العدد 1457 /14-4-2021

في ظل استمرار الازمة السياسية والحكومية والاقتصادية يشهد لبنان المزيد من التحركات السياسية والدبلوماسية من اجل معالجة الازمة والبحث عن الحلول المطلوبة ، في حين تعمد القوى المعارضة للسلطة الحالية الى اعادة تنظيم صفوفها عبر تشكيل جبهات جديدة او الدعوة لقيام حكومة انتقالية او ثورية واستقالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، في حين دعا "لقاء سيدة الجبل" الذي يرأسه النائب السابق الدكتور فارس سعيد اللبنانيين إلى عدم ربط مصيرهم بالتوقيت الإقليمي والدولي والبدء بإجراء مراجعة نقدية تعود إلى ما حصل منذ العام 2005 إثر خروج القوات السورية وصولاً حتى اللحظة السياسية الراهنة.

فماذا عن جبهات المعارضة الجديدة التي تم الاعلان عنها ؟ وما هي طبيعة الدعوات لتشكيل حكومة انتقالية؟ ومن سيستجيب للدعوة لاجراء مراجعة نقدية شاملة والبحث عن افاق جديدة للعمل السياسي في المرحلة المقبلة؟

جبهات المعارضة والحكومة الانتقالية

بداية ماذا عن جبهات المعاضة الجديدة التي اعلنت او ستعلن ؟ وماذا عن الدعوات من أجل تشكيل حكومة انتقالية او حكومة ثورية واستقالة الرئيس العماد ميشال عون؟

في الثالث عشر من شهر نيسان الحالي جرى الاعلان عن تشكيل جبهة معارضة جديدة من مقر حزب الكتلة الوطنية في بيروت وضمت الجبهة : حزب الكتلة الوطنية و "تحالف وطني" و"بيروت مدينتي" و"المرصد الشعبي لمحاربة الفساد" و"منتشرين"، ومجموعات أخرى في المناطق ، والهدف من الجبهة الدعوة الى مبادَرة إنقاذية تتعلق بتشكيل حكومة انتقالية مستقلة، تتخذ إجراءات ضرورية لوقف الانهيار الحالي، والتحضير للانتخابات النيابية، فضلاً عن توجيه نداء لتوحيد الصفوف لبناء جبهة سياسية ببرنامج سياسي وخريطة طريق واضحة لإنقاذ البلد.

وأوضحت مصادر مشاركة في الجبهة : أن المجموعات الداعية تنسق وتعمل معاً منذ مدة على تلاقي أكبر عدد من المجموعات المعارضة، التي تفكر وتعمل وتثق ببعضها البعض، لتأسيس هذه الجبهة. فالهدف عدم الوصول إلى جبهة هشة تفرط أمام الاستحقاق الأول. لذا يعملون بطريقة يرضى عنها ويشارك فيها أكبر عدد من المجموعات.

على صعيد اخر تستعد مجموعة من الشخصيات الفكرية والسياسية والاعلامية في السابع عشر من نيسان في مركز لقاء في انطالياس لاطلاق دعوة لتشكيل حكومة انتقالية جديدة برئاسة قائد الجيش العماد جوزيف عون بعد استقالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، وسيتم الدعوة لتطبيق برنامج اصلاحي متكامل ، في حين أطلق "تكتل ارادة الثورة "عريضة شعبية من اجل تشكيل حكومة انتقالية ثورية.

واما حزب الكتائب فيستعد للاعلان عن جبهة لبنانية معارضة وذلك في اخر شهر نيسان الحالي، وستضم هذه الجبهة عدد كبير من الاحزاب والشخصيات اللبنانية ومجموعات من الحراك الشعبي.

كما عقد "لقاء سيدة الجبل" و " حركة المبادرة الوطنية" و "التجمع الوطني" و " تجمّع العشائر العربية" اجتماعاً مشتركا دعوا بعده الى الالتفاف حول البطريرك بشارة الراعي ومبادرته الثلاثية لتحرير الشرعية والحياد والمؤتمر الدولي من اجل من أجل لبنان والدعوة لاستقالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والعمل لمواجهة " الاحتلال الايراني" للبنان المتمثل بحزب الله ، كما اعلن المشاركون العمل من أجل تشكيل جبهة وطنية عريضة مطلبها السياسي التمسّك بشرعيات لبنان الثلاث: الوطنية الدستورية، والعربية، والدولية – وعلى أن تكون مهمة هذه الجبهة دعم مبادرة البطريرك لاستعادة الدولة والنظام وحريات لبنان واستقراره.

الدعوة للمراجعة وجدوى التحركات

لكن ما هي الجدوى الفعلية والسياسية من هذه الدعوات والجبهات ؟ وماذا عن الدعوة للمراجعة السياسية الشاملة التي أطلقها لقاء سيدة الجبل؟

من خلال متابعة كل هذه الجبهات التي تشكلت او التي تتشكل والتجارب السابقة من التحركات ، يمكن الاشارة الى افتقاد كل هذه التحركات الى القوة الفعلية الحقيقية القادرة على تغيير الواقع السياسي اليوم او تحقيق الاهداف التي يتم اعلانها ، فالدعوة لاستقالة رئيس الجمهورية يتعذر الاستجابة لها في ظل رفض البطريركية المارونية والكثير من القوى السياسية والحزبية لذلك ، وتشكيل حكومة انتقالية او ثورية غير ممكنة في ظل وجود رئيس حكومة مكلّف وحكومة تتولى تصريف الاعمال وعدم موافقة معظم القوى السياسية والنيابية على هذا الطرح ، واما مواجهة حزب الله او ما يسميه البعض " الاحتلال الايراني" فيحتاج اما الى قوى سياسية وشعبية كبرى في لبنان ولديها قدرات كبيرة او الى قوى خارجية دولية او عربية تعمل لتغيير الواقع اللبناني بشكل كامل وهذا متعذر اليوم .

ويبدو ان معظم هذه الدعوات قد يكون الهدف منها تجميع القوى للتحضير للانتخابات النيابية المقبلة في حال تمت في مواعيدها واذا سمحت الظروف بذلك.

واما عن الدعوة للمراجعة الوطنية الشاملة فقد اعلن " لقاء سيدة الجبل " استعداده للإنخراط فيها تنظيماً ومشاركةً بهدف بناء وحدة وطنية إستناداً إلى مصلحة لبنانية صافية، كما اشار الى انه سيشكّل لجاناً سياسية للتواصل مع المرجعيات والقوى لبحث خطورة الخروج المتمادي على الدستور واتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية والذي أكّدت عليهم مبادرة بكركي.

فهذه الدعوة مهمة جدا ، لكن الاهم ان تشمل كل المراحل السابقة وان يتم تحديد الاخطاء التي ارتكبت وخصوصا من قبل " قوى 14 اذار" والتي لم تنجح في اطلاق مشروع اصلاحي شامل واستكمال تطبيق اتفاق الطائف .

ويبدو ان المطلوب اليوم عقد مؤتمر وطني شامل لبحث كل الازمة السياسية والدستورية والاقتصادية بدل تشكيل جبهات متفرقة وهذا هو الطريق الاقصر للوصول الى حل سياسي شامل للازمة اللبنانية اليوم.

قاسم قصير