وائل نجم

 أمام الخلاف والنقاش المحتدّ حول قانون الانتخاب وعدم التوصّل إلى صيغة مرضية لكل الاطراف، وأمام ضغط المهل الدستورية التي باتت ضيقة، وبعد أن كان  رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، قد دعا إلى جلسة تشريعية يوم الخميس في 13/4/2017 من أجل مناقشة وإقرار اقتراح معجّل مكرر مقدّم من النائب نقولا فتّوش، للتمديد للمجلس النيابي الحالي مدة عام كامل، وتفادياً للمواجهة التي ربما كانت ستحصل في الشارع بعد أن كانت بعض القوى السياسية (القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر) قد دعت إليها، وإتاحة في المجال أمام مزيد من البحث في صيغ جديدة للقانون المنتظر، لجأ رئيس الجمهورية، ميشال عون، إلى خطوة دستورية تقع في صلب صلاحياته عندما علّق عمل المجلس النيابي لمدة شهر كامل، وطلب تأجيل الجلسة النيابية التي كانت مقررة. وقد تجاوب رئيس المجلس نبيه بري مع الطلب، واعتبر ذلك من صلب صلاحيات الرئيس، وأجّل الجلسة التشريعية التي كانت ستمدد للمجلس الحالي إلى الخامس عشر من شهر أيار المقبل، على أمل أن يكون هذا الشهر فرصة أمام القوى السياسية للاتفاق على قانون جديد. إلا أن المواقف والتصاريح والتصرفات من القوى السياسية لا تبشّر بكثير من الخير، حيث لا تزال إلى الآن هذه القوى السياسية تختلف على هذه الصيغ، وتعمل كل واحدة منهاعلى صيغة تؤمّن لها الفوز، ولا تؤّمن للبنان الخروج من هذا النفق المظلم، وهذه الأزمة التي قد تطيح الهيكل ومَن تحته. ولذلك، وأمام هذا الانسداد في الافق، حتى الساعة، في امكانية الاتفاق على قانون انتخاب، هل يملك رئيس الجمهورية ميشال عون خطوة دستورية أخرى يمكن أن تشكل مخرجاً أو تكون بمثابة إنقاذ للموقف بالنسبة إلى كل القوى السياسية؟ وهل يلجأ إلى هذه الخطوة إذا كانت موجودة؟ وهل يمكن أن تنجح؟ وماذا تحتاج من ظروف لذلك؟ وما هي نتائجها وتداعياتها؟
بعض المصادر المواكبة للجهود المبذولة في ملف قانون الانتخاب أكدت أن رئيس الجمهورية يملك خطوة دستورية أخرى يمكن أن يلجأ إليها في ضوء انسداد افق الحل السياسي في ما يتصل بقانون الانتخاب، خاصة أن إجراء الانتخابات النيابية في وقتها المقرر، أي قبل  العشرين من حزيران المقبل، ووفقاً للقانون النافذ، أي قانون الستين، بات مستحيلاً وغير ممكن، وبالتالي فلا بدّ من الاتفاق على صيغة معينة، لأن الرئيس يرفض التمديد للمجلس النيابي، وحتى بقية القوى ترفض ذلك، ولكنها لا تريد الفراغ في سدة السلطة التشريعية، ولذلك هي تبحث عن حل.
الخطوة الدستورية التي يمكن أن يلجأ إليها رئيس الجمهورية في ربع الساعة الأخير إذا لم يجرِ التوصل إلى اتفاق على قانون الانتخاب، هي اتخاذ قرار بحل المجلس النيابي، ولكن ذلك دونه عقبات ويحتاج إلى موافقة ثلثي الحكومة، كما يقول العارفون والخبراء في القانون الدستوري، وليس من السهل على الاطلاق تأمين هذا النصاب في الحكومة، خاصة في ظل الانقسام السياسي، وضبابية أفق المرحلة التي ستلي حل المجلس، فيما لو بلغت الأمور هذا المستوى. ولكن حتى لو تمّ إقناع قوى سياسية مشاركة في الحكومة بالموافقة على مثل هذا القرار، وبالتالي تأمين موافقة ثلثي الحكومة على قرار حل المجلس، يبقى دون ذلك عقبات أخرى أقل تأثيراً. ولكن المهم ما هي الخطوات الأخرى التي يترتب عليها حل المجلس؟
يقول العارفون إن نجاح خطوة حل المجلس النيابي يحمّل الحكومة مسؤولية الدعوة لإجراء الانتخابات النيابية بخلال ثلاثة أشهر وفقاً للقانون النافذ، وهو بالطبع الآن ما يعرف بقانون الستين، وبالتالي تكون الأمور قد عادت إلى المربع الأول، الذي يجري عليه كل الخلاف، والذي يدّعي ويزعم الجميع أنهم ضده (قانون الستين). أو أن المسألة إذا لم يُصَر إلى إجراء الانتخابات وفقاً للقانون النافذ في خلال هذه المهلة (ثلاثة أشهر) ستعني دخول البلد في دوّامة الدستورية والميثاقية وفشل النظام السياسي وصلاحه، وتالياً هذا قد يأخذ البلد إلى «المؤتمر التأسيسي» أو ربما إلى الفوضى والمجهول. ولبنان لا يتحمّل هذا ولا ذاك، ولذلك فإن القوى السياسية مدعوة في خلال ما بقي من فترة الشهر إلى التواضع وتقديم مصلحة البلد على أي شيء آخر عبر إنتاج قانون انتخاب جديد يأخذ في الاعتبار مصلحة اللبنانيين ولبنان أولاً، لا مصلحة الاحزاب والطوائف والزعامات السياسية التي تريد أن تختصر الطوائف والاحزاب والبلد وكل شيء في هذا الوطن، ويجب أن لا ننسى أن هذا الشعب اللبناني الذي ملّ قسم كبير منه من توظيفات السياسيين لآلامه وعذاباته عبّر في أكثر من محطة انتخابية عن إرادته الحرة واختار بقناعة من أرادهم ومن دون تأثير القوانين الانتخابية التي فصّلت على مقاس الزعامات.}