العدد 1436 / 11-11-2020

تعيش الساحة اللبنانية حالة من الفوضى وعلى كل المستويات فعلى صعيد معالجة أزمة كورونا يبدو أن حكومة تصريف الاعمار برئاسة حسان دياب ومعها أجهزة الدولة المختلفة واقعة فيما يمكن تسميته "حيص بيص" ، فهي تريد فرض الإقفال العام في البلد لمدة اسبوعين لمواجة تفشي فيروس كورونا بشكل غير مسبوق في مختلف المناطق اللبنانية بحيث اصبح يهدد بإنهيار القطاع الصحي في لبنان ووصول الأمور الى النموذج الإيطالي، ومه ذلك ترفض القطاعات الاقتصادية فرض الإغلاق الكامل بحجة المحافظة على الحد الادنى من معيشة اللبنانيين في زمن الانهيار الاقتصادي وبين تفشي فيروس كورونا وعجز السلطة و رفض الهيئات الاقتصادية يدفع لبنان و اللبنانيين الثمن غاليا من صحتهم و اموالهم.

اما على صعيد الوضع الحكومي فالمشاورات التي يجريها الرئيس سعد الحريري ما زالت تراوح مكانها، واللقاءات التي يجريها مع الرئيس عون تنتهي عادة ببيانات مقتضبة تقول: "استقبل رئيس الجمهورية الرئيس المكلف و استكمل معه درس الملف الحكومي"، وتكرار مثل هذه البيانات بعد اللقاءات بين الرجلين رغم مرور ما يقارب الشهر على تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، وفي ظل توافق غير مسبوق عليه من الرئيس عون و الثنائي الشيعي وأكثرية القوى السياسية يترك تساؤلات حول جدية التزام هذه الأطراف في الوصول الى تأليف "حكومة مهمة" وفق المباردة الفرنسية، وهو ما يزيد الوضع الحكومي تعقيداً في ظل التطورات السياسية المتسارعة في المنطقة خصوصاً بعد الانتخابات الأميركية وانتخاب بايدن رئيساً جديداً لأميركا، وفرض إدارة الرئيس الحالي ترامب عقوبات على شخصيات سياسية لبنانية كان آخر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والحديث عن إمكانية فرض عقوبات على شخصيات أخرى، وهو ما أربك الوضع اللبناني بصفة عامة وعملية تشكيل او تأليف الحكومة الجديدة بصفة خاصة.

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذه المعطيات هو: هل سيبقى الوضع الحكومي معلقاً بإنتظار الإدارة الأميركية الجديدة؟

تختلف التأويلات حول أسباب تعثر تشكيل الحكومة الجديدة فالنائب جبران باسيل يتحدث عن ضرورة توفر وحدة المعايير في التأليف، رغم حديثه عن ضرورة الإسراع بتأليف الحكومة رداً على العقوبات الاميركية التي طالته، وهو بذلك يتحدث عن الشيء ، فمطلب "وحدة المعايير" يعني بكل صراحة العودة الى حكومة المحاصصة وانتهاء "حكومة المهمة" التي رفعها الرئيس الحريري بعد الإعلان عن تكليفه.

وإذا قدر تشكيل حكومة لبنانية جديدة بمعزل عن الشروط والمواصفات التي يطالب بها المجتمع الدزلي فلن يكون لهذه الحكومة أي تأثير على صعيد الوضع العام، لأن المطلوب تشكيل حكومة إنقاذية وليس حكومة " أي كلام" كما يحاول الفريق الحاكم الذي اصبح أكثر تمسكا بالسلطة بعد ظهور نتائج الانتخابات الأميركية وهزيمة ترامب، فهذا الفريق يراهن على الإدارة الأميركية الجديدة من أجل تثبيت نفوذه في لبنان و المنطقة، ويعتقد أنه بعد رحيل إدارة ترامب سوف يكون ممكناً تخفيض العقوبات على إيران وحلفاءها في المنطقة، وذلك لا بأس من تأخير تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بعض الوقت حتى تتضح الصورة في المنطقة.

لكن هل يتحمل لبنان و اللبنانييون في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة و إنتشار جائحة كورونا هضا الترف السياسي الذي يمارسه أهل السلطة؟

في المعطيات إن إدارة ترامب مستمرة بسياساتها في المنطقة أقله حتى العشرين من شهر كانون الثاني 2021 موعد تسلم الإدارة الجديدة – إذا جرت الأمور بسلاسة – السلطة، ويجري الحديث عن خطوات غير متوقعة في المنطقة قد تقوم بها إدارة ترامب في هذه المفترة الفاصلة بين الإدارتين وهو ما قد يعرض لبنان الى مخاطر كبيرة على كل الصعد، ويستلزم الأنتهاء من تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن.

بإختصار القوى الممسكة بالسلطة تمارس السياسة على طريقة "لعبة البوكر" ، اي انهم يقامرون بحياة البنانيين، فهل بهذه الطريقة نبني لبنان الجديد؟

بسام غنوم