قاسم قصير

خلال لقاء عقد مع عدد من الدبلوماسيين الغربيين المعنيين بالشأنين اللبناني والسوري في إحدى العواصم الأوروبية، طرح هؤلاء الدبلوماسيون عدداً من الأسئلة عن الأوضاع والتطورات السياسية والميدانية في لبنان وسوريا، وتركزت الأسئلة والاستفسارات على موضوع الانتخابات الرئاسية، والوسائل المناسبة لدفع الأطراف اللبنانية من أجل الاسراع في إجراء هذه الانتخابات، وإلى اين تتجه الأوضاع في سوريا على الصعد السياسية والعسكرية؟ وما هو الدور المستقبلي لحزب الله في لبنان وسوريا في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد التطورات الأخيرة وإعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن زيادة دور الحزب في الصراع السوري؟
فما هي خلفية الأسئلة والإشكالات التي يطرحها الدبلوماسيون الغربيون حول التطورات في لبنان وسوريا والمنطقة؟ وكيف ينظر هؤلاء الدبلوماسيون إلى مستقبل الأوضاع في لبنان والمنطقة؟
خلفية الأسئلة والإشكالات
خلال اللقاء الحواري مع الدبلوماسيين الغربيين، بدا واضحاً أن الاهتمام الغربي في هذه المرحلة يتركز على التطورات في سوريا وانعكاسها على كل الأوضاع في المنطقة، مع ابداء بعض الاهتمام بالوضع اللبناني من خلال البحث عن كيفية ايجاد حلول للأزمة السياسية القائمة، وخصوصاً الانتخابات الرئاسية، اضافة إلى التركيز على حماية الاستقرار الأمني في ظل تصاعد المخاوف من تدهور الأوضاع في دول المنطقة وإمكانية انعكاس ذلك على الوضع اللبناني.
حرص الدبلومسيون الغربيون على طرح اسئلة مباشرة حول الأزمة الرئاسية والأسباب التي أدّت إلى عدم حصول هذه الانتخابات، رغم أن التنافس اصبح اليوم محصوراً بين مرشحين محسوبين على قوى 8 آذار وعلى صلة قوية بحزب الله. وأما الموضوع الثاني فتركز على دور حزب الله في سوريا والانعكاسات المستقبلية لهذا الدور، لا سيما بعد اعلان السيد حسن نصرالله ارسال المزيد من المقاتلين إلى سوريا بعد اغتيال القائد مصطفى بدر الدين قرب مطار دمشق.
لم يقتنع الدبلوماسيون بأن حزب الله غير قادر على التشجيع على إجراء انتخابات رئاسية، وان العقدة الأساسية تكمن في موقف العماد ميشال عون وعدم استعداده للانسحاب لمصلحة المرشح النائب سليمان فرنجية، وإن كانوا أبدوا اهتماماً بالطرح الذي تقدم به مؤخراً الرئيس نبيه بري باجراء تسوية شاملة تشمل الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية أو تقصير مدة المجلس الحالي، كما استسفروا بشكل مركز حول الاقتراح بإجراء الانتخابات الرئاسية لمدة عامين أو ثلاثة تمهيداً لحصول حل متكامل للأزمة.
وقد أبدى الدبلوماسيون ارتياحهم لاستمرار الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان وإجراء الانتخابات البلدية رغم كل المشاكل التي يواجهها لبنان واللبنانيون في هذه المرحلة.
الأوضاع في لبنان والمنطقة
لكن كيف ينظر الدبلوماسيون الغربيون الى مستقبل الأوضاع في لبنان والمنطقة، في ظل فشل التسويات السياسية في سوريا واليمن والعراق؟ وما هي الحلول الممكنة لهذه الأزمات، وما هو دور القوى الدولية والإقليمية في هذه الحلول؟
يعتبر الدبلوماسيون ان الأزمة في سوريا هي لب الأزمات في المنطقة، وانه بسبب استمرار هذه الأزمة تعيش المنطقة في حالة اضطراب، وهم يعتبرون ان النظام السوري غير جاد في الوصول الى تسوية سياسية وتقديم تنازلات حقيقية لقوى المعارضة.
ويتساءل الدبلوماسيون: من هي القوى والدول التي يمكن ان تفرض على النظام السوري وقوى المعارضة الوصول الى تسوية نهائية، والوصول إلى وقف نهائي لإطلاق النار؟ وما هو دور إيران وروسيا وحزب الله وتركيا والسعودية وأميركا في كل ما يجري في المنطقة.
يبدي الدبلوماسيون اهتماماً بتطور الصراع بين ايران والسعودية، وانعكاس هذا الصراع على كل الازمات في دول المنطقة، ولا يعترضون على ضرورة ان تبذل الدول الكبرى المزيد من الجهود لدفع هاتين الدولتين وبقية دول المنطقة باتجاه الوصول الى حلول سياسية لمختلف الأزمات، لأن هذا هو الطريق الوحيد والاسرع لانهاء هذه الازمات.
لكن الخلاصة المعبرة من خلال اللقاء مع هؤلاء الدبلوماسيين أن حجم الأسئلة والاستفسارات لديهم اكثر بكثير من الأجوبة الجاهزة، وأنه ليس هناك لدى الدول الغربية رؤية واحدة ومشتركة من أجل الوصول إلى حلول للأزمات في المنطقة، رغم ازدياد المخاطر على هذه الدول بسبب انتشار التطرف والإرهاب وأزمة اللاجئين من دول المنطقة والهاربين إلى الغرب.
وفي نهاية اللقاء مع هؤلاء الدبلوماسيين، يصل المراقب الى نتيجة أن أزمات المنطقة قد تستمر لوقت طويل، وانه لاجلول جاهزة حالياً، وأنه حتى الوصول إلى هذه الحلول سيسقط المزيد من الضحايا وستدمر بلادنا وسنخسر المزيد من الثروات، إلى ان نقتنع جميعاً بأن الحل الوحيد هو بأيدينا نحن  من خلال الوصول إلى تفاهم وتحقيق التسويات السياسية. فهل من يقرأ ويسمع؟