العدد 1496 /19-1-2022

يتابع اللبنانيون باهتمام كبير التنافس المتواصل بين عدة شخصيات تسعى لوراثة مشروع الحريرية السياسية والذي انطلق مع الرئيس رفيق الحريري في العام 1992 عندما تولى رئاسة الحكومة ودوره الكبير سابقا في عقد اتفاق الطائف ، واخذ حجما سياسيا وشعبيا بعد اغتياله عام 2005 وانشاء تيار المستقبل برئاسة نجله سعد الحريري.

لكن اليوم يعيش تيار المستقبل في أزمة كبيرة سياسية في ظل غياب الرئيس سعد الحريري في الامارات العربية المتحدة، وسعي عدة شخصيات لملء هذا الفراغ السياسي والشعبي بانتظار قراره النهائي حول العودة وخوض المعركة الانتخابية او الاعتزال النهائي.

فمن هي ابرز الشخصيات والقوى والحركات التي تسعى لملء هذا الفراغ السياسي والشعبي؟ واي مستقبل لمشروع الحريرية السياسية في المرحلة المقبلة؟ وهل سنكون امام مشروع سياسي جديد يرث تيار المستقبل ام عملية استنهاض للتيار ودوره؟

الشخصيات والقوى المتنافسة اليوم

بداية من هي ابرز القوى والشخصيات السياسية والحزبية التي تعمل لوراثة الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل في حال قرر اعتزال العمل السياسي وعدم العودة مطلقا الى لبنان؟

بانتظار القرار النهائي للرئيس سعد الحريري وهل سيخوض الانتخابات شخصيا ام لا ؟ وهل سيستمر تيار المستقبل في نشاطه ودوره السياسي والشعبي ، فان هناك العديد من الشخصيات والقوى السياسية والحزبية التي تبحث في كيفية خوض المعركة السياسية والانتخابية في المرحلة المقبلة ومنها :

اولا : الشخصيات والهيئات الدائرة في فلك تيار المستقبل او القريبة منه ، ومنها الرئيس فؤاد السنيورة والذي يبحث جديا العودة لخوض المعركة الانتخابية في بيروت وترؤس لائحة من بقي من التيار ، وقد ينضم اليه نواب التيار الحاليون او السابقون مع وجوه جديدة ناشطة في العمل السياسي والاجتماعي.

ثانيا : الاستاذ بهاء الحريري ( شقيق الرئيس سعد الحريري) والذي ينشط منذ عدة اشهر في المجالات السياسية والاعلامية والشعبية والاجتماعية في العديد من المناطق اللبنانية، وهو يرعى ويدعم حركة " سوا من اجل لبنان" والتي يديرها عمليا الناشط سعيد صناديقي ، وهناك اشاعات عن احتمال عودة السيد بهاء الحريري الى لبنان لخوض المعركة الانتخابية ، لكن لا شيء مؤكد حتى الان ، والجميع ينتظر الخطوات المقبلة لحركة سوا ومن ستدعم في الانتخابات.

ثالثا : الوزير السابق والنائب الحالي الاستاذ نهاد المشنوق والذي يتحرك سياسيا واعلاميا وشعبيا ، وهو يشرف على موقع اساس ميديا ودعا منذ فترة لتشكيل جبهة لبنانية وطنية لمواجهة المشروع الايراني ونفوذ حزب الله ، وهو يفصل بين ما يسميه مشروع " الحريرية الوطنية" التي يمثلها الرئيس الراحل رفيق الحريري وبين مشروع " الحريرية السياسية" الذي يمثلها تيار المستقبل اليوم ، وهو يؤكد انه يعمل لاستعادة دور الحريرية الوطنية.

رابعا : الوزير الاسبق اللواء اشرف ريفي والذي يعلن انه يتابع مشروع الرئيس رفيق الحريري وهو اطلق حركة سياسية في طرابلس وينسق مع العديد من الشخصيات اللبنانية لمواجهة حزب الله والمشروع الايراني.

خامسا : الجمعيات البيروتية والجمعيات والهيئات والشخصيات الاسلامية وبعض مؤسسات وشخصيات المجتمع المدني والتي تعاونت طيلة 15 سنة مع تيار المستقبل وتعتبر انها يمكن ان تكمل هذا المشروع اليوم باشكال مختلفة.

اي مستقبل لمشروع الحريرية السياسية؟

في ظل هذا التنافس والصراع الكبير بين كل هذه الشخصيات والقوى والحركات السياسية والحزبية على وراثة وقيادة مشروع الحريرية السياسية ، اي مستقبل لهذا المشروع ؟ وهل سيكون قادرا على تقديم رؤية سياسية جديدة قادرة على مواكبة المرحلة المقبلة؟

بانتظار القرار النهائي للرئيس سعد الحريري بالعودة او عدم العودة، وبانتظار ان يحسم تيار المستقبل قراره النهائي بخوض المعركة الانتخابية والشكل الذي سيخوض فيه هذه المعركة ، يمكن القول ان ما كان يسمى " مشروع الحريرية السياسية والشعبية" ، والذي برز خلال الستة عشر سنة الماضية لم يعد قائما اليوم ، لا على مستوى الرؤية او على مستوى الخطاب او الاهداف التي ينبغي العمل لتحقيقها داخليا او خارجيا .

ومن هنا فان المشروع الجديد للحريرية السياسية سيكون مختلفا كلية عن المشروع الذي كان قائما خلال المرحلة الماضية ، فلبنان اليوم يواجه تحديات جديدة داخليا وخارجيا ، وهناك مخاطر جدية تطال مستقبل لبنان ودوره ، وعلاقات لبنان بالعالم العربي تواجه اوضاعا صعبة ، وكل ذلك يتطلب رؤية جديدة سواء من اجل تحديد الاهداف المطلوبة او الية تحقيق هذه الاهداف.

فهل سيكون التركيز على مواجهة المشروع الايراني ودور حزب الله وتحالفه مع التيار الوطني الحر ؟ او سيكون هناك تقاطع مع القوى السياسية والحزبية التي لا تتبنى هذا الخطاب ولكنها تسعى لايجاد تكتل سياسي جديد يخوض المعركة المقبلة؟ واين يتقاطع هذا المشروع مع حركة امل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وهم كانوا الحلفاء الاساسيون للرئيس رفيق الحريري ومن ثم للرئيس سعد الحريري؟ واي دور للاستاذ بهاء الحريري ودور القوى التي كانت تدعم الحريرية السياسية وخصوصا السعودية ومصر وفرنسا والامارات العربية المتحدة؟

اسئلة كثيرة لن نجد الاجابة عليه قبل ان تتوضح الصورة الحريرية اولا ، وعلى ضوء ذلك سنرى اي مستقبل لمشروع الحريرية السياسية.

والجميع في لبنان والخارج ينتظر عودة الرئيس سعد الحريري او استعادة شقيقه بهاء لموقع القيادة او للورثة الكثيرين الذين ينتظرون القرار النهائي.

قاسم قصير