قاسم قصير

يواصل تيار المستقبل استعداداته التنظيمية والسياسية والإعلامية واللوجيستية لعقد مؤتمره العام وإجراء مناقشة مفصّلة حول خياراته السياسية المستقبلية، وقد أشارت بعض الأوساط الإعلامية إلى اتخاذ قرار من قبل رئيس التيار سعد الحريري بتأجيل انعقاده إلى شهر تشرين الثاني المقبل، وذلك لاستكمال التحضيرات ولكي يأخذ الحريري الوقت الكافي لمعالجة المشكلات التي تواجهه مالياً وسياسياً وتنظيمياً، في ظل ازدياد التحديات وتراجع الخيارات، مع أن بعض المصادر المسؤولة في التيار أوضحت في اتصال معها أن موعد تشرين الأول لم يكن نهائياً، وأن تحديد موعد إقامة المؤتمر في النصف الثاني من تشرين الثاني ليس محسوماً وان الموعد المؤكد سيُعلَن فور استكمال التحضيرات.
فما هي أبرز التحديات الجديدة التي يواجهها التيار؟ وما هي الخيارات المتوقعة في ظل الحديث عن ضيق هذه الخيارات والصعوبات التي تواجه التيار بغضّ النظر عن أي خيار سيعتمده؟
التحديات الجديدة
بداية، ما هي أبرز التحديات الجديدة التي يواجهها التيار منذ إعلان إقامة مؤتمره العام بعد الانتخابات البلدية الأخيرة والخسائر التي واجهها، ولا سيما في طرابلس؟
المطلعون على أوضاع تيار المستقبل الداخلية وعلى أوضاع رئيسه الشيخ سعد الحريري يؤكدون أن التيار والحريري ليسا في أفضل حالاتهما اليوم وبعد مرور نحو العشر سنوات على تسلم الحريري القيادة وبعد خمس سنوات على تحويل التيار إلى حزب منظم.
ولعل ما قاله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حواره مع مركز كارنيغي عن أوضاع الحريري وتراجعه وضعفه، يشكل أفضل شهادة معلنة، وإن كانت هناك معلومات ومعطيات عديدة تؤكد هذه الحالة.
ومن الشواهد والأدلة التي تشير إلى حجم التحديات التي يواجهها تيار المستقبل ورئيسه:
أولاً: ازدياد حالات الاعتراض على قيادة الشيخ سعد الحريري داخل التيار وخارجه، ولعل نمو ظاهرة الوزير المستقبل اللواء أشرف ريفي والحديث عن تباينات عديدة داخل التيار يؤكدان هذه الأجواء.
ثانياً: تفاقم الأزمة المالية للحريري وانعكاسها على أوضاع التيار ومؤسساته، ما أدى إلى طرد مئات الموظفين في لبنان دون دفع التعويضات لهم، والأزمة الخانقة لمؤسسة سعودي أوجيه التي تضم عشرات الآلاف من الموظفين، إضافة إلى تعثر بقية مؤسساته المالية والاقتصادية، وعدم قيام المسؤولين السعوديين بإنقاذ الحريري زاد من هذه المشكلات.
ثالثاً: فشل الخيارات السياسية التي اعتمدت حتى الآن، إن على مستوى الانتخابات الرئاسية أو الإدارة الحكومية، ما جعل الحريري أمام خيارات صعبة، فإما الاستمرار بترشيح النائب سليمان فرنجية، وهذا وصل إلى حائط مسدود، أو الذهاب إلى تبني ترشيح العماد ميشال عون، وسيكون لذلك انعكاسات سلبية، أو الاتجاه إلى قلب الطاولة والاستقالة من الحكومة ووقف الحوار مع حزب الله، ما يعني أخذ البلد إلى مرحلة جديدة من التصعيد، ولا أحد يدري إلى أين ستصل الأوضاع.
رابعاً: التطورات والأوضاع الإقليمية التي لا تسير في الاتجاه الذي أراده الحريري وسعى إليه في السنوات الأخيرة، وهذا ما أكده أيضاً النائب وليد جنبلاط في حواره مع كارنيغي.
الخيارات المستقبلية
لكن ما هي الخيارات المتوقع ان يتخذها تيار المستقبل في المرحلة المقبلة، في ضوء التحديات المختلفة؟
المصادر المسؤولة في تيار المستقبل تقول إن قيادات التيار لا تزال تدرس كل الخيارات والاحتمالات، وان الاستمرار بترشيح النائب سليمان فرنجية لا يزال قائماً بانتظار عودة الشيخ سعد الحريري من الخارج، وإن كل الاحتمالات قائمة.
لكن من يدقق بأوضاع التيار الداخلية والسياسية والتنظيمية يصل إلى نتيجة واضحة، ان تيار المستقبل ليس في أفضل حالاته وان أي خيار سيتخذه إن كان على المستوى السياسي أو التنظيمي أو الداخلي سيكون له تداعيات عديدة وان الخسارة واقعة، لكن المهم حسب اللغة التجارية والمالية: تحديد الخسائر والحفاظ على الرأسمال الأساسي كي لا تكون الخسارة كبيرة ونهائية.
في ضوء هذه المعطيات تقول بعض المصادر السياسية اللبنانية، وتؤيدها الجهات الدولية العديدة، ان الذهاب إلى تسوية شاملة مع بقية الفرقاء اللبنانيين تشمل رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات والاتفاق على وضع الحكومة المقبلة وسياساتها العامة قد يكون الخيار الأفضل إن لتيار المستقبل وللبلد بشكل عام، لأن الحفاظ على الاستقرار وحماية المؤسسات القائمة، وخصوصاً المؤسسات الأمنية، يجب ان يكون الأولوية، وإلا فإننا قادمون على أزمة كبرى لا أحد يعرف مداها والجميع سيكون خاسراً منها.