قاسم قصير

بدأ «تيار المستقبل» الاستعداد والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة بعد إنجاز قانون الانتخابات القائم على أساس النسبية والدوائر الخمس عشرة والصوت التفضيلي.
ورغم انه لا يزال يفصلنا عن موعد الانتخابات المقررة في أيار 2018 عشرة أشهر، فإن التحضيرات للانتخابات المقبلة بدأت من خلال إعادة تفعيل التواصل مع القواعد الشعبية وشرح قانون الانتخابات للكوادر ودراسة التحالفات والعلاقات مع مختلف القوى والأحزاب السياسية.
مصادر قيادية في «تيار المستقبل» أوضحت لـ«الأمان» «أنّ من المبكر حالياً الحديث عن طبيعة التحالفات الانتخابية وتحديد أسماء المرشحين على اللوائح المستقبلية، لكن التحضير للانتخابات بدأ من خلال الدراسة التفصيلية لقانون الانتخابات وإقامة ورش عمل داخلية لبحث القانون وكيفية التعاطي معه على الصعيد العملي.
وتوضح المصادر قائلة «إن التيار نجح حالياً في استيعاب العديد من التحديات السياسية والشعبية التي واجهته خلال السنوات الماضية، لكن ذلك لا يمنع وجود تحديات أخرى، ومنها الوضع المالي الصعب الذي لا يزال يضغط على واقع التيار ومؤسساته، إضافة إلى أهمية بلورة المشروع السياسي الذي ينبغي العمل لطرحه في الحملات الانتخابية المقبلة».
فما هو واقع «تيار المستقبل» اليوم بعد اقرار قانون الانتخابات الجديد؟ وكيف سيواجه التيار مختلف التحديات السياسية والشعبيية والمالية؟ وما أبرز التحالفات التي سيقيمها التيار في الانتخابات المقبلة؟
واقع التيار والتحديات التي يواجهها
بداية ما هو واقع «تيار المستقبل» اليوم في ضوء اقرار القانون الانتخابي الجديد؟ وما هي أبرز التحديات السياسية والشعبية التي يواجهها؟
بعكس الصورة التي تحاول بعض الأوساط السياسية والإعلامية رسمها حول واقع التيار وأوضاعه الشعبية، فإنّ مصادر قيادية في التيار تقول لـ«الأمان»: «ان تيار المستقبل استطاع في المرحلة الأخيرة إعادة ترتيب أوضاعه التنظيمية والسياسية، ولا سيما بعد مؤتمره العام الأخير، وبعد عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، وفي ظل التطورات السياسية التي مر بها لبنان خلال الأشهر الماضية، وشكلت جولات الرئيس الحريري للمناطق والإفطارات التي أقامها في مختلف المناطق خلال شهر رمضان مؤشراً على الحضور الشعبي والسياسي للتيار، وهناك اليوم ورشة داخلية للتحضير للانتخابات المقبلة من خلال دراسة تفاصيل قانون الانتخابات وإقامة ندوات متخصصة لشرح القانون وتأهيل الكوادر للانتخابات».
لكن المصادر القيادية تعترف بأن «التيار يواجه مشكلتين أساسيتين: الأولى تتعلق بالمشروع السياسي الذي ينبغي طرحه في المرحلة المقبلة، ولا سيما خلال الانتخابات، والثانية الواقع المالي الصعب الذي يواجهه التيار منذ فترة في ظل عدم وجود حل جذري للمشكلة المالية». وأما على صعيد المشروع السياسي فتوضح المصادر «أن تيار المستقبل وقوى 14 آذار طرحا في السنوات الماضية عدة قضايا شكلت محور الخطاب السياسي وأهمها معالجة سلاح حزب الله ودوره في لبنان والمنطقة، قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومحاكمة قتلته، مواجهة النظام السوري ودعم الثورة السورية الشعبية، قيام الدولة الفاعلة وبسط سلطتها في مختلف المناطق.
لكن اليوم فإن فعظم هذه الشعارات لم تعد تلقى الأهمية الكبرى لدى الجمهور بسبب التطورات المختفة. ولذا يجب البحث عن قضية جديدة تهم المواطنين، وقد يكون الهم المعيشي وعملية التنمية ومعالجة المشكلات الاقتصادية والبيئية هي الأولوية لمعظم المواطنين، ولذا يجب بحث هذا الموضوع وتحديد المشروع المستقبلي للتيار».
وأما على صعيد الأزمة المالية، فتقول المصادر: «لقد عولجت بعض الملفات المتعلقة بالوضع المالي، لكن لم تُحلّ الأزمة جذرياً وهذا الموضوع لا يمكن الحديث عنه بشكل مفصل وهو يعود الى قرار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، لكن هذا الملف ترك ويترك انعكاسات سلبية على الواقع الشعبي ولا بدّ من البحث في كيفية معالجته».
التحالفات والعلاقات السياسية
لكن ماذا عن التحالفات والعلاقات بين «تيار المستقبل» وبقية القوى السياسية والحزبية؟ وهل حسم القرار في كيفية تشكيل هذه التحالفات وخصوصاً في الانتخابات المقبلة؟
توضح المصادر القيادية في «تيار المستقبل» أنه «قد يكون من السابق لأوانه تحديد طبيعة التحالفات السياسية والحزبية في الانتخابات النيابية المقبلة، ولا سيما في ضوء القانون الانتخابي الجديد القائم على أساس النسبية والدوائر الخمس عشرة والصوت التفضيلي، فحتى الآن لم تُحسَم التحالفات في المناطق والدوائر، والبحث لا يزال قائماً مع مختلف الأطراف والشخصيات، وهناك عوامل عديدة سيكون لها تأثير مباشر في اللوائح التي ستشكل في ظل تحديات القانون الجديد، لأن أية تحالفات ستأخذ بالاعتبار مدى قدرة الحليف أو الشريك في اللائحة الانتخابية على تجيير أكبر قدر ممكن من الأصوات للائحة في دائرته، إضافة إلى دور الحليف العملي وموقعه على الأرض والامكانات التي سيضعها بخدمة المعركة الانتخابية».
وتؤكد المصادر القيادية في التيار: «حتى الآن لم يتم الاتفاق مع أية جهة سياسية أو شخصية سياسية لتشكيل لوائح مشتركة وإن كانت هناك أسماء شخصيات سسياسية أو اقتصادية بدأت تبرز في أفق المعركة الانتخابية، لكن ذلك لا يعني أن الأمور حسمت، لأنه لا يزال هناك وقت كبير يفصلنا عن المعركة، كذلك تحتاج التحالفات لدراسة دقيقة في ظل الظروف السياسية المتغيرة».
وتؤكد المصادر «أن العلاقة مع مختلف التيارات الإسلامية في لبنان لا تزال قائمة ومستمرة ولا يوجد حتى الآن أي موقف نهائي منها، وكل ما يقال في هذا المجال سابق لأوانه وعلينا الانتظار بعض الوقت».
وبانتظار اتضاح صورة الأوضاع السياسية والشعبية، سواء بالنسبة إلى الأوضاع الداخلية أو الخارجية، فإن «تيار المستقبل» سيكون أمام ورشة كبيرة من أجل استنهاض قواعده الشعبية والتحضير الكامل للمعركة الانتخابية المقبلة، لكن رغم ما تعرض له التيار من انتكاسات في السنوات الماضية، فإنه لا يزال أحد أكبر التيارات السياسية والشعبية في معظم المناطق اللبنانية، وسيكون أحد اللاعبين الأساسيين في الانتخابات النيابية المقبلة.}