العدد 1556 /29-3-2023
قاسم قصير

في الاسبوع الماضي اصدرت بعثة صندوق النقد الدولي ، والتي زارت لبنان سابقا ، بيانا حذرت فيه من الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية التي يواجهها اللبنانيون اليوم ، واكدت البعثة ان عدم قيام الجكومة اللبنانية ومجلس النواب باجراء الاصلاحات المطلوبة سيؤدي الى المزيد من الازمات والمشاكل وسيعرض لبنان لمخاطر كبيرة.

مواقف بعثة صندوق النقد الدولي ترافقت مع عودة التحركات الاعتراضية الى الشارع ولا سيما من قبل العسكريين المتقاعدين ، اضافة لاستمرار اضراب موظفي القطاع العام وقسم كبير من المعلمين وموظفي مؤسسة أوجيرو ، وغير ذلك من التحركات الشعبية الاعتراضية على الواقع المعيشي الصعب، وكل ذلك في ظل استمرار الازمة السياسية وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

فما هي ابرز النقاط التي وردت في بيان بعثة صندوق النقد الدولي ؟ والى اين تتجه الاوضاع في لبنان في المرحلة المقبلة؟ وهل يمكن ان نشهد انتفاضة شعبية جديدة شبيهة بانتفاضة 17 تشرين الاول والتي انطلقت في العام 2019؟

بيان صندوق النقد الدولي

بداية ما هي ابرز النقاط والتحذيرات التي وردت في بيان بعثة صندوق النقد الدول حول الاوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية في لبنان؟ وما هي المطالب التي رفعها للمسؤولين اللبنانيين؟

في بيان بعثة الصندوق وردت عدة نقاط مهمة ومنها :

إن لبنان حالياً على مفترق دقيق حيث بقيعلى مدى أكثر من ثلاث سنوات يواجه أزمة منقطعة النظير، حيث أدى التخلخل الاقتصادي الحاد والانخفاض البالغ في قيمة الليرة اللبنانية والتضخم ثلاثي الرقم إلى التأثير بصورة مذهلة على حياة الناس وأرزاقهم. فقد ارتفعت مستويات البطالة والهجرة ارتفاعا حاداوالفقر.يسجل معدلات قياسيةوشهدت إمدادات الخدمات الأساسية كالكهرباءوالصحةوالتعليم العام اضطرابا بالغا كما تعرضت برامج الدعم الاجتماعي الأساسية والاستثمارات العامة للانهيار..بشكل عام، وتراجعت قدرات الإدارات العامة بشكلٍ كبيرولم يعد بوسع البنوك توفير الائتمان للاقتصاد وباتت الودائع المصرفية غير متاحة غالبا للعملاء.إن تواجد عدد كببر من اللاجئين فاقم التحديات التي يواجهها لبنان.

واضاف البيان : ورغم فداحة الأوضاع، التي تستدعي تحركا فوريا وحاسما، فقد ظل التقدم المحرز محدودا نحو تنفيذ حزمة شاملة من الإصلاحات الاقتصاديةالتي نص عليها الإتفاق على مستوى الموظفين، على الرغم من بعض الجهود التي تبذلها الحكومة. وتتسبب هذه الحالة من اللافعل في الإضرار بشريحة السكان منخفضة الدخل إلى متوسطة الدخل أكثر من سواها وتؤدي إلى إضعاف إمكانات لبنان الاقتصادية على المدى الطويل. وأصبح لزاما على الحكومة والبرلمان والبنك المركزي (مصرف لبنان)سوياًاتخاذ إجراءاتسريعة وحاسمة للتصدي للضعف المؤسسي والهيكلي طويل الأمد لتحقيق الاستقرار للاقتصاد وتمهيد الطريق أمام تعاف قوي ومستدام.

هذه النقاط الهامة والتي وردت في بيان بعثة صندوق النقد الدولي تؤكد خطورة الاوضاع في لبنان على كافة الصعد الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والمالية ، ويضاف الى ذلك الازمة السياسية وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتفاقم السجالات الطائفية والمذهبية وهشاشة الاوضاع الامنية وتراجع دور مؤسسات الدولة بسبب الاضرابات والاوضاع الصعبة للموظفين ، وكلها اشارات مهمة للخطر الذي يواجهه لبنان واللبنانيون اليوم.

لبنان الى اين وهل سنشهد انتفاضة جديدة؟

الى اين تتجه الاوضاع في لبنان ؟ وهل سنشهد انتفاضة شعبية جديدة شبيهة بما جرى في 17 تشرين الاول من العام 2019؟

في ظل هذه الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية الصعبة نشهد منذ فترة اضرابات وتحركات شعبية محدودة ، وخصوصا من قبل موظفي القطاع العام والمعلمين وموظفي بعض المؤسسات العامة ، لكن التحرك الشعبي الاهم تمثل بتحرك العسكريين المتقاعدين في الاسبوع الماضي والذين حاولوا اقتحام مبنى السرايا الحكومي وتصدت لهم القوى الامنية والجيش اللبناني ، وهناك دعوات اخرى للقيام بتحركات شعبية ، لكن رغم اهمية هذه التحركات الشعبية ، فان معظم المحللين والمهتمين بالحراك الشعبي لا يتوقعون حاليا العودة الى الحراك الشعبي الذي يشبه ما جرى في العام 2019 ، ويعتبر هؤلاء : ان الاوضاع اليوم تختلف عما كانت عليه في العام 2019 وان هناك حالة من الاحباط واليأس من التحرك الشعبي مجددا ، اضافة الى ان معظم الاحزاب السياسية نجحت في ضبط قواها الشعبية عبر المساعدات ، اضافة الى تصاعد الخطاب المذهبي والطائفي والذي يشكّل عائقا امام عودة الحراك الشعبي الشامل والعابر للطوائف.

والحل الاسرع اليوم هو العمل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وتنفيذ خطة الاصلاحات ، والا فان الاوضاع الاقتصادية والمعيشية ستزداد تدهورا ، وفي حال لم تستطع القوى السياسية والحزبية السيطرة على الشارع ، فاننا سنشهد المزيد من التحركات الشعبية وسيتجه الوضع في لبنان الى المزيد من الانهيار والتأزم في كافة المجالات ، وكل ذلك سيؤدي الى انهيار مؤسسات الدولة والاتجاه الى المزيد من التقسيم والصراعات الداخلية وسندخل في دوامة لا نهاية لها من الصراعات والانهيارات .

فمن سيسبق الاخر : الحل والتسوية او المزيد من الانهيار والخراب الكامل؟

قاسم قصير