العدد 1338 / 21-11-2018
قاسم قصير

شكل التفاهم الذي اعلن بين تيار المردة والقوات اللبنانية برعاية البطريرك الماروني مار بشارة الراعي خطوة جديدة في اطار اعادة ترتيب الاوضاع على الساحة اللبنانية عامة والمسيحية خاصة، وهو يمهّد بشكل او بآخر لمعركة رئاسة الجمهورية المقبلة ، مع ان توقيت المعركة لا يزال مبكراﹰ.

فماهي دلالات هذا التفاهم في هذه المرحلة؟ وما هي ابعاده السياسية والشعبية؟ وما هي علاقته بالمعركة الرئاسية المقبلة.

دلالات التفاهم وابعاده

بداية ، ماهي دلالات هذا التفاهم وتوقيته؟ وماهي ابعاده السياسية والشعبية؟

لقد حرص المسؤولون في القوات اللبنانية وتيار المردة على التأكيد : ان التفاهم الذي اعلن بين الطرفين مؤخرا ليس وليد هذه اللحظة بل هو نتيجة حوار مطوّل استمر منذ عدة اشهر ، وان هذا التفاهم ليس مرتبطاﹰ بأي معركة سياسية او انتخابية ، رئاسية او نيايبة، وانه ليس موجهاﹰ لأي طرف داخلي ، وخصوصا التيار الوطني الحر.

وبالمقابل حرص رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل خلال زيارته لبكركي على الترحيب بالتفاهم والاشادة به.

لكن من الواضح ان تعزيز العلاقة بين تيار المردة والقوات اللبنانية في الاشهر الاخيرة جاء بعد الانتكاسة التي تعرض لها التفاهم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ، سواء خلال الانتخابات النيابية او في مرحة الاستشارات لتشكيل الحكومة الجديدة ، وادت الخلافات بين الطرفين الى كشف مضمون الاتفاق بينهما والى تحميل كل طرف للطرف الاخر مسؤولية التراجع عن التفاهم.

ومع ان التفاهم الجديد بين القوات وتيار المردة يهدف الى طوي صفحة مؤلمة من الحرب اللبنانية ، وهي مجزرة اهدن التي استهدفت عائلة سليمان فرنجية وعشرات المقاتلين والمواطنين من اهدن وتيار المردة ، فان الاهداف السياسية والشعبية الآنية هي التي تتحكم بمسار هذا التفاهم وابعاده.

فتيار المردة برئاسة النائب السابق سليمان فرنجيه يريد تعزيز حضوره السياسي وايجاد حليف مسيحي قوي له امتداد على كل الواقع اللبناني ، وفي المقابل فان رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع يسعى لتحسين صورته الشعبية والسياسية عبر اقفال ملفات الحرب الاهلية وفتح الطريق امام المعركة الرئاسية المقبلة ، او لعب دور اساسي في اي معركة سياسية مقبلة ، خصوصا وان النائب السابق سليمان فرنجية لديه علاقات وثيقة مع حزب الله وسوريا والنائب فيصل كرامي ، مما يساعد جعجع في الدخول الى ساحات سياسية جديدة.

ورغم ان طرفي التفاهم حرصا على التأكيد بان هذه الخطوة لا تستهدف التيار الوطني الحر ، فانه من الطبيعي ان اي تفاهم بين قوتين اساسيتين في الساحة المسيحية سيكون على حساب الاطراف الاخرى ولا سيما التيار الوطني الحر، مما يؤكد ان التيار لن يعود القوة الاساس في هذه الساحة خصوصا اذا انضمت قوى اخرى للتفاهم.

التفاهم والمعركة الرئاسية

لكن ما علاقة التفاهم بالمعركة النيابية والرئاسية المقبلة؟

لقد حرص المسؤولون في القوات اللبنانية وتيار المردة على التأكيد بان هذا التفاهم غير مرتبط حالياﹰ بأي معركة انتخابية ، سواء كانت نيابية او بلدية او رئاسية، لاننا اليوم لسنا في موسم انتخابات.

وقد يكون ذلك صحيحا ، لكن مصادر مطلعة على اجواء القوات وتيار المردة تؤكد : ان زعيميالمردة سليمان فرنجية والقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع يخططان للمعركة الرئاسية المقبلة ، والتي يفترض ان تجري مبدئيا بعد حوالي اربع سنوات ، لكن قد تحصل في اي وقت غير متوقع في ظل ما يحكى عن وضع صحي دقيق لرئيس الجمهورية الحالي ميشال عون ، رغم التأكيد المستمر من عون والاجواء القريبة منه على انه يتمتع بصحة جيدة.

وتشير هذه المصادر الى: ان فرنجية وجعجع اتفقا على ان يدعم كل طرف الطرف الاخر للوصول الى الرئاسة الاولى ، في حال كانت حظوظه اقوى من الطرف الاخر، اي انه اذا كانت حظوظ فرنجية اقوى فان جعجع يقف الى جانبه كما حصل مع العماد ميشال عون ، والعكس صحيح.

اذا نحن امام تطور جديد في الساحة المسيحية، كما ان هناك بعض المعطيات تشير الى العمل لتأسيس " لقاء سيادي جديد" يضم الرئيس السابق ميشال سليمان وحزبي الكتائب والوطنيين الاحرار والوزير السابق بطرس حرب وشخصيات اخرى متنوعة ، مما يعني ان الحراك على الساحة اللبنانية عامة والمسيحية خاصة مستمر، واننا سنكون في المرحلة المقبلة امام المزيد من التحالفات والتكتلات التي ستهمد مستقبلا للمعركتين الرئاسية والنيابية المقبلتين.

قاسم قصير