العدد 1348 / 9-2-2019
قاسم قصير

بعد تسعة اشهر من الانتظار والمفاوضات والاتصالات تشكلت الحكومة اللبنانية الجديدة في ظل اتهام البعض لهذه الحكومة بانها حكومة حزب الله ، في حين ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله نفى هذا الاتهام ، واكد ان هذه الحكومة تمثل القوى السياسية اللبنانية.

لكن التطور السياسي الابرز بعد تشكيل الحكومة كان الخلاف الكبير بين رئيسها سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، فلقد شن الاخير حملة قاسية على التعاون بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في تشكيل الحكومة ، كما برزت بعض التباينات بين اللقاء التشاوري الذي يضم النواب المسلمين السنة وبين باسيل حول دور وموقع الوزير حسن مراد في الحكومة.

فكيف ستكون خريطة القوى والتحالفات السياسية والحزبية بعد تشكيل الحكومة ؟ وهل نحن امام انقلاب في التحالفات والمواقع السياسية الداخلية؟

القوى السياسية والحزبية بعد التشكيل

يمكن القول ان هذه التشكيلة تعكس بشكل منطقي خريطة القوى السياسية على ضوء نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة ، مع غياب بعض الاحزاب كحزب الكتائب والحزب السوري القومي الاجتماعي والتنظيم الشعبي الناصري وحزب سبعة والتجمعات المدنية ، كما غابت بعض القوى التي لم تنجح في الانتخابات.

اما على الصعيد السني فلم يعد تيار المستقبل يمثل كل الساحة السنية ، واصبح الرئيس سعد الحريري لديه شركاء اساسيون وهم الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي واللقاء التشاوري ، وغاب عن المشهد شخصيات قوية كالوزير نهاد المشنوق ، وحضر الرئيس فؤاد السنيورة بشكل غير مباشر.

واما الساحة المسيحية فتمثلت برئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر وتيار المردة والقوات اللبنانية ، وان كان الرابح الاكبر هو التيار ورئيسه جبران باسيل.

وعلى الصعيد الشيعي انحصر التمثيل بحزب الله وحركة امل ، وان كان الحزب حرص على اختيار شخصية مستقلة لاستلام وزارة الصحة هو الوزير جميل جبق لمواجهة العقوبات الاميركية.

ودرزياﹰ تقاسم التمثيل الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني.

وجاء حضور النساء بارزا في هذه الحكومة من خلال وجود اربع وزيرات وهذا يحدث للمرة الاولى في تاريخ تشكيل الوزارات ، اضافة الى ان اثنتين منهن تسلمن وزارة الداخلية ووزارة الطاقة ، وهذا مؤشر هام، كما ان توزير الاعلامية ميّ شدياق من حصة القوات اللبنانية يشكل اشارة ملفتة لحضور شخصية معارضة بقوة لحزب الله في الحكومة.

التحالفات والادوار في المرحلة المقبلة

لكن كيف ستكون التحالفات والادوار السياسية والحزبية في المرحلة المقبلة؟

لم تمض ساعات قليلة على الاعلان عن تشكيل الحكومة حتى برز الخلاف القوي بين رئيسها سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنلاط ، وقد شن الاخير حملة قاسية على التعاون بين الحريري والوزير جبران باسي في تشكيل الحكومة ، وحذر جنبلاط من وجود شراكة سياسية ومالية بين الحريري وباسيل ، وهذا يشير الى اننا سنكون امام تحالف جديد بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر في المرحلة المقبلة على حساب الاطراف الاخرى وخصوصا التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية.

بالمقابل حرص حزب الله وعلى لسان امينه العام السيد حسن نصر الله على ان يرسل رسائل ايجابية باتجاه جميع القوى السياسية والتأكيد على استمرار التحالف والتعاون مع حلفائه الاساسيين ( التيار الوطني الحر ، حركة امل ، تيار المردة، اللقاء التشاوري، الحزب الديمقراطي اللبناني) ، دون ان يقطع الطريق امام التعاون مع القوى الاخرى ولا سيما في معركة مواجهة الفساد .

وكان الجديد في الحكومة هو تمثيل اللقاء التشاوري بوزير من حصة رئيس الجمهورية وهو الوزير حسن عبد الرحيم مراد وتسلمه وزارة دولة للتجارة الخارجية وتسلم ممثل الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير صالح الغريب وزارة دولة لشؤون النازحين ، وهاتان الوزارتان مهمتان على صعيد العلاقة مع سوريا ، مما يعني ان العلاقة مع سوريا ستكون محور اهتمامات هذه الوزارات .

اذن نحن امام خريطة سياسية جديدة تعكس الى حد قريب نتائج الاتنخابات النيابية ، اما على صعيد التحالفات السياسية والحزبية فقد نشهد بعض التغيرات والتبدلات في ضوء ظروف تشكيل الحكومة والمهام المطلوبة منها في المرحلة المقبلة ، فهل ستنجح هذه الحكومة بتخطي الخلافات والازمات , ام سنعود الى الغرق في بحر النفايات والتلوث والازمات المالية والاجتماعية والصحية والفساد المستشري؟

قاسم قصير