرض قرار عربي بتمثيل ليبيا في القمة الاقتصادية بسبب اعتراضات الرئيس بري وحركة امل ، و "حزب الله" مازال على موقفه من ازمة تشكيل الحكومة ، والبلد ينهار سياسياﹰ واقتصادياﹰ ، والاخطار تحيط بلبنان من كل الجوانب خصوصاﹰ بعد اكتشاف انفاق "حزب الله" في الحدود مع فلسطين المحتلة ، وتأكيد السفير ديفيد هيل انه "من غير المقبول وجود ميليشيا خارجة عن سيطرة الدولة ولا تحاسب من كل أطياف الشعب اللبناني ، تقوم بحفر أنفاق هجومية عابرة للخط الأزرق" .

وزاد الطين بلة احتدام الصراع الأميركي – الايراني في المنطقة ودعوة واشنطن الى عقد مؤتمر دولي في العاصمة البولونية وارسو في 13 و 14 شباط القادم من احل "بحث تعزيز الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط والتصدي للممارسات الايرانية" ، وهو ما عتبره وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أنه "تعبير عن البأس السياسي" الاميركي تجاه بلاده .

فهل يدفع لبنان واللبنانيين ثمن الخلاف الاميركي – الايراني المحتدم في المنطقة ، وهل اصبح لبنان رهينة لهذه الخلافات ، وهو ما أكده الرئيس عون بالقول "هناك اسباباﹰ مشتركة للاستقرار السياسي الحالي الذي نعيشه نتيجة طموحات محلية ونتائج السياسة الشرق – أوسطية ، ما يؤدي الى بعض الاضطراب السياسي الداخلي" . باختصار ، لبنان في عين العاصفة الاقليمية التي تعصف بالمنطقة ، فهل يستطيع الخروج منها بأقل الأضرار ؟

بسام غنوم