العدد 1390 / 11-12-2019

عاد الاهتمام الدولي بالشأن اللبناني للبروز مجددا بعد مرور اكثر من خمس وخمسين يوما على الحراك الشعبي ، وقد تجلى هذا الاهتمام من خلال الاجتماع الدولي الذي دعت اليه فرنسا في باريس يوم الاربعاء قي الحادي عشر من كانون الاول الحالي ، اضافة لاعلان بعض الدول الاستعداد لتقديم المساعدات للشعب اللبناني لمواجهة الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة ، بعد ان وجه رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري رسائل الى قادة عدد من الدول لتقديم المساعدة للبنان.

وبالتوازي لا تزال المواقف الاميركية المعلنة تركز على ضرورة مواجهة دور حزب الله وايران في لبنان.

فماهي اسباب عودة الاهتمام الدولي بلبنان؟ وهل سيقتصر هذا الاهتمام على تقديم المساعدات المالية والاغاثية ودعم تشكيل حكومة جديدة؟ ام سيكون الاهتمام في اطار البحث عن حلول لازمات المنطقة كلها؟

اسباب عودة الاهتمام الدولي

تقول مصادر دبلوماسية مطلعة في بيروت : ان عودة الاهتمام الدولي بلبنان تختلف من جهة الى اخرى ، ففي حين تتخوف بعض الدول الاوروبية من حصول انهيار مالي وامني في الوضع اللبناني مما سيؤدي لنتائج كارثية على اللبنانيين وااللاجئين السوريين وسيكون لذلك تداعيات خطيرة ، وهذا يتطلب الاسراع بتقديم الدعم والمساعدة للبنانيين، في حين ان الولايات المتحدة الاميركية لا تزال تنظر للبنان من زاوية كونه ساخة لاضعاف نفوذ ايران وحزب الله ، ولذلك فان الاولوية لدى الاميركيين تشكيل حكومة تكنوقراط بدون حزب الله والوزير جبران باسيل ، وبالمقابل افرجت اميركا عن مساعدات للجيش اللبناني بقيمة مائة مليون دولار اميركي وذلك من اجل منع تخلخل الامن في لبنان.

واما على صعيد الاتحاد الاوروبي فقد اشارت مصادر اعلامية مطلعة في بيروت الى ان الاتحاد بدأ التحضير من اجل تقديم مساعادات اغاثية للبنانيين واعداد خطط الطواريء لمواجهة اية كارثة اقتصادية او اجتماعية.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وجi العديد من الرسائل إلى رؤساء وزراء ومسؤولي عدد من الدول الصديقة ، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها لمعالجة النقص في السيولة وتأمين مستلزمات الاستيراد الأساسية للمواطنين، وطلب مساعدة لبنان بتأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات

واما بشأن اجتماع المجموعة الدولية في باريس فقد اشارت مصادر دبلوماسية فرنسية "الى ان هذا الاجتماع سيسمح للمجموعة الدولية بأن تدعو الى الاسراع في تشكيل حكومة فعالة وذات صدقية تأخذ القرارات الضرورية واللازمة من أجل النهوض بالوضع الاقتصادي والاستجابة لتطلعات الشعب اللبناني. لذلك، يجب تحديد الشروط المطلوبة والاصلاحات التي لا غنى عنها المتوقعة من السلطات اللبنانية، حتى يتمكن المجتمع الدولي من مساعدة لبنان".
ولفتت الى أنه "في ظل الظروف الصعبة التي تجتازها البلاد، فإن فرنسا تقف الى جانب لبنان واللبنانيين لضمان استقرار بلدهم وأمنه، وهذا امر ضروري للمنطقة

ولفتت المصادر إلى دقة توقيت هذا الإجتماع الذي يتزامن مع سعي لبنان لتأليف حكومة توحي بالثقة داخليا أو خارجيا، معتبرة أنه يبرز اهتمام مجموعة الدعم بوضع حد للتدهور الحاصل في لبنان.

من جهة اخرى اعلن مصدر حكومي تركي لوكالة انباء اسيا استعداد الحكومة التركية لتقديم مساعادات عاجلة للبنانيين وتسهيل استيراد المواد الغذائية في ظل الاوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي يعاني منها لبنان.

اهداف الاهتمام الدولي

لكن ماهي الاهادف وراء عودة الاهتمام الدولي بلبنان؟ وهل سيقتصر الامر على تقديم المساعدات الاغاثية ودعم تشكيل حكومة جديدة او ان البحث عن تسوية للازمة اللبنانية قد يكون من ضمن التسويات التي قد تشمل الازمات في كل المنطقة؟

حول هذه الاسئلة تختلف المقاربات الدبلوماسية في بيروت ، ففي حين تشير بعض هذه المصادر الى ان الاولوية لدى بعض الجهات الدولية تتركز حاليا على منع انهيار الوضع اللبناني اقتصاديا وماليا وامنيا ، لان هذا الانهيار سيكون له تداعيات خطيرة على الاوضاع في لبنان والمنطقة، اضافة لاحتمال وصول نتائج الانهيار الى الدول الاوروبية بسبب وجود مليون ونصف لاجيء سوري في لبنان واحتمال حصول هجرة واسعة من لبنان الى الدول الاوروبية ، اضافة لوجود قوات الطواريء الدولية والتخوف الدولي من تدهور الاوضاع على الحدود اللبنانية وفي الجنوب.

اما على الصعيد الاميركي فان معظم المواقف الاميركية الرسمية تركز على ضرورة مواجهة حزب الله ونفوذ ايران في لبنان مع اهمية الحفاظ على الاستقرار الامني ، ولذلك تركزت تصريحات المسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية على دعم اللبنانيين لتشكيل حكومة جديدة تنال ثقتهم ( اي حكومة تكنوقراط وبدون حزب الله حسب بعض التفسيرات) ، وبالمقابل تمت اعادة تفعيل المساعدة العسكرية للجيش اللبناني لحماية الامن.

وفي الخلاصة فان الاهتمام الدولي يتركز حاليا على حماية الاستقرار الاقتصادي والمالي ودعم تشكيل حكومة جديدة ومنع الانهيار، واما الوصول الى تسوية شاملة للازمة اللبنانية في اطار معالجة الازمات في كل المنطقة فيبدو انه ليس في اولوية الجهات الدولية حاليا بانتظار وضوح الصورة في كل المنطقة، وقد يتأجل ذلك الى ربيع العام المقبل حسب بعض المصادر الدبلوماسية في بيروت ، ولذا فان على اللبنانيين معالجة مشاكلهم بسرعة وعدم انتظار الوصول الى تسويات شاملة في كل المنطقة.

قاسم قصير