العدد 1338 / 21-11-2018
بسام غنوم

مازال الملف الحكومي اسير المراوحة بسبب غياب الحلول اولاﹰ ، وتصلب مواقف الأطراف المعنية بالملف ثانياﹰ ، لا سيما "حزب الله" الذي يبدي تصلباﹰ غير مسبوق في مواقفه تجاه تمثيل النواب السنة في الحكومة ، ويقابل هذا التصلب في موقف "حزب الله" موقف للرئيس المكلف سعد الحريري ، يؤكد فيه انه مازال على موقفه الرافض لتمثيل نواب اللقاء التشاوري في الحكومة ، وانه "لا شيء تغيّر ، وليس عنده اي شيء جديد بخصوص العقدة السنية" ، بل واكثر من ذلك فان الرئيس سعد الحريري حسب بعض زواره يرى ان المشكلة القائمة بخصوص النواب السنة ليست سنّية – سنّية ، بل سياسية – وطنية بامتياز ، وهو ما يجعل من المشكل الحكومي القائم حالياﹰ امراﹰ له علاقة بالتوازنات بين الطوائف ، وعلى تماس مع صلاحيات رئاسة الحكومة ، وهو ما أكدته كتلة المستقبل النيابية التي اعتبرت بعد اجتماع لها برئاسة الرئيس سعد الحريري أن "الدور المنوط بالرئيس المكلف في تشكيل الحكومة هو في صلب صلاحياته الدستورية التي تخوله تحديد الخيارات المناسبة للتأليف ، وتحصين موقع رئاسة الحكومة في ادارة الشأن العام ، وان بعض المحاولات الجارية ... لا تعدو كونها خروجاﹰ على الاصول والاعراف .. لتحجيم الدور الذي يضطلع به الرئيس المكلف".

والسؤال الذي يطرح نفسه : هل عقدة تمثيل النواب السنة المدعوين من "حزب الله" عقدة مرتبطة بالتوازنات السياسية ام عقدة لها علاقة بمندرجات اتفاق الطائف ؟

توحي حركة الاتصالات القائمة على خط الوساطة بين بيت الوسط ونواب اللقاء التشاوري ان الامور بين الطرفين غير قابلة للحل ، فالرئيس المكلف سعد الحريري يؤكد في مواقفه السياسية والاعلامية وفي لقاءاته مع وزراء انه "ادى قسطه للعلى" وقدّم كل ما يمكن ان يقدمه من جهود وتسويات وحتى تنازلات من أجل تشكيل الحكومة الجديدة ، وان الظهور المفاجئ لما يسمى ﺑ "عقدة تمثيل النواب السنة" في الحكومة هو تطور مرتبط بحسابات ساسية داخلية وخارجية ، لها علاقة بموقع ومسؤوليات الرئيس المكلف اولاﹰ ، وبالصراع الاميركي – الايراني في المنطقة ثانياﹰ ، وان التنازل في موضوع تمثيل النواب السنة المستقلين سوف يضع صلاحيات الرئيس المكلف على المحكّ ، وهو ما أشار اليه أكثر من بيان لرؤساء الحكومة السابقين ، الذي اعتبر ان القضية المطروحة تمس موقع رئاسة الحكومة ودورها المنصوص عليه في اتفاق الطائف ، ولذلك فان الرفض لتمثيل النواب السنة المدعومين من "حزب الله" مرتبط بالتوازنات الطائفية وبصلاحيات رئاسة الحكومة .

هذا الموقف الصلب الذي يبديه – حتى الآن- الرئيس الحريري وتيار المستقبل لموضوع تمثيل سنة 8 آذار ، يقابله رفض من قبل "حزب الله" ، لأنه يعتبر أن القضية مرتبطة بنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة ، ولا علاقة لها من قريب او من بعيد بصلاحيات رئاسة الحكومة ، ولا باتفاق الطائف ، وان ما يطرحه الرئيس المكلف وفريقه السياسي هو محاولة للاتفاق على نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة من اجل حصر تمثيل الطائفة السنية بالرئيس الحريري وتيار المستقبل .

الا ان هذا الجدل السياسي القائم حالياﹰ بين الرئيس المكلف سعد الحريري وتيار المستقبل من جهة ، و"حزب الله" والنواب السنة التابعين له من ناحية اخرى ، بدأ يلامس حساسيات طائفية يجب التنبه لها قبل تفاعلها على الصعيد الوطني العام اولاﹰ ، والطائفي ثانياﹰ ، فقد اعلن مفتي الجمهورية في كلمة له بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف أن "الازمة المستحدثة ليست عقدة سنية كما يظن البعض ، بل هي عقدة سياسية مستحدثة بامتياز ، ينبغي حلها بتعاون القوى السياسية ، وخاصة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ، دون ان يكون هناك غالب او مغلوب" .

والعبارة الاخيرة للفتي دريان "دون ان يكون هناك غالب او مغلوب" كافية في دلالتها على المأزق الوطني والطائفي الذي يمثله تمسك "حزب الله" بتمثيل نواب اللقاء التشاوري ، وان هذا الموقف ﻟ "حزب الله" في حال اصراره عليه ورفضه للحلول الوسط سوف يكون له ترددات خطيرة على مستوى العلاقة بين الطوائف الاسلامية ، وعلى التوازنات السياسية التي انبثقت عن اتقان الطائف .

فهل يريد "حزب الله" عبر التمسك بتمثيل النواب السنة الاطاحة باتفاق الطائف ، ام ان الامور مرتبطة بحسابات اخرى ؟

بسام غنوم