العدد 1373 / 7-8-2019
بسام غنوم

تصاعدت حدة الخلافات السياسية بين أهل الحكم على خلفية حادثة قبرشمون ، وأخذت الامور منحى حرب الصلاحيات الدستورية بين الرئاسة الأولى والثالثة , مع طلب الرئيس عون في اتصال هاتفي مع الرئيس الحريري عقد جلسة لمجلس الوزراء , استناداﹰ الى المادة 53 من الدستور التي تنص الفقرة 12 منها على حق رئيس الجمهورية بالدعوة الى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء حيث تقول الفقرة 12 "يدعو –رئيس الجمهورية- مجلس الوزراء استثنائياﹰ كلما رأى ذلك ضرورياﹰ بالاتفاق مع رئيس الحكومة" ، وهو ما اعتبر الرئيس سعد الحريري تعد جديد على صلاحياته الدستورية بعد توجيه الرئيس عون رسالة الى المجلس النيابي لتفسير المادة 95 من الدستور فكان الرد من قبل الرئيس الحريري على مسلسل المطالبات القانونية والدستورية للرئيس عون والتي يتولاها الوزير سليم جريصاتي هو بالسفر الى الخارج في عطلة عائلية قد تمتد الى ما بعد عطلة عيد الأضحى المبارك وهو ما اعتبره الكثيرون اعتكاف سياسي غير معلن من الرئيس سعد الحريري في وجه الهجمات السياسية والدستورية التي تستهدفه اولاﱠ وتستهدف صلاحيات رئاسة الحكومة واتفاق الطائف ثانياﱠ ، ولذلك فضل الاعتكاف العائلي على مواجهة السياسية مع الرئيس عون ومن خلفه "حزب الله" حتى لا تتفاقم الأمور في البلد الى ما لا تحمد عقباه .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : الى أين يتجه لبنان في ظل حالة التصعيد السياسي القائم حالياﱠ ؟

تبدو الأمور على الساحة اللبنانية وكأنها في مسارين متعارضين ، فريق يريد وضع يده على البلد بعناوين سياسية وتفسرات ملتبسة لبعض المواد الدستورية ، وفريق يستشعر حجم المخاطر الاقتصادية والمالية التي تهدد لبنان في هذه الأيام العصيبة .

بالنسبة للفريق الأول الذي يترأسه الرئيس عون وفريقه السياسية بزعامة الوزير جبران باسيل ومن ورائهم "حزب الله" فان الفرصة الآن من وجهة نظرهم مناسبة جداﱠ لاستكمال وضع اليد على البلد سياسياﱠ ودستورياﱠ ومن جميع النواحي ، والا كيف يفسر رفض النائب طلال ارسلان لكل مبادرات الحلول لحادثة قبرشمون رغم مرور شهر ونصف على الحادثة التي اثبتت تحقيقات فرع المعلومات ان من بدأ اطلاق النار اولاﱠ هم مرافقو الوزير صالح الغريب ، والغريب في الأمر تمسك الرئيس عون باحالة قضية قبرشمون الى المجلس العدلي لأنه يعتبر كما نقل زوار قصر بعبدا عنه أن الكمين هو للوزير جبران باسيل وليس للوزير صالح الغريب ، وبالتالي فان كل المسار السياسي والخلاف الدستوري حول الصلاحيات القائم حالياﱠ يبدو انه مرتبط ببرنامج سياسي متكامل من أجل اضعاف الرئيس الحريري وتطويعه اولاﱠ ، وفرض معادلة سياسية جديدة في الجبل تقصي وليد جنبلاط ثانياﱠ ، وفرض واقع سياسي جديد يتناقض مع دستور الطائف بكل مندرجاته الدستورية ثالثاﱠ .

اما بالنسبة للفريق الثاني الذي يستشعر حجم الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها لبنان , والتي يمكن ان تؤدي في حال استمرار حالة الانقسام السياسي القائم حالياﱠ الى افلاس البلد ، فهو يتألف من الرئيس الحريري اولاﱠ ومعه الرئيس بري وسمير جعجع ووليد جنبلاط والقوى المسيحية المعترضة على سياسية ونهج الوزير جبران باسيل والتيار الوطني الحرّ .

وفي آخر التحذيرات من خطورة الوضع الاقتصادي في لبنان قال الرئيس بري في لقاء مع جمعية الصناعيين ان : "الاستمرار بالوضع القائم حالياﱠ يبقي لبنان مشوه حرب ينتظر على رصيف المؤسسات الدولية وأبواب الدولة المانحة مستجدياﱠ القروض والهجمات" وأضاف قائلاﱠ : "نمر بفترة خطيرة جداﱠ نأمل ان نجتازها قريباﱠ جداﱠ" ، فالخلاف السياسي القائم حالياﱠ بحسب الرئيسين بري والحريري يرسل رسائل خاطئة عن الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان ، والدول المانحة في مؤتمر سيدر 1 وغيرها من المؤسسات المالية الدولية لايمكن ان تدفع مساعدات الى لبنان اذا كان الاستقرار السياسي هشاﱠ او على كف عفريت كما يقال ، ولذلك يبدو اعتكاف الرئيس الحريري العائلي مرتبطاﱠ بالوضع الاقتصادي اولاﱠ ، وبمواجهة محاولات الانقلاب على دستور الطائف ثانياﱠ .

باختصار ، الأزمة الحالية التي يعيشها لبنان حالياﱠ من أخطر الأزمات التي مرت على لبنان منذ انتهاء الحرب اللبنانية في العام 1990 لأنها قد تؤدي الى انهيار اتفاق الطائف . فهل يستفيق المسؤولون قبل فوات الآوان ؟

بسام غنوم