قاسم قصير

يواصل «تيار المستقبل» التحضير لعقد مؤتمره العام يومي 26 و27 تشرين الثاني الحالي، وقد أُعلن عن فتح باب الترشيح للمكتب السياسي بعد أن أنهت منسقيات المناطق مؤتمراتها التمهيدية وانتخاب ممثلي المناطق للمؤتمر العام، وقد جرت خلال المؤتمرات التمهيدية مناقشة عدة أوراق سياسية واقتصادية - اجتماعية وتنظيمية، ورُفعت التوصيات إلى المؤتمر العام.
فكيف يستعد «تيار المستقبل» لعقد هذا المؤتمر؟ وما انعكاسات عودة تسلم رئيس التيار الشيخ سعد الحريري رئاسة الحكومة على دور التيار ومستقبله؟ وهل استطاع التيار استعادة زمام المبادرة في مواجهة الاعتراضات والتحديات التي واجهته طوال الأشهر الماضية؟ وما هي أبرز التغيرات الداخلية التي قد يشهدها التيار في المرحلة المقبلة، بعد الأزمات الحالية والسياسية والتنظيمية التي واجهها في المرحلة الماضية.
الاستعداد لعقد المؤتمر العام
بداية ما هي أبرز الاستعدادات والتحضيرات لعقد المؤتمر العام للتيار، وكيف انعكست عودة رئيسه لرئاسة الحكومة على دور التيار؟
تقول مصادر قيادية في التيار إنه منذ عدة أشهر، ولا سيما بعد الانتخابات البلدية والاختيارية والاشكالات التي واجهها التيار في العديد من المناطق، اتُّخذ القرار بعقد المؤتمر العام من أجل إجراء مراجعة سياسية وتنظيمية، سواء على صعيد دور التيار السياسي أو لجهة اعادة ترتيب الأوضاع التنظيمية لمواكبة المتغيرات الحاصلة.
وخلال الأسابيع الماضية عُقد العديد من المؤتمرات المناطقية لأعضاء التيار، وانتُخب ممثلو المناطق في المؤتمر العام وأُعلن الترشيح لعضوية المكتب السياسي، مع الاشارة الى أن المكتب يضم أعضاء منتخبين (18 عضواً) وأعضاء معنيين (12 عضواً). وقد جرت في المؤتمرات التمهيدية مناقشة الأوراق السياسية والاقتصادية والتنظيمية، وعمدت كل منسقية إلى رفع الاقتراحات أو التوصيات السياسية والتنظيمية الى المؤتمر العام، وسادت الأجواء النقدية والمناقشات الجريئة والصريحة أجواء المؤتمرات التمهيدية، ما سيكون له تأثيره المباشر في المناقشات في المؤتمر العام.
وتضيف المصادر: رغم الحالات الاعتراضية التي برزت خلال الأشهر الماضية على دور التيار ومواقفه وأوضاعه، فإن عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان وتبنيه ترشيح العماد ميشال عون ومن ثم اختياره لتشكيل الحكومة الجديدة، كل ذلك أسهم في استيعاب الأصوات الاعتراضية، وتراجعت حدة الانتقادات لمواقف الحريري أو للقرارات التي اتخذتها كتلة المستقبل. وقد جرت مناقشة كل الأمور خلال المؤتمرات التمهيدية، وبرزت حالة من القبول لدى قواعد التيار للسياسات العامة التي اتخذها التيار، إن لجهة ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بداية، أو تبني ترشيح العماد ميشال عون.
وتتابع المصادر: ان القرارات التي اتخذها الرئيس سعد الحريري على صعيد رئاسة الجمهورية كانت تهدف إلى إنهاء حالة الفراغ الرئاسي ومواجهة الأزمات التي يعاني منها لبنان، وخاصة على الصعيدين الاقتصادي والمالي، بعد أن وصلت الأجواء السلبية الى مرحلة خطيرة، وصدور انذارات واضحة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والجهات المالية والاقتصادية حول المخاطر التي واجهها لبنان.
وتعترف المصادر بأن قرارات الرئيس سعد الحريري لم تكن شعبية أو منسجمة مع أجواء القواعد الشعبية، لكن خطاب القسم للرئيس العماد ميشال عون والتطورات التي جرت بعد انتخاب الرئيس واختيار الحريري لرئاسة الحكومة، كلها أسهمت في تخفيف أجواء الاعتراض، وبدأنا نشهد تفهماً وارتياحاً لهذه القرارات، ما ساعد تيار المستقبل على استعادة زمام المبادرة.
التحديات المستقبلية
 والقرارات المتوقعة
لكن ما هي أبرز التحديات التي يواجهها التيار اليوم، والتي سيبحثها المؤتمر العام، وما هي أبرز القرارات المتوقعة لمواجهة هذه التحديات؟
تجيب المصادر القيادية في التيار: لقد واجهنا في الأشهر الأخيرة عدداً من التحديات السياسية والتنظيمية والمالية، وإن كانت الأزمة المالية أبرز هذه التحديات، لأن «تيار المستقبل» عمد في السنوات الماضية، ولا سيما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الى استيعاب المئات أو الآلاف من الكوادر والعاملين في مؤسساته، وكان التركيز على تقديم المساعدات المالية في اطار العمل السياسي والتنظيمي، وقد كانت لهذه السياسة سلبيات عديدة، لأن التيار كان يتمتع بقوة شعبية كبيرة، ولم تكن هناك حاجة لربط كوادره ومؤيديه بالجانب المالي. واليوم علينا إعادة دراسة هذا الموضوع بشكل معمق وجريء، واتخاذ القرارات المناسبة بشأنه، وقد يكون هذا هو التحدي الأبرز.
أما على الصعد السياسية والتنظيمية، فتقول المصادر: لقد نجح التيار في استعادة زمام المبادرة رغم الاعتراضات الكثيرة التي واجهها خلال الأشهر الماضية، النجاح في تشكيل الحكومة الجديدة وقدرة هذه الحكومة وإن مواجهة التحديات التي يواجهها اللبنانيون اليوم قد تساعد في تحسن دور التيار وعودة التفاف القاعدة الشعبية حوله، خصوصاً أن خطاب الرئيس ميشال عون بعد انتخابه ترك ارتياحاً عاماً في الأوساط الشعبية، وخاصة لدى مناصري التيار.
وتتابع المصادر: أما على الصعد التنظيمية والداخلية فسيجري انتخاب قيادات جديدة تكون قادرة على مواكبة المرحلة المقبلة، كذلك سيُعاد النظر ببعض الهيكليات التنظيمية ومواكبة الدور الذي سيقوم به رئيس التيار الشيخ سعد الحريري في الحكومة الجديدة.
إذن، فإن«تيار المستقبل» أمام تحديات مختلفة، والمؤتمر العام سيكون محطة مهمة في استعادة زمام المبادرة واعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، تمهيداً لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، فهل سينجح التيار في مواجهة هذه التحديات، أم أنه سيكون أمام مفاجآت جديدة وغير متوقعة كما حصل في الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة؟!