العدد 1363 / 22-5-2019
قاسم قصير

تعيش المنطقة على اجواء التهديدات والتصعيد اليومي المتبادل بين اميركا والجمهورية الاسلامية الايرانية، ورغم ان معظم المحللين السياسيين والعسكريين والاوساط السياسية المطلعة يستبعدون وقوع حرب اميركية – ايرانية قريبا ، وان هناك توقعات بحصول مفاوضات بين الطرفين للوصول الى حلول وسطية، فان بعض الاوساط السياسية اللبنانية تراهن على حصول مواجهة اميركية – ايرانية تؤدي الى توجيه ضربة قاسية لايران مما سينعكس سلبا على دور حزب الله في لبنان ، وحصول تغيرات كبيرة في المشهد السياسي اللبناني والعربي.

فما هي ابعاد التصعيد الاميركي – الايراني ؟ وهل سنكون امام مواجهة كبرى في المنطقة تؤدي الى تغيرات سياسية داخلية وخارجية؟ ام اننا سنكون امام تسوية جديدة بين الطرفين؟ وماذا عن رهانات بعض الاطراف اللبنانية على حصول تغيرات خارجية تنعكس سلبا على دور حزب الله وحلفائه؟ وما هي وجهة نظر حزب الله والقوى الحليفة له؟

المنطقة بين التصعيد والتسوية

بداية الى اين تتجه الاوضاع في المنطقة؟ وهل نحن ذاهبون الى حرب اميركية – ايرانية؟ ام تنجح الجهود للوصول الى تسوية بين الطرفين؟ ام ان ما يجري مجرد تحضير منهجي لتمرير صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطين ولا سيما بعد الاعلان عن عقد المؤتمر الاول من ضمن الصفقة في البحرين في شهر حزيران المقبل؟

تختلف التقديرات في الاوساط السياسية والدبلوماسية بشأن التطورات في المنطقة والتصعيد المستمر بين اميركا وايران ، لكن معظم هذه الاوساط تستبعد حصول مواجهة مباشرة وكبرى بين الطرفين ، لان حصول مثل هذه المواجهة سيؤدي الى حرب كبرى في المنطقة ، وقد يستطيع احد الطرفين تحديد بداية هذه الحرب ولكن لا احد يعلم الى اي مدى يمكن ان تصل اليه هذه المواجهة.

في مقابل استبعاد حصول حرب شاملة ومواجهة كبرى بين الاميركيين والايرانيين ، فان اجواء التصعيد مستمرة ميدانيا وسياسيا واقتصاديا في ظل تبادل التهديدات وبعد حصول عدة تطورات عسكرية وامنية مقلقة ومنها الهجوم على البواخر السعودية في موانىء الامارات وقصف الطائرات اليمنية المسيرة لمراكز نفطية سعودية واطلاق صاروخ كاتيوشا قرب السفارة الاميركية في بغداد، والدعوة لعقد قمتين خليجية وعربية في السعودية، ولذلك فان هناك مخاوف ان تستمر اجواء التصعيد في المنطقة تزامنا مع بدء الخطوات العملية لاطلاق صفقة القرن بشأن القضية الفلسطينية , التي ستبدأ اولى خطواتها عبر عقد المؤتمر الاقتصادي في شهر حزيران المقبل في البحرين.

الانقسام اللبناني والرهانات الخاطئة

في موازة هذه الاجواء التصعيدية في المنطقة تنقسم وجهات النظر لدى الاطراف اللبنانية ، فهناك اطراف لبنانية تتوقع ان تؤدي اجواء التصعيد في المنطقة الى قيام اميركا بتوجيه ضربة قاسية ضد ايران وحلفائها في المنطقة ، وان حصول هذه الضربة سيؤدي الى انهاء دور حزب الله في لبنان، وفي المقابل فان حزب الله وحلفاءه يؤكدون ان اية ضربة اميركية ضد ايران لن تحقق اية نتيجة وانها ستكون بداية لمواجهة كبرى في المنطقة قد تساهم في تغيير خريطة المنطقة كلها.

فأي الرهانات ستتحقق ؟ وهل سنكون امام تطورات خطيرة تغير خريطة المنطقة ولبنان وان ما لم يتحقق في تموز عام 2006 من خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان قد يحصل عبر الهجوم الاميركي على ايران وحلفائها في كل المنطقة؟

الاوساط المطلعة على اجواء حزب الله والقيادة الايرانية تؤكد : ان الحزب وايران مطمئنان للتطورات في المنطقة ، وان ايران وحلفاءها قادرون على مواجهة اي تصعيد اميركي في حال حصل ذلك مع انهم يستبعدون تطور الامور نحو حرب شاملة ويؤكدون ان ما يجري سيظل في اطار التصعيد وشد الحبال وقد يكون الهدف الاساسي من وراء ذلك هو تمرير صفقة القرن.

وتعبر هذه الاوساط عن اطمئنانها للتطورات في المرحلة المقبلة وان الجهود الاميركية – الاسرائيلية المدعومة من بعض الانظمة العربية لتصفية القضية الفلسطينية وضرب قوى المقاومة لن تنجح ، وان القوى المعارضة للسياسات الاميركية قادرة على مواجهة اي تهديد , وانه رغم صعوبة المعركة وازدياد الضغوط الاقتصادية والمالية والتوترات العسكرية والامنية فان شعوب المنطقة ستفشل كل المؤمرات , ولن تتحقق الرهانات الخاطئة على حصول اي تغيير داخلي او خارجي لصالح القوى المعادية للمقاومة وحلفائها.

فأي التوقعات ستتحقق ؟ وماذا تحمل الايام المقبلة للبنان والمنطقة؟

قاسم قصير