العدد 1350 / 20-2-2019
بسام غنوم

ترفع حكومة "هيا الى العمل" التي نالت ثقة نيابية كبيرة في الأسبوع الماضي بلغت 111 نائباﹰ من أصل 128 نائب , شعار مكافحة الفساد واصلاح الاقتصاد كبند أول على جدول اعمالها الذي يبدو مثقلاﹰ في ظل الخلافات السياسية بين مكوناتها ولا سيما فيما يتعلق بالموضوع السوري لناحية عودة العلاقات الطبيعية مع النظام السوري وحل ملف النازحين السوريين ، وايضاﹰ في العلاقات مع المحيط الاقليمي في ظل تصاعد الخلاف الايراني – السعودي والاماراتي والذي بدأ يأخذ ابعاداﹰ خطيرة بعد تفجير حافلة للحرس الثوري الايراني في زاهدان واتهام رئيس الاركان الايراني السعودية والامارات بدعم الجماعات المسؤولة عن هذا التفجير .

وتبدو الانطلاقة الأولى للحكومة في موضوع معالجة الخلل في الوضع الاقتصادي ومكافحة الفساد متعثرة نوعاﹰ ما , في ظل تبرؤ مختلف القوى السياسية من الفساد والفاسدين في ادارات الدولة ، وفي ظل الاعلان عن الرغبة في فتح ملفات الفساد في الحكومات السابقة حيث اكد أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله "اننا جديون في معركة الفساد وأن الخطوات الأولى لحزب الله في مواجهة الفساد والهدر المالي بدأت ، واليوم تقدم ملفان ، الاول له علاقة ﺑ 11 مليار دولار لا أحد يعرف من اللبنانيين كيف انفقت ، وأما الثاني فيتعلق بمفاوضات من أجل الحصول على قرض بقيمة 400 ملون دولار لصرفها على عناوين ليس لها جدوى" ، وهذا يعني ان موضوع مكافحة الفساد لن يكون سهلاﹰ ، وخصوصاﹰ بعد أن تم الكشف عن توظيف خمسة آلاف موظف في ادارات الدولة المختلفة بعد اقرار سلسلة الرتب والرواتب وفق مبدأ المحاصصة بين مختلف القوى السياسية رغم أن قانون السلسلة يحظر توظيف موظفين جدد في ادارات الدولة .

السؤال الذي يطرح نفسه هو هل الحكومة الجديدة قادرة على اصلاح الاقتصاد اللبناني المتعثر ، ومواجهة الفساد المستشري قي ادارات الدولة ؟

نبدأ اولاﹰ من الموضوع الاقتصادي الذي يعطيه الرئيس سعد الحريري الأولوية على ما عداه من الملفات الأخرى ولا سيما الملف السياسي الذي يفضل وضعه في المرتبة الثانية من حيث الاهمية وفق مبدأ ان لكل فريق رؤيته السياسية المختلفة ولكن هذا لا يمنع من العمل معاﹰ من أجل انقاذ لبنان .

في الملف الاقتصادي يعول الرئيس الحريري على قروض مؤتمر "سيدر 1" الذي عقد في باريس في شهر نيسان من العام الماضي والذي اقرّ قروض للبنان بقيمة 11,8 مليار دولار ، على ان تصرف هذه القروض في مشاريع محددة في البنى التحتية والكهرباء ومعالجة النفايات .. وان تكون هذه المشاريع بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص ، وان تترافق مع حزمة اصلاحات في القوانين من أجل ضمان نجاح مشاريع مؤتمر سيدر 1 .

وفي هذا الاطار عقد الرئيس سعد الحريري اجتماعاﹰ في السراي الحكومي مع المؤسسات المانحة حيث أكد المدير الاقليمي للبنك الدولي في دول المشرق (ساروج كومار) ان الالتزام الدولي ما يزال قائماﹰ تجاه لبنان من أجل العمل مع الحكومة على تطبيق المشاريع ذات الأولوية في مختلف القطاعات وكشفت مصادر مطلعة بعض ماجرى في اجتماع السراي , حيث أكد المجتمعون ان قروض سيدر مرتبطة بالاصلاح ، وبدور اساسي للبنك الدولي الذي سيواكب تنفيذ المشاريع ، وهذا الطلب هو من بعض الجهات المانحة .

وفي هذا الاطار تحدث الرئيس الحريري اكثر من مرة عن نية الحكومة بالقيام باجراءات غير شعبية لمعالجة الوضع الاقتصادي ، ويجري الحديث عن زيادة في الضريبة على القيمة المضافة وزيادة الرسوم على المحروقات وهو ما قد يؤدي الى فوضى وغضب شعبي كبير في حال تم ذلك ، ومع ان المصادر الحكومية تنفي وجود مثل هذه التوجهات الا ان ذلك لا يبدو مستبعدا ابداﹰ .

وفي اطار الاصلاحات يبدي الرئيس الحريري رغبة في تعديل قانون سلسلة الرتب والرواتب بعد ان ادى الى مايشبه الافلاس في خزينة الدولة حيث بلغ موظفو القطاع العام نحو 30 بالمئة من حجم القوى العاملة في لبنان ، في حين انها تبلغ 20 بالمئة في فرنسا (وهو الرقم الأعلى اوروبياﹰ) ولا تزيد عن 14 بالمئة في المانيا و6 بالمئة في اليابان .

ويعتبر موضوع ترشيق او خفض عدد العاملين في القطاع العام اضافة الى موضوع سلسلة الرتب والرواتب احد القضايا الاساسية المطلوب معالجتها من البنك الدولي والجهات الدولية المانحة وهو مايرفضه "حزب الله" وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي .

اما موضوع مكافحة الفساد فهو مرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد وبالقروض والمساعدات التي تأتي للبنان ، وبالطبقة السياسية الحاكمة في البلد ، ويتحدث الخبير الاقتصادي مروان اسكندر عن حديث جرى مع رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد ايام رئاسة الرئيس رفيق الحريري للحكومة حيث سأله مروان اسكندر عن امكانية نجاح مشروع صديقه رفيق الحريري لاحياء النشاط في مختلف قطاعات الاقتصاد فقال رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد :"لن ينجح في مساعيه المتعددة لان الطاقم الاداري المتوافر لمساعدته يشكو من وسائل عمل متقادمة ، من أهمها الاعتماد على الرشى" .

فهل تستطيع الحكومة بتركيبتها السياسية الحساسة اصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد ؟ سؤال برسم الأيام القادمة .

بسام غنوم