العدد 1387 / 20-11-2019

منذ بدء الحراك الشعبي في لبنان في السابع عشر من تشرين الاول الماضي ضد اداء الحكومة ، يواجه الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل ضغوطات كبيرة داخلية وخارجية، وكان المطلب الاول هو استقالة الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية واعادة النظر بالسياسات الاقتصادية والمالية، وقد حاول الحريري الصمود في مواجهة تلك الضغوط والاستفادة من الحراك الشعبي لتحقيق الاصلاح الاقتصادي ، وقد استجاب التيار الوطني الحر وحزب الله لمطالب الحريري واقرت الورقة الاقتصادية، لكن الضغوط استمرت مما ادى لاستقالة الحريري والدعوة لتشكيل حكومة تكنوقراط.

واليوم وبعد شهر ونيف من الحراك الشعبي، تزداد الضغوط الداخلية والخارجية على الرئيس الحريري وتيار المستقبل؟ فماهي طبيعة هذه الضغوط وما هي الخيارات التي قد يلجأ اليها الحريري؟ وماهي المخاوف التي تواجه الوضع في لبنان مستقبلا؟

الضغوط الداخلية والخارجية

منذ بدء الحراك الشعبي تعرض الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل لضغوط كبيرة داخلية وخارجية من خلال تحميل الحكومة والتسوية التي اقامها الحريري مع التيار الوطني الحر مسؤولية الازمة التي يواجهها لبنان ، فما هي ابرز هذه الضغوط ووجهات النظر حول اداء الحريري وتيار المسنقبل؟

من خلال الاطلاع على الاجواء القريبة من الرئيس الحريري وداخل تيار المستقبل ، يمكن تلخيص اهم هذه الضغوط بما يلي:

اولا : مسؤولية التسوية مع التيار الوطني الحر عن الازمة: تعتبر العديد من الاوساط داخل تيار المستقبل وبعض الجهات الخارجية ان التسوية التي اجراها الحريري مع التيار الوطني لانتخاب الرئيس العماد ميشال عون وتشكيل الحكومة هي احد اسباب الازمة اليوم ، لانها ادت لاضعاف دور رئاسة الحكومة وتقوية دور رئيس التيار جبران باسيل ولم تحقق اية انجازات سياسية وشعبية.

ثانيا : وجود حزب الله في الحكومة: تشير المصادر القريبة من الرئيس الحريري ان مشاركة حزب الله في الحكومة كانت وراء الضغوط الخارجية على لبنان ووقف المساعدات الاقتصادية ، وانه طالما يشارك الحزب في اية حكومة فالضغوط ستزداد ولن يلقى لبنان اي دعم ، وان الجهات الخارجية تضغط بقوة على الحريري لعدم العودة لاية حكومة يشارك فيها الحزب.

ثالثا: التراجع الشعبي للتيار والاوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة : تعتبر بعض اوساط تيار المستقبل ان القوة الشعبية للتيار تراجعت في السنوات الاخيرة وان المعارضين للتيار في كل المناطق استغلوا الحراك الشعبي من اجل اضعاف التيار والنزول الى الشارع ، كما ان الاوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة سواء تلك التي يواجهها الرئيس الحريري او لبنان بشكل عام انعكست سلبا على دور التيار وعلى وضع الحريري ، مما يجعله اليوم في وضع صعب شعبيا او سياسيا.

الخيارات المحدودة والمخاوف الكبيرة

لكن ماهي الخيارات التي قد يلجأ اليها الرئيس سعد الحريري لاستيعاب الازمة ؟ وكيف تنظر الاوساط المقربة منه الى افاق الوضع اللبناني؟

تقول المصادر القريبة من الرئيس سعد الحريري : ان الخيارات امام الحريري اليوم قليلة ومحدودة، فهو اما يتم تكليفه ليشكل حكومة تكنوقراط واختصاصيين وبصلاحيات واسعة لانقاذ البلد وتلقي المساعدات المالية، اوان يدعم شخصية تكنوقراط يتم اختيارها بالتوافق مع بقية الكتل السياسية لتشكيل الحكومة ، او يذهب الى المعارضة في حال تم تشكيل حكومة بدون التوافق معه .

وتؤكد المصادر ان الحريري يتعرض لضغوط قوية خارجية وداخلية كي لا يشكل حكومة تكنو- سياسية لان تشكيل مثل هذه الحكومة لن يؤدي لانقاذ البلد من الضغوط ولن يساعد في تحصيل اية مساعدات مالية او اقتصادية ولن يعيد الثقة الى السلطة اللبنانية من الشعب والحراك الشعبي.

واما عن الاحتمالات المستقبلية فتقول المصادر : ان الاوضاع الداخلية في لبنان المالية والاقتصادية والسياسية صعبة وخطيرة ، واذا لم تتم الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي في تشكيل حكومة انتقالية ومن التكنوقراط فالاوضاع ستزداد صعوبة , والضغوط الخارجية ستزداد ولن تنفع بعد ذلك اية محاولات للعلاج.

وعلى ضوء ذلك تدعو هذه الاوساط للاسراع بحسم القرار واجراء الاستشارات لاختيار رئيس حكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط وان الحريري سيدعم اية شخصية يتم اختيارها ، وهو حاضر للقيام بمثل هذه المهمة والا فسنكون امام خيارات صعبة.

قاسم قصير