العدد 1351 / 27-2-2019

في خطوة من شأنها أن تزيد من الضغوط الدولية على "حزب الله"، أعلنت بريطانيا عزمها على حظر المجموعة اللبنانية وتصنيفها "منظمة إرهابية" بجناحيها السياسي والعسكري، في أقرب وقت هذا الأسبوع. وتأتي الخطوة البريطانية، والتبريرات لها، بعد ربط القرار باستمرار "حزب الله في محاولاته لزعزعة الوضع الهش في الشرق الأوسط" على حد قول وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد، يوم الإثنين، لتؤكد وجود مرحلة جديدة من التعامل مع الحزب، أوروبياً، بعد سنوات من الفصل بين جناحه العسكري وجناحه السياسي. كما لا يمكن فصل الخطوة عن المواجهة الإيرانية الأميركية، التي تقوم من وجهة نظر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ضرورة محاربة إيران ووكلائها في المنطقة، ممن تتهمهم بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، ومن ضمنهم "حزب الله"، بحسب ما قاله وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في مؤتمر وارسو الذي عقد أخيراً في العاصمة البولندية تحت عنوان بحث كيفية وقف الحد من نفوذ إيران في المنطقة.

وأعلنت لندن، يوم الإثنين، أنها ستحظر "حزب الله" وتضيفه بالكامل، بما في ذلك جناحه السياسي، إلى قائمتها للمنظمات الإرهابية المحظورة. ويتعين أن يصادق مجلس العموم البريطاني على مشروع القرار، الذي تسلمه أمس الإثنين، ليصبح نافذاً. ويعني الحظر البريطاني، الذي يسري يوم الجمعة المقبل، إذا وافق عليه البرلمان، أن الانتماء إلى الحزب أو التشجيع على دعمه سيكون تهمة جنائية قد تصل عقوبتها إلى السجن 10 سنوات. وقال جاويد، في بيان، إن " حزب الله مستمر في محاولاته لزعزعة استقرار الوضع الهش في الشرق الأوسط، ولم نعد قادرين على التفرقة بين جناحها العسكري المحظور بالفعل، وبين الحزب السياسي". وأضاف "لذلك، اتخذت قرار حظر المجموعة بأكملها". وقالت الحكومة البريطانية في توضيح لقرارها إن "حزب الله" يواصل حشد الأسلحة في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي، في حين تسبب دعمه لرئيس النظام السوري بشار الأسد في إطالة أمد "الصراع والقمع الوحشي والعنيف من جانب النظام للشعب السوري".

وكان التمييز الأوروبي والبريطاني بين الجناح العسكري التابع لـ"حزب الله" والجناح السياسي محط خلاف دائم بين أميركا التي تصنف الحزب بالكامل منظمة إرهابية، وبين أوروبا التي لطالما ميزت بينهما، لإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، خصوصاً أن الحزب ممثل سياسياً في البرلمان والحكومة في لبنان. ويعتبر "حزب الله" منظمة "إرهابية" بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية وكندا، فيما تبدل الموقف العربي بعد تدخل الحزب في سورية، فأدرجته الجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي والدول الخليجية على قوائم المنظمات الإرهابية. أما أوروبا، التي كانت تحاول التمييز بين الدورين السياسي والعسكري، فقد بدأ موقفها بالتبدل في العام 2012 إثر تفجير حافلة في بورغاس في بلغاريا اتهم الحزب بالوقوف خلفه، فأدرج الاتحاد الأوروبي وقتها جناح الحزب العسكري على قوائم الإرهاب. أما الموقف الأوروبي الأبرز فكان التحول في السياسة الفرنسية وإدراج الجانب العسكري بالحزب على قوائم الإرهاب في العام 2013 نتيجة تدخله في سورية، على الرغم من أن فرنسا لطالما لعبت دوراً وسطياً في السياسة اللبنانية ومنها طاولة حوار استضافتها في العام 2008 وحضرها ممثل عن الحزب. وأعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن باريس تفرق بين فرع الحزب العسكري "الإرهابي" والآخر السياسي الذي يمكن التواصل معه. وعليه يُعتبر الموقف البريطاني فاتحة في التحول الأوروبي بالنظرة إلى الحزب. وتؤكد مصادر حكومية لبنانية أن الموقف البريطاني لا يمكن وضعه سوى في خانة المساعي الأميركية لمحاصرة الحزب، خصوصاً بعد القلق الأميركي نتيجة نيل الحزب وزارة الصحة، على الرغم من الضمانات التي قدمت بأن الوزير جميل جبق، الذي يملك الجنسية الأميركية، لن يستغل الوزارة لغايات تخدم الحزب أو إيران.

وفي هذا الإطار فإن من المتوقع أن يكون ملف "حزب الله" حاضراً في الزيارة التي بدأتها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى لبنان، مساء الثلاثاء ، اضافة إلى أنه كان محوراً أساسياً في لقاءات رئيس الحكومة سعد الحريري مع زعماء دول في شرم الشيخ خلال القمة العربية – الأوروبية. وتأتي هذه الضغوط في توقيت عاد فيه الحديث الداخلي اللبناني إلى السؤال عن موعد عودة "حزب الله" من سورية، بعد رصد مؤشرات رئيسية تضاف إلى الموقف الأميركي والإسرائيلي الحاسم لجهة رفض أي نفوذ ايراني بالمباشر أو بالوكالة عبر الحزب في سورية. ومرد القلق اللبناني الرئيسي يكمن في مدى القدرة على التمييز بين لبنان الدولة و"حزب الله"، خصوصاً بعد الانتخابات الأخيرة التي أفرزت سيطرة للحزب وحلفائه على المجلس النيابي والحكومة،