العدد 1365 / 12-6-2019
قاسم قصير

قد يكون رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل من اكثر الشخصيات الحيوية والمتحركة والمثيرة للنقاش في لبنان في هذه المرحلة ، فبعد كل تصريح صحافي او تحرك سياسي او شعبي يقوم به تنطلق ردود الفعل السلبية والايجابية ، وتطرح الكثير من الاسئلة حول المشروع السياسي الذي يسعى لتحقيقه والاهداف التي يريد الوصول اليها ، والمصير الذي يريد اخذ لبنان اليه .

فمن التصريح الذي نسب اليه حول انهاء السنية السياسية ، الى حديثه عن العصب الجيني اللبناني المتميز ، وصولا للحديث عن مواجهة العمالة الاجنبية في لبنان ومن ضمنها العمالة السعودية ، كلها مواقف اثارت الكثير من ردود الفعل ، ويضاف لذلك ما يقوم به داخل مجلس الوزراء من مواقف , وسعيه كي يلعب دور رئيس الجمهورية الظل , في موازاة دوري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري.

فأي مشروع سياسي يسعى اليه الوزير جبران باسيل؟ والى اين يأخذ البلاد في المرحلة المقبلة؟.

المشروع السياسي

بعيدا عن التصريحات التي تنسب للوزير جبران باسيل , او تلك التي يطلقها بشكل صريح وواضح وتثير الكثير من ردود الفعل ، فان السؤال الاهم الذي يطرح دائما اليوم : اي مشروع سياسي يسعى اليه باسيل وما هي الاهداف التي يريد الوصول اليها؟

لا تخفي الاوساط المطلعة داخل التيار الوطني الحر: ان للتيار الوطني بشكل عام وللوزير جبران باسيل خاصة مشروع سياسي واضح ومتكامل ومعلن ، وهو يهدف الى اعادة تصويب الواقع السياسي اللبناني الذي تعرض للخلل منذ اتفاق الطائف حتى اليوم ، والذي قد يكون اضعف الدور المسيحي في لبنان , سواء من خلال موقع ودور رئاسة الجمهورية او الحضور النيابي , او واقع الادارات الرسمية ، ولذلك سعى التيار منذ تأسيسه الى الدعوة لاعادة الاعتبار لموقع الرئاسة الاولى وتصحيح التمثيل النيابي عبر قانون انتخابات يعطي للمسيحيين تمثيلا حقيقيا ، واستكمالا من خلال تقوية وحماية الحضور المسيحي في الادارات الرسمية ، وصولا لتعزيز دور الانتشار اللبناني في الحياة السياسية وعبر اعادة الجنسية اللبنانيين لعدد كبير من المغتربين.

هذه الاهداف التي يسعى اليها الوزير جبران باسيل والتيار الوطني الحر لم تعد خافية على احد , وهي معلنة ويتم تنفيذها بشكل واضح وصريح . وقد تكون معركة رئاسة الجمهورية المقبلة هي النقطة الجديدة التي تضاف الى هذا المشروع ، وصحيح ان الوزير باسيل يؤكد دائما ان معركة الرئاسة غير مطروحة حالياﹰ في ظل رئاسة العماد ميشال عون (اطال الله بعمره) ، لكن من يراقب الحيوية الكبيرة للوزير جبران باسيل وحضوره المكثف سياسياﹰ وشعبيا ومن خلال تكتل لبنان القوي وحرصه على الحصول على كتلة وزارية وازنة وحصة وازنة في التعيينات الادارية، كل ذلك يؤشر الى انه يقوم حاليا بدور الرئيس الظل لرئاسة الجمهورية , وانه يخوض منذ الان معركة رئاسة الجمهورية.

مستقبل البلاد والمخاطر على التسوية

لكن الى اين يؤدي تحرك واداء الوزير جبران باسيل ؟ وما هي انعكاسات هذا الاداء على مستقبل البلاد وعلى التسوية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل؟

من الواضح ان التحرك الصاروخي والقوي والحيوي للوزير جبران باسيل قد اثار الكثير من ردود الفعل داخليا وخارجيا ، ووضع البلاد امام مخاوف ومخاطر كبيرة وخصوصا لجهة مستقبل الحكومة والتسوية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل ، وقد ادت هذه التصريحات الى غياب الرئيس سعد الحريري عن لبنان والحديث عما سمي " نصف استقالة" ، ومع ان المصادر القريبة من الحريري نفت ما يحكى عن استقالته وعن اعتكافه وقد عاد الى لبنان ، فان ردود الفعل على مواقف باسيل من شخصيات كثيرة والحملة التي اثيرت تحت عنوان الدفاع عن دور السنة في لبنان ، كل ذلك دفع الوزير جبران باسيل تصويب وتصحيح بعض المواقف ، ومن جهته ارسل الرئيس العماد ميشال عون الى موفدا من قبله الى دار الفتوى لطمأنة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على استمرار التسوية وعدم صحة ما يقال عن استهداف دور المسلمين في لبنان.

لكن في الخلاصة , يمكن التأكيد ان الحراك الذي يقوم به الوزير جبران باسيل والتيار الوطني الحر اثار وسيثير الكثير من ردود الفعل السلبية ، وقد يعرض البلاد لبعض المخاطر ، في ظل ازدياد الصراعات في المنطقة والمخاوف من عودة الارهاب الى لبنان ودول المنطقة ، وكل ذلك يقتضي اعادة النظر بالاستراتيجية التي يعتمدها الوزير باسيل اليوم وتهدئة الخطاب السياسي كي لا تهدد هذه الاستراتيجية مستقبل البلاد والتسوية السياسية , ولا يعود هناك ما يمكن الصراع عليه في النظام السياسي اللبناني .

قاسم قصير