قاسم قصير

منذ الاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة سعد الحريري، واجه «تيار المستقبل» تحدّيات عديدة، فقد عانى التيار من ارباكات سياسية وإعلامية وتنظيمية، وبرزت مخاوف عديدة حول مستقبل التيار ورئيسه. ورغم عودة الحريري إلى بيروت من طريق باريس وبعد الضغوط المكثفة على القيادة السعودية، فإن ذلك لم ينه المشكلات التي واجهها التيار في ظل الحديث عن وجود خلافات داخلية وعن احتمال قيام الرئيس الحريري بتغييرات تنظيمية على صعيد فريق عمله.
فماذا يجري داخل تيار المستقبل؟ وما هي انعكاسات أزمة الاستقالة على وضع التيار ورئيسه في المرحلة المقبلة؟ وهل نشهد تغييرات أساسية في سياسات التيار وعلى صعيد أوضاعه التنظيمية؟
الاستقالة وأوضاع التيار
بداية ما هي تأثيرات استقالة الرئيس سعد الحريري على دوره السياسي والشعبي، وعلى وضع تيار المستقبل؟
الاستقالة المفاجئة للرئيس سعد الحريري من العاصمة السعودية والالتباسات التي أحاطت بها طرحت أسئلة عديدة عن  أوضاع الرئيس الحريري وتيار المستقبل، في ظل بروز تباينات عديدة بين مسؤولي التيار في إدارة الأزمة وتحديد الموقف المطلوب مما جرى.
وتحدثت بعض الأوساط السياسية في بيروت عن وجود عدة وجهات نظر داخل التيار، وأن هناك شخصيات مستقبلية عمدت للتنسيق والتعاون مع المسؤولين السعوديين للبحث عن بديل للرئيس سعد الحريري، في حين ان قيادات أخرى تولت إدارة المعركة للضغط على القيادة السعودية من أجل عودته إلى لبنان ورفض أي تغيير في قيادة «تيارالمستقبل».
ونشرت العديد من التقارير الإعلامية التي تحدثت عن عدم ارتياح المسؤولين السعوديين من أداء بعض القيادات المقربة من الحريري. وفي هذا السياق، قالت صحيفة «القبس» الكويتية «إن هناك عتباً أو غضباً سعودياً على بعض مسؤولي المستقبل، لا سيما مستشار الحريري نادر الحريري، ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وذلك بحجة وجود علاقة وثيقة تجمع الحريري بوزير الخارجية ورئيس التيار الوطني جبران باسيل، منذ أن تفاهما على صفقات تتعلّق باستخراج النفط وغيره، فيما تثير علاقة المشنوق مع «حزب الله»، وبالتحديد مع مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، شكوكاً داخل التيار نفسه، ولدى القيادات السعودية».
وفي مقابل وجهة النظر هذه تقول صحيفة «القبس»: «إن هناك استياء داخل تيار المستقبل من النائب عقاب صقر، والإعلامي نديم قطيش، اللذين تصدّرا المشهد الإعلامي منذ إعلان الحريري استقالته. مردّ الغضب من صقر وقطيش هو اتهامهما بفتح خطوط مباشرة مع السعوديين، إلى حدّ اعتبارهما ناطقين بلسان الوزير السعودي ثامر السبهان، والقائم بالأعمال في بيروت وليد البخاري».
لكن في مقابل هذه الإربكات أدت الاستقالة وما رافقها من اعادة تعزيز شعبية الرئيس سعد الحريري داخلياً وخارجياً، وإن كان مستقبل الحريري مرتبطاً بالتطورات المقبلة في لبنان والخارج.
مرحلة بعد العودة
لكن ماذا سيحصل بعد عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت؟ وما هو مستقبل «تيار المستقبل» وأوضاعه السياسية والشعبية؟ تقول مصادر في التيار انه بعد الارتباكات والاشكالات التي واجهها التيار خلال أزمة الاستقالة وفور عودة الحريري إلى بيروت، سيشهد التيار تغييرات أساسية وتطورات مهمة، وسنكون أمام ورشة داخلية سياسية وتنظيمية، وسيكون لهذه الورشة انعكاساتها على العلاقة مع كل القوى السياسية والحزبية، وكذلك على الحلفاء السابقين في قوى الرابع عشر من آذار.
وفي هذا الاطار قال الإعلامي علي حمادة في حديث لصحيفة «القبس»: إن الضجة المثارة حول تخوين ضمني من بعض الأطراف فريق 14 آذار، في ما يتعلق باستقالة الحريري، هي مجرد «اجتهادات شخصية، لأن الحريري لم يتحدث حتى الآن مع أحد حول هذا الموضوع». ويذكر حمادة أن «قوى 14 آذار» تجتمع حول عناوين سيادية كبرى، لكنها ليست حزباً متراصاً.
وفي ما يتعلق بتيار المستقبل نفسه، يرى حمادة أن هناك «وجهتي نظر داخل التيار في ما يتعلق بالمضمون السياسي لاستقالة الحريري. فهناك قوة أساسية تعتقد ان التسوية، التي أوصلت الرئيس ميشال عون الى الرئاسة، كانت افضل الممكن وحققت إنجازات. في المقابل، هناك رأي آخر ضمن البيت الواحد غير متحمس للتسوية، ويعتبر أنها كانت خطوة خاطئة أوصلت حليف حزب الله إلى الرئاسة، وبالتالي أصبح لحزب الله قوة إضافية، فيما الحريري كان الطرف الأضعف في التسوية».
وبانتظار وضوح الرؤية حول مستقبل الرئيس سعد الحريري وحكومته والتطورات في لبنان والمنطقة، فإن «تيار المستقبل» سيكون أمام تغيّرات عديدة على الصعد التنظيمية والسياسية، وإذا كانت الاستقالة قد عززت الحضور الشعبي الشخصي للرئيس سعد الحريري فإنها طرحت العديد من علامات الاستفهام حول مستقبله ومستقبل التيار، ودوره في الواقع السياسي اللبناني وعلاقته المستقبلية مع المملكة العربية والسعودية.}
قاسم قصير