العدد 1355 / 27-3-2019
قاسم قصير

شكلت زيارة وزير الخارجية الاميركي مارك بومبيو الى لبنان محطة جديدة من محطات التصعيد الاميركي ضد "حزب الله" وايران ، ورغم المواقف الرسمية اللبنانية المعارضة للسياسة الاميركية ، فمن الواضح ان الادارة الاميركية تندفع نحو مزيد من التصعيد ضد "حزب الله" والضغط على لبنان واللبنانيين للوقوف في وجه الحزب ، وقد يتطور الموقف الاميركي للضغط على لبنان والدولة اللبنانية بشكل كامل حسب بعض الاوساط السياسية والاعلامية اللبنانية.

فماهي دلالات التصعيد الاميركي ضد "حزب الله" ؟ وهل سيتحوّل هذا التصعيد الى حرب عسكرية ضد الحزب من قبل اميركا والكيان الصهيوني؟ وكيف يتعاطى "حزب الله" مع هذا التصعيد؟

ابعاد ودلالات التصعيد الاميركي

بداية ما هي ابعاد ودلالات التصعيد الاميركي ضد "حزب الله" ؟ والى اي مدى يمكن ان يصل هذا التصعيد؟

مسلسلُ التصعيدِ الأميركيِّ ضِدَّ "حزب الله" بَدأ مع بيانِ وكيلِ وزارةِ الخارجيّةِ الأميركيّةِ للشؤونِ السياسيّةِ ديفيد هيل (12 كانون الثاني 2019)خلال زيارته للبنان والذي هاجم فيه الحزب بقوة ، جاء بعده تصريحِ مساعدِ وزيرِ الخزانةِ لمكافحةِ تمويلِ الإرهابِ مارشال بيلّينغسلي (22 كانون الثاني 2019) الذي اكد على الاستمرار بالعقوبات التي تطال الحزب وقياداته وتصعيد هذه الاجراءات ، استُتْبِع ببيانِ السفيرةِ الأميركيّةِ في بيروت إليزابيت ريتشارد من بيت الوسط (20 شباط 2019) بعد تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري , حذرت فيه من زيادة دور الحزب في الحكومة، وقد أُسنِدَ ببيانِ مساعدِ وزيرِ الخارجيّةِ الأميركيّةِ لشؤونِ الشرقِ الأدنى دايفيد ساترفيلد (5 أذار 2019)، استُكمِلَ ببيانِ الوزيرِ بومبيو من وزارة الخارجيّةِ اللبنانيّةِ (22 آذار 2019)، وتشير بعض المعلومات انه سيصدر تصريحٍ مماثِلٍ للرئيس دونالد ترامب قريبًا جدً في مواجهة حزب الله وايران .

خطورةُ هذه المواقِف أنَّ مجموعَها يُشكّلُ بدايةَ سياسةٍ أميركيّةٍ متماسِكَةٍ تجاه موضوعٍ مُعيّن. فبعد أن رَكّزَت واشنطن على "داعش"، تَتفرَّغُ الآن لتحجيمِ حزبِ الله وايران في لبنان وسوريا .

اذن نحن امام تصعيد اميركي متصاعد , وهو يركز على الضغوط المالية والاقتصادية , ودفع بعض الاطراف اللبنانية لمواجهة "حزب الله" ومنع تمدده داخل المشهد السياسي اللبناني , والسعي لمواجهته بكل الاشكال.

لكن السؤال الاهم الذي يطرح اليوم في الاوساط السياسية اللبنانية :هل يتحول هذا الضغط الاميركي السياسي والاعلامي والمالي والاقتصادي الى مواجهة مباشرة للحزب عبر الكيان الصهيوني ، وهل يمكن ان يكون لبنان محوراﹰ لحرب جديدة وضغوطات شاملة من قبل الاميركيين من اجل اضعاف "حزب الله" وايران وحلفائهما؟.

"حزب الله" والرد .. والخيارات المستقبلية

الى اين تتجه الاوضاع في المرحلة المقبلة؟ وكيف يواجه "حزب الله" هذه الضغوط الاميركية – الاسرائيلية؟ وما هي الخيارات المستقبلية؟

المعطيات المتوفرة لدى عدد من الاوساط السياسية والاعلامية اللبنانية تؤكد : اننا امام تصعيد اميركي – اسرائيلي في مواجهة "حزب الله" وكل قوى المقاومة في المنطقة ، والاعتراف الاميركي بالاحتلال الاسرائيلي للجولان والعدوان المستمر على قطاع غزة وما يتعرض له الاسرى في السجون الاسرائيلية , والاعتداءات الاسرائيلية على سوريا بين فترة واخرى وعقد مؤتمر وارسو قبل شهرين، كل ذلك يؤشر الى اننا امام تصعيد كبير في كل المنطقة تمهيدا للاعلان عن صفقة القرن ولاضعاف قوى المقاومة ومحاصرتها والدعم الاميركي للكيان الصهيوني.

في المقابل , عمدت قوى المقاومة في لبنان وفلسطين لمواجهة هذا التصعيد الاميركي – الاسرائيلي ، وقد نجح "حزب الله" في لبنان بتأمين غطاء سياسي وشعبي داخلي كبير لمواجهة الضغوط الاميركية ، ولاول مرة نشهد موقفاﹰ سياسيا لبنانيا رسميا متماسكاﹰ في مواجهة الموقف الاميركي ، ولم يتجاوب مع الطروحات الاميركية الا فئات لبنانية محدودة وهامشية في الواقع السياسي اللبناني.

واما على صعيد "حزب الله" , فاضافة للمواجهة السياسية والشعبية والمالية التي اعتمدها الحزب للرد على الضغوط والاجراءات الاميركية ، فان الحزب بدأ الاستعداد لمواجهة كل الخيارات المستقبلية ، مع الاشارة الى ان قيادة الحزب تستبعد حاليا حصول حرب واسعة في المنطقة او عدوان اسرائيلي جديد على لبنان في الافق القريب .

لكن مصادر مطلعة على اجواء الحزب تقول : ان الاستعدادات مستمرة على كافة الصعد لمواجهة اي عدوان اسرائيلي جديد , وان الحزب مطمئن لقدراته الشعبية والعسكرية والسياسية والمالية ، وانه رغم الانعكاسات المالية على وضع الحزب فان اميركا غير قادرة على كسر الحزب او القضاء عليه ، واما على الصعيد الاسرائيلي فالحزب جاهز للمواجهة وقوى المقاومة قادرة على الرد على اي عدوان ، وما يجري في غزة مؤشر واضح على قدرات المقاومة وامكانياتها ، وعلى الاميركيين والاسرائيليين ان يقرأوا الامور بوضوح.

قاسم قصير