العدد 1333 / 17-10-2018
قاسم قصير

بدعوة من منتدى التنمية والثقافة والحوار الذي يرأسه القس الدكتور رياض جرجور ، وبالتعاون مع عدد من المؤسسات العربية والدولية ، اقيمت في اوتيل غاردن في بلدة برمانا ( قضاء المتن في جبل لبنان ) ورشة موسعة ما بين 12 و 15 تشرين الاول الجاري ، تحت عنوان :" كيف نبني السلم الاهلي" ، وقد شارك في الورشة حشد من الشخصيات السياسية والفكرية والاعلامية والتربوية والدينية من سوريا ولبنان ، وكان الهدف منها دراسة كيفية العمل لبناء السلم الاهلي بعد الازمة التي واجهتها سوريا خلال السنوات الماضية وما تركته من انعكاسات على البلدين والمنطقة.

فماذا دار في الورشة من نقاشات وحوارات ؟ وما هي ابرز نتائج الورشة , وكيف سيتم تطبيق نتائج ما دار من حوارات هامة خلال الحوار؟

موضوعات الورشة

بداية ما هي اهم الموضوعات والقضايا التي دارت في الورشة ؟

بدأت الورشة بكلمة افتتاحية من القس الدكتور رياض جرجور , شرح فيها اهمية هذه الورشة في هذه المرحلة من اجل التفكير في كيفية الاستفادة مما جرى في سوريا والمنطقة ووضع آليات عمل للمستقبل ، والجلسة الاولى ادارها الناشط السوري علي احمد , تحدث فيها الكاتب والاعلامي الدكتور حسن حمادة ( عضو المجلس الوطني للاعلام في لبنان ) وتركزت حول مخاطر المحاصصة في بناء دولة المواطنة في المنطقة ( لبنان والعراق نموذجاﹰ) وركز المحاضر على مخاطر الطائفية والمذهبية في بناء الدول . والجلسة الثانية تحدث فيها الباحث السوري الدكتور عماد فوزي الشعيبي تحت عنوان : البنى المؤسسة للتطرف , وعرض خلالها لكيفية نشوء التطرف ودور التربية والاعلام والاوضاع السياسية والاجتماعية في ذلك. الجلسة الثالثة ادارتها الناشطة اللبنانية ميراي حاموش , وتحدث فيها الوزير اللبناني السابق ديميانوس قطار , وتركزت على عوامل التماسك الاجتماعي في الدول والمجتمعات ( وجهة نظر دولية واقليمية ولبنانية) وتضمنت معطيات مهمة حول دور التنمية والتربية والثقافة والقيم في بناء التماسك الاجتماعي . الجلسة الرابعة قدم لها وادارها الكاتب والاعلامي اللبناني سركيس ابو زيد . تحدث فيها القس الدكتور عيسى دياب حول الدين والعنف وكيفية بناء فكر ديني من اجل السلام والمصالحة ، الجلسة الخامسة تحدث فيها كل من الشيخ محمد اديب ياسرجي والقس ابراهيم نصير وكانت حول اهمية المصالحة الوطنية في تعزيز الوحدة الوطنية ، الجلسة السادسة قدمت لها الاعلامية اللبنانية ديانا ملاعب وتحدث فيها النائب السوري الدكتور نبيل صالح وكانت حول التدين الشعبي والتدين الرسمي في سوريا ودورهما في ترميم او تمزيق نسيج المجتمع السوري ، كما دار نقاش موسع حول المرسوم الاخير الذي صدر في سوريا لتنظيم الاوقاف السورية. الجلسة السابعة ادارها الاستاذ شادي احمد وتحدث فيها الاعلامي اللبناني رفيق نصر الله حول دور الاعلام والميديا في بناء المواطنة والسلم الاهلي . الجلسة الثامنة ادارها القس الدكتور رياض جرجور, وتحدث فيها النائب السوري احمد مرعي والقيادي في الحزي السوري القومي طارق احمد وكانت حول كيفية بناء ثقافة السلم الاهلي والمواطنة .

والجلسة الختامية خصصت لتقييم الورشة وتقديم الاقتراحات العملية من اجل اقامة برامج مستقبلية لمعالجة اثار الازمة وكيفية العمل لنشر ثقافة السلم الاهلي والحوار والتسامح ومواجهة التطرف .

الخلاصات والنتائج وافاق المستقبل

لكن ماهي ابرز الخلاصات التي توصلت اليها هذه الورشة حول بناء السلم الاهلي ؟ وما هي نتائجها العملية؟ وماذا عن افاق المستقبل للعمل من اجل معالجة اثار الازمة؟

اهمية هذه الورشة انها استعرضت بعمق اسباب الازمة التي واجهتها سوريا ودول المنطقة ولا سيما غياب دول المواطنة وانتشار التطرف والطائفية والمذهبية والظلم والقهر والفقر , ودور الاعلام والتربية والمؤسسات الدينية في كل ما يجري وكيفية العمل لمواجهة ومعالجة الاسباب العميقة للازمة والتي تتلخص ببناء دولة المواطنة .

ورغم ان الورشة لم تضم شخصيات سورية معارضة لظروف لوجيستية ، فان عدداﹰ من المشاركين اللبنانيين والسوريين حرصوا على ايصال وجهة النظر الاخرى حول الازمة السورية ، كما تميزت النقاشات بالصراحة والعمق والوضوح ودعت للتعاطي مع الازمة التي جرت خلال كل هذه السنوات بروح شمولية ، وفهم الاسباب العميقة لها دون اتخاذ وجهة نظر دون اخرى ، ومن هنا اهمية الحوارات والتواصل بين جميع الاطراف.

وكشفت الورشة اهمية ما يجري في سوريا اليوم من نقاشات داخلية حول مختلف القضايا السياسية والاجتماعية التربوية والدينية ، والنموذج الاهم حول النقاش الواسع بشأن مرسوم تنظيم وزارة الاوقاف السورية والذي حظي باهتمام كبير مما ادى الى اجراء تعديلات عليه . وقد طرح المشاركون العديد من الموضوعات التي ينبغي العمل لمناقشتها والحوار حولها في المستقبل ومنها : ثقافة التسامح وحل الازمات ، العلاقة بين العلمانيين والدين ، دور الشباب والمرأة في بناء السلم الاهلي ، دور وسائل التواصل الاجتماعي الى جانب الاعلام التقليدي، تعزيز ثقافة المواطنة وحقوق الانسان والحريات ، احترام الشخصية الوطنية والتواصل مع الآخر المختلف .

وقد اعلن القس الدكتور رياض جرجور في ختام الورشة ، ان هناك برنامجاﹰ مستقبليا سيتم العمل عليه من خلال اجراء حوارات بين كل الاطراف في سوريا , واشراك القوى المعارضة والاهتمام بدور الشباب، والقيام بمبادرات عملية في المرحلة المقبلة لتعزيز ثقافة السلم الاهلي والمواطنة والحوار.

هذه الورشة وغيرها من الجهود التي تبذل لفهم اسباب ما جرى ووضع حلول للازمات تشكل مبادرات مهمة ينبغي الاستمرار فيها وتعميمها واشراك جميع الاطراف فيها لبنانياﹰ وسورياﹰ وعربيا.

قاسم قصير