العدد 1434 / 28-10-2020

ارخت المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة بثقلها على مجمل الأوضاع في لبنان ولا سيما على الوضع السياسي الذي بدأ يميل الى الايجابية نوعاً ما مع تقدم المحادثات بين الإفرقاء السياسيين حول تركيبة الحكومة وشكلها وعدد وزرائها.

وإذا كان الجو السياسي العام اصبح ايجابياً نوعاً ما بعد تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، فإن ما تسرب عن المفاوضات التي يجريها الرئيس الحريري مع الكتل السياسية الكبرى لا يبشر بالخير، فهذه الكتل تطالب علناً بحصصها الوزارية ، فالثنائي الشيعي بعد إعلان الرئيس الحريري موافقته على إعطاء وزارة المال للشيعة، يطالب بإبقاء وزارة الصحة من حصته الوزارية، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وبعدما اعاد وصل ما انقطع مع سعد الحريري يريد وزارة الصحة التي كانت من حصة الدروز سابقاً، والتيار الوطني الحر الذي يعول كثيراً على المحادثات الجارية في الناقورة حول ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي يتمسك بحقيبة الطاقة بإعتبارها حقيبة اساسية وستكون أكثر اهمية إذا تم الإتفاق على الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي ، لأنها سوف تكون مسؤولة عن موضوع استخراج الغاز والنفط.

بإختصار يمكن القول ان القوى السياسية مع العودة الى تكليف الحريري رئاسة الحكومة، عادت الى فترة ما قبل 17 تشرين أول 2019 لناحية الخلاف والصراع على الحصص الوزارية.

فهل ستكون حكومة الحريري في ضوء المشاورات الجارية حول تشكيل الحكومة؟ حكومة إنقاذ لبنان؟

في البداية يمكن القول ان الرئيس الحريري بمجرد إعلان موافقته على إعطاء حقيبة وزارة المال الى الثنائي الشيعي أدخل نفسه في نفق المحاصصة الطائفية وفي وصول الأمور الى ما عليه الآن من انهيار اقتصادي ومالي.

فالرئيس سعد الحريري أعلن بعد ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة أن الحكومة الجديدة ستكون "حكومة مهمة" مؤلفة من اختصاصيين، وطالب الاحزاب السياسية بالبقاء خارج السلطة لمدة ستة أشهر فقط لا غير.

وبناء على ذلك استبشر اللبنانيون خيراً بتكليف سعد الحريري رئاسة الحكومة الجديدة، لكن طبيعة المشاورات التي يجريها الحريري بعد تكليفه اصابت أكثرية اللبنانيين باليأس ، فهو عاد الى نفس سياسياته السابقة وهو مؤشر سلبي، وقد أكد ذلك مصدر نيابي على صلة ب"حزب الله" فقال ان الحكومة العتيدة لا يمكن ان تكون الا على صورة الحكومة التي كان يرأسها الحريري قبل الاستقاله، مع تغليب الطابع التقني و الاختصاصي على الوزارات السيادية و الخدماتية.

وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن الحكومة الجديدة لن تكون "حكومة مهمة" فعلية ولن تكون حكومة اختصاصيين بل هي حكومة القوى السياسية الحاكمة التي اوصلت لبنان الى الخراب، ولن تستطيع باي حال من الاحوال تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لانقاذ الوضعين الاقتصادي والمالي سواء فيما يتعلق بما جاء في المبادرة الفرنسية، او بما يطالب به صندوق النقد الدولي، فضلاً عن الاعتراضات الاقليمية والدولية التي قد تواجهها الحكومة بعد الاعلان عنها خصوصا في ظل الحملة التي تشنها الادارة الاميركية على "حزب الله" ، والرفض الخليجي لتقديم اية مساعدات لحكومة لبنانية يكون "حزب الله" الكلمة الفصل فيها.

في ضوء ذلك يمكن القول أن لبنان قد لا يكون على موعد مع الحل مع الاعلان عن الحكومة الجديدة لأن سياسة التشاطر وتركيب الطرابيش التي كانت متبعة طوال السنوات الماضية من قبل الطبقة السياسية لن يكون لها مكان مع المجتمع الدولي، فهل كتب على لبنان واللبنانيين ان يبقوا رهينة بأيدي سارقيهم؟

بسام غنوم