العدد 1478 /15-9-2021

تنظر الأوساط الدبلوماسية العربية في بيروت بارتياح كبير الى تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان والتي تتطلب الحصول على ثقة الداخل والخارج قبل ثقة مجلس النواب اللبناني، وهذا مرتبط ببرنامج عملها وخطتها الاصلاحية المستقبلية.

وتؤكد هذه الاوساط بأن الرئيسين العماد ميشال عون ونجيب ميقاتي محكومان بالتوافق والعمل المشترك رغم العقبات والمشكلات التي أدت الى تأخير التشكيل في الفترة الماضية.

لكن ماهي الاسباب التي تدفع الاوساط الدبلوماسية العربية للارتياح لتشكيل الحكومة الجديدة والاطمئنان لتعاون الرئيسين عون وميقاتي؟ وكيف تنظر هذه الاوساط الى مستقبل لبنان؟

اسباب الارتياح

بداية ماهي الاسباب التي تجعل الاوساط الدبلوماسية العربية مطمئنة لتعاون الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي؟

تورد هذه الأوساط جملة أسباب تجعلها ترجّح حالة الارتياح والاطمئنان لتعاون الرئيسين ونجاح الحكومة، وهي التالية :

أولا : أن الرئيس العماد ميشال عون لن يجد أية شخصية سنية افضل من الرئيس ميقاتي للتعاون معه في المرحلة المتبقية من حكمه.

ثانيا : ان فشل الحكومة الجديدة سيكون له تداعيات خطيرة اقتصادية وامنية واجتماعية وسيكون لذلك إنعاكاسات خطيرة في كل المجالات.

ثالثا : سيواجه الرئيس العماد ميشال عون المزيد من الضغوط في حال عدم التعاون مع الرئيس ميقاتي مما يعني نهاية حكم العهد الحالي قبل نهايته وحتى لو بقي الرئيس عون في قصر بعبدا.

رابعا : إن الرئيس نجيب ميقاتي أمام فرصة نادرة لتشكيل حكومتين ، الحكومة الحالية والتي يمكن ان تقوم بإجراءات لإنقاذ الوضع من الإنهيار والتحضير لإجراء الإنتخابات المقبلة، ومن ثم تشكيل حكومة ما بعد الإنتخابات لأنه سيكون الشخصية السنية الأقوى في المرحلة المقبلة، ولذلك من مصلحته الدفع لتشكيل الحكومة بأسرع وقت .

خامسا : إن تشكيل الحكومة الجديدة سيمهّد لتقديم مساعدات عربية ودولية تساهم بمعالجة الأزمة الحالية، وهذه الفرصة لن تتوفر مجددا للعهد الحالي في حال فشل هذه الحكومة، مما يفرض على الطرفين ( رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة) التعاون في نجاح عمل الحكومة بسرعة وتقديم التنازلات المتبادلة والبدء بالاصلاحات المطلوبة.

مستقبل الاوضاع في لبنان

لكن كيف تنظر الاوساط الدبلوماسية العربية الى مستقبل لبنان ؟

رغم التحديات الصعبة التي تواجه لبنان اليوم ، فان الأوساط الدبلوماسية العربية تؤكد ان هناك فرصة كبيرة لانقاذ لبنان من الازمات التي يواجهها في حال تم وضع البرامج الاصلاحية المطلوبة، ورغم ان هذه الاوساط تدرك ان هناك عقبة علنية او مخفية تتمثل بالدور الذي يقوم به رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل والذي لديه مطالب خاصة ومشروع مستقبلي ، فإنها توضح أن على باسيل أن يدرك حجم الإنعاكاسات السلبية على دوره وعلى العهد وعلى البلد كله في حال لم يقدم الدعم الحقيقي للحكومة الجديدة رغم كل مواقفه المعلنة المعاكسة لذلك، كما هناك قوى وشخصيات لبنانية لا تزال تراهن على فشل العهد والحكومة الحالية.

وتضيف الأوساط الدبلوماسية العربية: إن تشكيل الحكومة الجديدة هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان ووقف حالة الإنهيار ، ولا سيما في ظل التطورات الجارية في المنطقة وبعد الإنسحاب الأميركي من أفغانستان وفي ظل وجود تطورات مهمة اقليمية ودولية جديدة تبشر يمتغيرات حقيقية في كل المنطقة.

وتعتبر هذه الاوساط : ان هناك متغيرات حقيقية في موقف بعض القوى الدولية والاقليمية تجاه الوضع اللبناني ولا سيما في الموقف الاميركي الذي اعطى الموافقة على الحوار مع سوريا رغم قانون قيصر والبدء بالعمل الجدي لاستجرار الكهرباء من الاردن والغاز من مصر ، اضافة لامكانية حصول لبنان على مساعدات دولية وعربية في المرحلة المقبلة.

من خلال معطيات الاوساط الدبلوماسية العربية وبعض الجهات الدبلوماسية اللبنانية فان لبنان امام مرحلة جديدة وهو يستحق العمل من اجل انقاذه ومنعه من الانهيار الكبير ، وهذه مصلحة لبنانية واقليمية ودولية.

فهل تصح رهانات الأوساط الدبلوماسية العربية على حتمية الإتفاق بين الرئيسين عون وميقاتي وعلى نجاح الحكومة الجديدة ؟ أم أننا اصبحنا في وضع لن تنجح فيه كل التجارب الاصلاحية والمخططات لانقاذ لبنان من ازماته الكبيرة ؟

اللبنانيون يأملون ويتمنون نجاح الحكومة وانقاذهم من نار جهنم التي وقعوا فيها ولذلك هم ينتظرون بفارغ الصبر نجاح هذه الحكومة الجديدة بغض النظر عن نجاح توقعات الاوساط الدبلوماسية العربية او عدم نجاحها.

قاسم قصير