العدد 1465 /9-6-2021

في ظل فشل الجهود السياسية الداخلية لانقاذ لبنان من أزماته ، تتجه أنظار اللبنانيين وبعض القيادات السياسية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني الى خارج لبنان بحثا عن خارطة طريق لوضع حد للانهيار الداخلي ومعالجة الازمات السياسية والمالية والاقتصادية.

وفي هذا الاطار طرحت مؤخرا مبادرتان مهمتان من أجل زيادة الاهتمام الدولي بالوضع اللبناني ووضع بعض الحلول للازمة القائمة ومنع الانهيار الشامل .

المبادرة الاولى جاءت من دولة الفاتيكان بالدعوة لعقد لقاء للقيادات المسيحية الدينية في الاول من شهر تموز القادم لبحث الاوضاع في لبنان وكيفية معالجة مختلف المشكلات الاجتماعية والمعيشية والسياسية، اضافة لبحث مستقبل النظام والمخاطر الديمغرافية.

والثانية تركز على عقد مؤتمر دولي من اجل بحث الاوضاع في لبنان ، وقد تعددت الافكار والاقتراحات في هذا المجال .

فماهي تفاصيل هذه المبادرات الدولية تجاه لبنان ؟ وهل يمكن ان تضع خارطة طريق لانقاذ لبنان من أزماته ومشاكله؟

تفاصيل المبادرات الخارجية

بداية ما هي المعطيات والمعلومات التفصلية عن المبادرات الخارجية تجاه لبنان ، سواء اللقاء الفاتيكاني المسيحي في الاول من شهر تموز المقبل ، او الدعوات والتحضيرات لعقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني وبحث الاوضاع اللبنانية المستقبلية؟

على صعيد الدعوة لعقد لقاء للقيادات الدينية المسيحية في الفاتيكان في الاول من شهر تموز برعاية البابا ، فقد اشارت مصادر دبلوماسية في الفاتيكان : ان هذه الدعوة جاءت بطلب من بعض القيادات المسيحية اللبنانية وفي ظل ورود تقارير دبلوماسية وكنسية الى الفاتيكان حول المخاطر التي يواجهها لبنان واللبنانيون عامة والمسيحيون بشكل خاص ، وفي ظل المخاوف من انهيار الاوضاع في لبنان بسبب الفشل في التوصل الى معالجة الازمات السياسية والمعيشية والمالية والاجتماعية.

واضافت : ان اللقاء سيجمع القيادات اللبنانية المسيحية الدينية فقط ولن تشارك فيه شخصيات سياسية، وان هناك تواصل مع بعض القيادات الاسلامية للاستماع الى مواقفها قبل عقد اللقاء ، وقد تعقد قمة مسيحية – اسلامية في لبنان قبل انعقاد اللقاء في الفاتيكان ، وان البابا فرانسيس الاول سيرعى اللقاء الفاتيكاني وسيستمع الى كل وجهات النظر وسيتم اتخاذ القرارات المناسبة التي يمكن ان تساهم في انقاذ لبنان واللبنانيين.

واما على صعيد الدعوات لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان ، فقد تباينات الرؤى حول هذه الدعوات ، ففي حين تشير بعض المصادر الدبلوماسية الى تعاون فرنسي – اميركي لعقد مؤتمر متخصص لدعم الجيش اللبناني والاجهزة الامنية، فقد أشار الوزير السابق والمقرب من البطريرك بشارة الراعي سجعان قزي الى وجود جهود دولية لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان ودعم اجراء الانتخابات النيابية المقبلة، في حين ان البطريرك الراعي يكرر الدعوات لعقد مؤتمر دول لدعم لبنان بشكل عام وبحث كافة الازمات الداخلية التي يعاني منها ، كما ناشد الراعي الامم المتحدة والمنظمات الدولية لدعم لبنان في كافة المجالات ، لكن حتى الان لا توجد رؤية شاملة حول طبيعة المؤتمر الدولي لدعم لبنان ومن هي الجهات التي ستتبنى هذا المشروع وتدعم انعقاده وما هي الموضوعات التي ستطرح على جدول اعماله.

هل من خارطة طريق لانقاذ لبنان؟

لكن هل لدى الجهات الخارجية والدولية من خارطة طريق لانقاذ لبنان؟ وكيف تنظر هذه الجهات الى الوضع اللبناني اليوم؟

تجيب مصادر دبلوماسية مطلعة في بيروت : ان الاولوية اليوم لدى معظم الجهات الدولية والخارجية حماية الاستقرار الداخلي ومنع انهيار الاوضاع الامنية والاجتماعية، ولذلك تتركز المساعدات الخارجية على دعم الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي والاجهزة الامنية، اضافة الى تقديم المساعدات الانسانية والاجتماعية ضمن حدود معينة وذلك من اجل التخفيف من معاناة اللبنانيين .

واما على صعيد الحلول السياسية والازمات المختلفة فتكشف هذه المصادر : ان معظم الجهات الدولية والعربية تشعر باليأس والإحباط من المسؤولين اللبنانيين والقوى السياسية والحزبية ، وحتى من مؤسسات المجتمع المدني التي لم تنجح في تحقيق اي تغيير في الواقع السياسي والشعبي ، وان التركيز الخارجي ينحصر بالدعوة الى تشكيل حكومة جديدة وتحقيق الاصلاحات المالية والاقتصادية، وانه اذا لم تتشكل حكومة جديدة فلن تقدم الجهات الخارجية اية مساعدات مالية للبنان وسيقتصر الدعم على الجيش اللبناني والقوى الامنية.

وتضيف هذه المصادر : ان الجهات الخارجية تولي الاهتمام للانتخابات النيابية القادمة ولاحقا الانتخابات الرئاسية، وتحاول بعض الجهات الخارجية تقديم الدعم للجهات والمجموعات التي ستشارك في الانتخابات من اجل تغيير الخريطة السياسية الداخلية وانتاج طبقة سياسية جديدة ومعاقبة الطبقة الحالية.

واما على صعيد عقد مؤتمر دولي لدعم لبنان او بحث مستقبل النظام السياسي والاصلاحات المطلوبة، فليس هناك اية معطيات مؤكدة حتى الان ، وتدعو بعض الجهات الدبلوماسية الخارجية اللبنانيين لتقليع أشواكهم بايديهم لانه لا احد مهتم بالوضع اللبناني حاليا، واما اللقاء في الفاتيكان فقد يقتصر على تقديم المساعدات الانسانية ودعم المؤسسات الدينية للقيام بواجباتها في خدمة الفقراء والمحتاجين.

وفي الخلاصة ليس هناك من خارطة طريق دولية لانقاذ لبنان حاليا والجهات الدولية تركز فقط على دعم الجيش اللبناني والقوى الامنية، والجميع ينتظر تشكيل الحكومة الجديدة او ما يقرره اللبنانيون لحل مشاكلهم الداخلية.

قاسم قصير