العدد 1407 / 1-4-2020

مع اشتداد وباء فيروس كورونا في العالم , ومع تصاعد الاصابات والزيادة الكبيرة في عدد الوفيات ولا سيما في الولايات المتحدة الاميركية ودول الاتحاد الاوروبي , وجد لبنان نفسه امام ازمة جديدة وهي استيعاب عدد المغتربين اللبنانيين الراغبين بالعودة الى لبنان في زمن كورونا وهو ما اثار تساؤلات وانقسامات بين اللبنانيين بصة عامة , وبين اهل الحكم في صفة خاصة دفعت الرئيس نبيه بري الى التهديد بتعليق مشاركة الوزيرين التبعين له في الحكومة في حال اصرار رئيس الحكومة حسان دياب على موقفه الرافض لعودة اللبنانيين المغتربين الى لبنان وخصوصا من الدول التي يجتاحها فيروس كورونا حتى لا يتهدد الاستقرار الصحي النسبي الذي يحظى به لبنان حاليا لناحية انتشار فيروس كورونا بسبب اجراءات التعبئة العامة والحجر الصحي الذي قامت به الحكومة خلال الايام السابقة .

واذا كانت ازمة كورونا هي الشغل الشاغل للبنانيين خصوصا وانها لا تضغط عليهم صحيا ونفسيا فقط بل تهلكهم اجتماعيا وماليا بسبب توقف النشاط الاقتصادي في لبنان بصورة كبيرة بسبب حالة التعبيئة العامة التي فرضها انتشار الفيروس , فان اهل الحكم وجدوا متشعا من الوقت من اجل محاولة تهريب التعينات الادارية في لجنة الرقابة على المصارف والاسواق المالية وكذلك نواب حاكم مصرف لبنان وذلك وفق مبدأ المحاصصة الذي كان متبعا قبل انتفاضة الشعب اللبناني في 17 تشرين اول الماضي , وهو ما شكل صدمة لكل اللبنانيين الذين ظنوا ان الطبقة الحاكمة والمسؤولة مسؤولية مباشرة عماآلت اليه الامور في لبنان على مختلف الصعد السياسية والمالية والاقتصادية قد اعتبرت مما جرى وان سلوكها سوف يتغير نحو الافضل لكن وكما قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع , طالما هذا الثلاثي – امل , "حزب الله" , التيار الوطني الحر – "متسلط" على السلطة في لبنان , سوف تبقى الامور على حالها "فالج لا تعالج" .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل هذه السلطة قادرة على قيادة سفينة الدولة الى بر الأمان في زمن كورونا وحالة الانهيار الاقتصادي الذي يعانيه لبنان ؟

في البداية لا بد من القول ان القوى المتمسكة بالسلطة في لبنان استفادت استفادة مباشرة من انتشار فيروس كورونا في لبنان والعالم .

فهذع السلطة كانت تتعرض لضغوطات كبيرة من قبل اللبنانيين والمجتمع الدولي من اجل القيام باصلاحات مالية واقتصادية كبيرة حتى تتمكن من الاستفادة من المساعدات المالية المقررة للبنان من مؤتمر سيدر وغيره من المساعدات من دول اخرى , وكان مطلوبا من الحكومة اضافة الى القيام بالاصلاحات المطلوبة اقتصاديا تبني سياسة النأي بالنفس تجاه ما يجري في المنطقة من صراعات , فجاءت ازمة كورونا لتنقذها من ورطتها السياسية والمالية بسبب انشغال العالم كل بنفسه في هذه الايام , وهو ما ترجمته السلطة بالعودة الى نغس السياسات التي كانت متبعة قبل 17 تشرين اول 2019 لحناحية المحاصصة والزبائنية في التعينات حيث تم رد التعينات القضائية المقدمة من مجلس القضاء الاعلى , ودب الخلاف بينهم حول تعيين نواب حاكم مصرف لبنان وهيئة الاشراف على المصارف الاسواق المالية , وهدد الرئيس نبيه بري بتعليق مشاركة الوزيريين التابعين له في الحكومة في حال لم تتبنى الحكومة مطلب اعادة من يرغب من المغتربين اللبنانيين بالعودة الى لبنان رغم ان لهذا القرار ارتدادات خطيرة على الوضع الصحي في لبنان , وهو ما يذكرنا بعودة مئات اللبنانيين من ايران وايطاليا التي انتشرت فيها الفيروس بصورة كبيرة جدا , وادى كما يعرف الجميع الى دخول لبنان في نادي الدول التي ينتشر فيها فيروس كورونا , وهو امر كان يمكن التخفيض منه لو لم تفرض القوى المهيمنة على السلطة قرارها في شهر شباطالماضي .

باختصار , في زمن الكورونا تثبت السلطة يوميا فشلها في قيادة سفية لبنان نحو بر الأمان , اولا بسبب تمسكها بسياسات وممارسات ما قبل 17 تشرين اول 2019 , وثانيا بتجاهلها للمخاطر التي تهدد حياة اللبنانيين في زمن الكورونا من اجل تحقيق مكاسب شعبوية . فهل هذا هو لبنان الجديد الذي يعملون له ؟

بسام غنوم