العدد 1423 / 29-7-2020
بسام غنوم

دخل لبنان مرحلة جديدة من مراحل الانهيار مع عودة فيروس كورونا الى الانتشار وارتفاع الاصابات بالفيروس بين اللبنانيين المقيمين والقادمين الى لبنان بعد فتح مطار بيروت امام المسافرين، والذي ترافق مع ضعف الاجراءات الطبية وتساهل الناس في اتباع اجراءات التباعد الاجتماعي لمنع انتشار الفيروس، وهو ما اعاد لبنان الى حالة الاقفال التي ستمتد على مرحلتين من 30 تموز الى 10 آب .

وترافق هذا التطور الخطير مع التوتر القائم في الجنوب مع العدو الصهيوني الذي استهدف بعض القرى والبلدات الجنوبية بحجة وجود محاولة تسلل لمجموعة من "حزب الله" الى فلسطين المحتلة وهو امر نفاه حزب الله في بيان رسمي، ويأتي هذا التطور في ظل حشود اسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة وتهديدات متبادلة بين العدو الصهيوني و"حزب الله" وهو ما يجعل الامور مفتوحة على كل الاحتمالات .

واذا كان الوضعان الامني والصحي في مرحلة العناية الفائقة ان صح التعبير فان الوضع الاقتصادي مازال على حاله من التدهور بل يمكن القول ان الوضع يتجه الى الاسوء وهو ما اكدته وكالة موديز للتصنيف الائتماني التي اصدرت خفضا جديدا لتصنيفها الائتماني للبنان من 25 الى 2 , وقالت ان هذا التصنيف يعكس تقديرات الوكالة ان الخسائر التي يتكبدها حائزو السندات خلال التعثر المالي للبنان عن السداد من المرجح ان تتجاوز 65 في المئة .

واللافت في هذا الاطار هو ان هذا الامر تم بعد زيارة وزير خارجية فرنسا الى لبنان جان ايف لودريان والذي اعاد التأكيد على ضرورة تطبيق الاصلاحات السياسية والاقتصادية من اجل مساعدة لبنان وقال للمسؤولين اللبنانيين "ساعدونا لنساعدكم" .

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذه المعطيات هو :هل هناك من أمل للخروج من الازمات المتلاحقة التي تعصف بلبنان واللبنانيين ؟

تبدو صورة الوضع في لبنان سيئة وتتجه نحو الاسوء في ظل التطورات المتلاحقة التي يعيشها في هذه الايام فعلى الصعيد الامني هناك تخوف جدي من انفجار الوضع في الجنوب في ظل الصراع الاميركي – الايراني في المنطقة والذي قد يصل الى حدود حرب محدودة في جنوب لبنان مع اقتراب موعد الانتخابات الاميركية في شهر تشرين الثاني القادم , والحشودات الاسرائيلية في الجنوب وما جرى من معركة وهمية قبل ايام في منطقة مزارع شبعا واتهام العدو الصهيوني لحزب الله بمحاولة تفجير الوضع في الجنوب هو احد المؤشرات على خطورة الوضع الامني .

وتأتي هذه التطورات الامنية في ظل حالة من الضياع على الصعيدين السياسي والاقتصادي , فالحكومة اللبنانية التي كانت تعول كثيرا على زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان من اجل اعادة احياء مساعدات مؤتمر سيدر سمعت كلاما مباشرا من الوزير الفرنسي قال فيه :" ان مفاعيل مؤتمر سيدر لاتزال قائمة ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الاصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية عند انعقاده في باريس" وكان لافتا تأكيده لرئيس الحكومة حسان دياب "ان ما جرى القيام به في ملف اصلاح الكهرباء حتى الان ليس مشجعا" واضاف :"جئت اليوم لاقول لكل السلطات ومجمل القوى السياسية في لبنان : ان من الضروري السير في الاصلاحات , وهذه ليست مطالب فرنسا فحسب بل هي في المقام الاول مطالب الشعب والاسرة الدولية " , وعن طريق خروج لبنان من ازمته الاقتصادية قال :"لايتوهمن احد ان ثمة بدائل تسمح للبنان بالخروج من ازمته , سوى التفاوض مع صندوق النقد الدولي" .

واللافت في زيارة الوزير الفرنسي ايضا هو زيارته للبطريرك بشارة الراعي في بكركي وتأيده دعوة البطريرك الراعي لحياد لبنان , واكد سيد بكركي في بيان ان "لودريان عبره عن تقديره لمبادرة البطريرك , خصوصا وان سيادة لبنان التي تتمسك بها فرنسا تستلزم ان يكون لبنان بلدا محايدا بعيدا عن الصراعات والمحاور , وبذلك تكون فرنسا ومعها المجتمع الدولي رسموا خريطة طريق سياسية واقتصادية لخروج لبنان من ازماته التي يعيشها حاليا , والتي تقع مسؤولية في قسم كبير منها على الحكومة اللبنانية والفريق السياسي الحاكم الذي يصر على رفض القيام بالاصلاحات المطلوبة اولا , وعلى ابقاء لبنان رهينة للصراعات الاقليمية والدولية ثانيا .

فهل تستجيب الحكومة والفريق الحاكم للمجتمع الدولي لمطالب غالبية اللبنانيين ام تصر على السير في سياسة حافة الهاوية، ولو كان ثمن ذلك دمار لبنان ؟