العدد 1349 / 13-2-2019
بسام غنوم

يشهد لبنان حركة زوار كثيفة بعد الاعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة ، وتتنوع الزيارات بين دعوات الى "لبنان وايران من أجل الانفتاح والتلاقي والتعاون" ، كما قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ، وبين التأكد على عروبة لبنان و "أن لبنان دولة عربية وعضو في الجامعة العربية" كما قال امين عام جامعة الدول العربية محمد أبو الغيط بعد لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري .

وقد أثارت هذه الزيارات الكثير من التساؤلات حول أسبابها وخلفياتها ، هل هي فقطة من أجل التهنئة بالحكومة الجديدة أم انها مرتبطة بالصراع الاقليمي الدائرة في المنطقة ولا سيما بين ايران والسعودية التي أفادت ايضا المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا ، والذي نقل الى الللبنانين تجديد قرار المملكة العربية السعودية بالوقوف اللى جانب لبنان وامنه زاستقراره وعودة العافية الى اقتصاده وماليته ، وهذا الموقف السعودي اعتبر ردا على المواقف التي اطلقها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف والذي بدى فيها استعداد بلاده لدعم لبنان اقتصاديا وعسكريا وحل مشكلة الكهرباء المزمنة التي يعاني منها لبنان .

فهل زيارات الوزراء ىوالمسؤولين العرب والاجانب الى لبنان هي من أجل مساعدته للخروج من ازمته الاقتصادية ام هي محاولة لضم لبنان اللى صراع المحاور الدائرة في المنطقة ؟

في البداية لابد من التوقف اولا عند زيارة وزير خارجية ايران للبنان والتي كانت لافته بتوقيتها وبمضمونها .

فالوزير الايراني هنّأ اللبنانين بتشكيل الحكومة الجديدة، وجدد الدعوة لرئيس الجمهورية ميشال عون لزيارة ايران وأكد "اننا سنبقى دائما وابدا الى جانب لبنان الشقيق ونحن مستعدون للتكاتف والتعاون في كافة الاطر" وأضاف "اودّ أن اؤكد في هذا الاطار ان التعاون البناء والايجابي هو لمصلحة لبنان والمنطقة بشكل عام" .

ورسالة الدعم لايراني للبنان على مختلف الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية التي حملها الوزير ظريف جاءت بعد خطاب السيد حسن نصرالله في الذكرى الاربعين لانتصار الثورة في ايران , التي قال فيها أن اتيران على استعداد لمساعدة لبنان في حلّ أزمة الكهرباء وتقديم دعم عسكري للجيش اللبناني , وكذلك توفير الدواء للبنانيين ، مما يعني ان ايران تريد ان تلعب دورا اساسيا في لبنان على مختلف الصعد ، وان هذا الدور مرتبط بالصراعات الدائرة في المنطقة ولا سيما مع اميركا والمملكة العربية السعودية .

اما بالنسبة لزيارة المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا التي جاءت ﺑ "الصدفة" بعد زيارة ظريف الى لبنان فهي حملت دعما لاقتصاد لبنان وامنه واستقراره ، وهي نفس دعوات الوزير الايراني مما يدل على حجم التنافس الاقليمي المتجدد على الساحة اللبنانية ، وعلى رغبة الاطراف الاقليميين في لعب دور فاعل على الساحة اللبنانية بعد ابتعادهم في الفترة الماضية بسبب الانشغال بالوضع في سوريا .

واذا كان الوزير الايراني قد التقى المسؤولين والاحزاب في قوى الثامن من آذار ، وكذلك مسؤولي الفصائل الفلسطينية ولا سيما حركتي حماس والجهاد الاسلامي ، فان المستشار العلولا التقى ايضا القيادات والشخصيات والاحزاب الصديقة في قوى 14 آذار ، وهو ما يعني ان الزيارات الى لبنان وان كانت في اطار التهنئة بالحكومة الجديدة وتقديم الدعم للبنان اقتصاديا وسياسيا وعسكريا ، فانها ايضا تأتي في اطار الصراع الاقليمي بين ايران و السعودية , وكذلك بين ايران والولايات المتحدة الاميركية بعد العقوبات الاميركية الجديدة على ايران ، وهو ما يؤثر على مخاطر كثيرة تحيط بالساحة اللبنانية في المرحلة المقبلة رغم تشكيل الحكومة الجديدة ، وقد أشار الى ذلك الرئيس نبيه بري فقال : ان المطلوب منا جميعا ان نعمل وفق مصلحة لبنان" ، وفي موقف لافت ومرتبط بالوضع الحكومي فقد اعرب الرئيس بري عن انزعاجه من بعض مواقف مكونات الحكومة حيال بعضها البعض وقال "انا نقزان" .

باختصار ، لبنان في عين العاصفة الاقلمية التي تعصف بالمنطقة ، فهل يستطيع الخروج منها بأقل الخسائر ؟

بسام غنوم