العدد 1423 / 29-7-2020
قاسم قصير

بعد تأجيل مؤتمره وعشية السابع من شهر آب : تيار المستقبل الى أين؟

قرّر تيار المستقبل تأجيل مؤتمره العام الذي كان مقررا يوم السبت الماضي في الخامس والعشرين من شهر تموز ، واعلنت قيادة التيار: ان التأجيل بسبب انتشار وباء كورونا وحرصا على سلامة المشاركين ، في حين أشارت مصادر إعلامية الى أن التأجيل قد يعود ايضا لاسباب تنظيمية وسياسية وعدم اكتمال التحضيرات المطلوبة لاعادة تنظيم الوضع الداخلي للتيار. في الوقت نفسه يستعد التيار ورئيسه سعد الحريري لمواكبة اعلان نتائج المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في السابع من شهر اب المقبل.

فالى اين يتجه التيار بعد تأجيل مؤتمره العام؟ وكيف سيتعاطى مع اعلان المحكمة الدولية حول اغتيار الرئيس رفيق الحريري؟ وهل سيستطيع التيار اعادة ترتيب اوضاعه الشعبية والسياسية في ظل تراجع دوره وتأثيره في الواقع السياسي؟.

ما بعد تأجيل المؤتمر العام

بداية ماذا عن تأجيل المؤتمر العام لتيار المستقبل، وهل لذلك تأثير على دوره وموقعه السياسي والشعبي؟

قبل إتخاذ القرار بتأجيل المؤتمر العام لتيار المستقبل ، كانت المصادر المطلعة في التيار وبعض الاوساط الاعلامية قد أشارت الى ان التيار يتجه لاتخاذ سلسلة اجراءات سياسية وتنظيمية من اجل اعادة ترتيب اوضاعه الداخلية وتفعيل حضوره السياسي والتنظيمي، وان المؤتمر سيلغي الهيئات التي كانت قائمة ويتجه لاعتماد ادارة مركزية مباشرة من الرئيس سعد الحريري بالتعاون مع قيادة مركزية معينة ومختارة من رموز فاعلة في التيار ، وان الهدف اعادة تجميع القيادات التي ابتعدت عن التيار لاسباب سياسية او تنظيمية والاستفادة من الطاقات القديمة وتفعيل دور الرئيس سعد الحريري في متابعة عمل التيار بعد التراجع الكبير في دوره وموقعه السياسي والشعبي.

ورغم تأجيل انعقاد المؤتمر العام، فانه من الواضح أن العمل داخل التيار بدأ يتخذ منحى جديدا عبر تهميش القيادات المنتخبة ضمن المكتب السياسي واضعاف كل المواقع التي تحاول التحرك بعيدا عن قيادة رئيسه سعد الحريري الذي حرص على اعادة تكثيف حضوره الاعلامي والسياسي بعد قرار فك التحالف مع العهد والتيار الوطني الحر والخروج من الحكمواعادة تدعيم تواصله مع القيادات المستقبلية التي كانت معترضة على نهجه السابق ، او ما يسمى الحرس القديم.

لكن رغم كل الاجراءات السياسية والتنظيمية التي اتخذها الرئيس سعد الحريري لتفعيل الحضور السياسي والشعبي والاعلامي فان ذلك لا يعني ان التيار سيستعيد موقعه ودوره السياسي الفاعل لان هناك مشاكل تنظيمية وعملانية ومالية وواقعية ادت الى تراجع دوره وموقعه ، وسيكون من الصعب استعادة هذا الدور حاليا.

ما بعد السابع من آب؟

لكن كيف سيتعاطى تيار المستقبل مع قرار اصدار المحكمة الدولية حكمها النهائي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ؟ وما هو تأثير ذلك على دور التيار وموقعه؟

المصادر المطلعة داخل التيار تؤكد على مواكبة الرئيس سعد الحريري لقرار المحكمة الدولية، وانه قد يشارك مع عدد من الشخصيات السياسية في جلسة اصدار الحكم ، لكن ماذا لوصدر الحكم بتأكيد الإتهامات لكوادر من حزب الله وما هو تأثير ذلك على موقع التيار ودوره وعلاقته بالحزب؟

المصادر القيادية في التيار تؤكد : على انه سيتم التعاطي مع الحكم بعقلانية وان التيار سيكون حريصا على حماية الوحدة الوطنية والاسلامية وعدم الانجرار الى اية ردة فعل تثير الفتنة المذهبية ، وان العلاقة مع الحزب محكومة بالاوضاع السياسية الداخلية واهمية الحفاظ على الاستقرار الداخلي ومنع حصول اي تدهور في الاوضاع العامة.

ورغم ان بعض الجهات السياسية الداخلية والاوساط الخارجية تراهن على ان يؤدي حكم المحكمة الدولية لزيادة الضغوط على حزب الله واعادة تفعيل دور القوى المعارضة للحزب وخصوصا تيار المستقبل ، فانه لا يبدو ان التيار في وارد الذهاب الى التصعيد في مواقفه السياسية والشعبية لان ظروف البلاد لا تسمح بذلك في ظل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية الصعبة.

وفي المحصلة فان وضع تيار المستقبل اليوم ليس على ما يرام ، وان الاجراءات التنظيمية المتوقعة ، سواء عقد المؤتمر العام او أنه لم يعقد، وكذلك صدور القرار النهائي من المحكمة الدولية بشأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، لن تستطيع إخراج التيار من ازمته السياسية والشعبية ، وان المطلوب هو اعادة تقييم كل المشروع السياسي للتيار على ضوء المتغيرات التي حصلت خلال الخمسة عشر سنة الماضية وفي ظل فقدان التيار لمعظم عناصر قوته السياسية او المالية او القضايا التي اعطته زخما قويا منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005.

نحن اذن امام مرحلة جديدة في مسيرة تيار المستقبل والمطلوب رؤية مختلفة تعيد للتيار بعض زخمه الشعبي وتعزز دوره السياسي والوطني على صعيد بناء الدولة وتقديم مشروع اصلاحي متكامل.

قاسم قصير