بسام غنوم

تتجمع الغيوم السوداء فوق لبنان في ظل احتدام الصراع بين المحورين الإيراني والسعودي. وإذا كانت قضية عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان قد سويت عبر تفاهمات سعودية-فرنسية، فإن القرارات التي صدرت في ختام الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، والتي وصفت فيه جامعة الدول العربية «حزب الله» بأنه «إرهابي.. يدعم الجماعات الإرهابية في الدول العربية»، فتح الباب واسعاً أمام التساؤلات عمّا ينتظر لبنان في الفترة القادمة، وخصوصاً في ظل الإصرار السعودي على فتح الصراع مع إيران عبر بوابة «حزب الله».
فهل دخل لبنان عصر الصراع المحتدم بين المحورين الإيراني والسعودي في المنطقة والممتد من اليمن والعراق والبحرين، وصولاً الى سوريا؟
وهل عودة الحريري الى لبنان هي من أجل تطبيق الاستراتيجية الجديدة للصراع مع إيران و«حزب الله»؟
وهل يستطيع لبنان تحمُّل كلفة الصراع الإيراني-السعودي سواء على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وكذلك على الصعيد الأمني؟
وهل مواجهة سياسات إيران و«حزب الله» في لبنان تحظى بغطاء أميركي؟
أسئلة كثيرة أثارها البيان الصادر عن اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، ولا سيما بعد تحميل بيان الجامعة العربية «حزب الله» «الشريك في الحكومة اللبنانية مسؤولية دعم الجماعات الإرهابية في الدول العربية بالأسلحة المتطورة»، ومطالبة الحزب «بالتوقف عن نشر التطرف والطائفية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعدم تقديم أي دعم للإرهاب والإرهابيين في محيطه الإقليمي».
قبل التوقف عند مضمون بيان وزراء الخارجية العربية وما جاء فيه من اتهامات لـ«حزب الله»، لا بدّ من التوقف أولاً عند مرحلة ما بعد عودة الرئيس الحريري الى لبنان.
وهذه النقطة أساسية، لأن المواقف التي أعلنها الرئيس الحريري في بيان الاستقالة في الرابع من الشهر الجاري بحق إيران و«حزب الله»، والتي أعاد تأكيدها مجدداً بصيغة أخرى في المقابلة التلفزيونية التي أجراها في الرياض التي اتهم فيها «حزب الله» بتهديد أمن لبنان واللبنانيين وأمن الدول العربية، تؤكد ان الرئيس الحريري سيحمل خطاباً سياسياً جديداً يتناسب والمرحلة الجديدة التي دخلها الصراع الإيراني - السعودي في المنطقة.
وأول ملامح هذه السياسة الجديدة، أن لبنان بعد التطورات السياسية والعسكرية في العراق وسوريا أصبح جزءاً من مناطق الصراع بين إيران والسعودية.
النقطة الثانية هي ان كل الأسلحة أصبحت مباحة في الصراع مع إيران و«حزب الله» في لبنان، ويؤكد ذلك اتهام وزراء الخارجية العرب «حزب الله» بـ«نشر التطرف والطائفية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول».
النقطة الثالثة، وهي الأهم، هي قدرة الرئيس الحريري على السير في الاستراتيجية السعودية الجديدة في مواجهة «حزب الله» وإيران في لبنان.
بعد هذه القراءة الأولية لمرحلة ما بعد عودة الرئيس الحريري الى لبنان، يجدر التوقف عند مضمون بيان وزراء الخارجية العرب وما جاء فيه من اتهامات لـ«حزب الله».
النقطة الأولى هي تحميل «حزب الله»، «الشريك في الحكومة اللبنانية مسؤولية دعم الجماعات الإرهابية بالأسلحة المتطورة»، وتؤكد هذه النقطة مسؤولية الحكومة اللبنانية المباشرة عن كل ما يقوم به «حزب الله» في سوريا والعراق واليمن والبحرين، ولأنه شريك في الحكومة اللبنانية، فالمسؤولية مشتركة بحسب بيان وزراء الخارجية العرب، وبالتالي على الحكومة اللبنانية مسؤولية مواجهة «حزب الله» أو اعتبارها شريكاً له، وبذلك ستتحمل نتائج هذا الأمر.
النقطة الثانية مطالبة بيان وزراء الخارجية العرب «حزب الله» «بالتوقف عن نشر التطرف والطائفية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم تقديم أي دعم للإرهاب والإرهابيين في محيطه الإقليمي».
وهذا يعني وضع جامعة الدول العربية «حزب الله» على لائحة المنظمات الإرهابية، وأنه يقوم بنشر التطرف والطائفية، وكذلك بدعم الإرهاب والإرهابيين، وبذلك يصبح استهداف «حزب الله» ومن معه متاحاً في الدول العربية وكذلك في لبنان.
لكن كيف يمكن الدول العربية مواجهة «إرهاب» حزب الله في لبنان والمنطقة؟
في هذا الإطار كان لافتاً البيان الصادر عن البيت الأبيض السبت الماضي في واشنطن بعد اتصال الرئيس ترامب بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وجاء فيه أن «الرئيس دونالد ترامب تحدث اليوم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الوضع في لبنان وسوريا، وأنهما اتفقا على العمل مع حلفائهما لمواجهة النشاطات المزعزعة للاستقرار التي يقوم بها حزب الله وإيران في المنطقة»، وإذا تذكرنا ان هذا البيان جاء في ظل الزيارة التي يقوم بها الرئيس الحريري الى باريس، فإن ملامح المرحلة أو المواجهة القادمة في لبنان تبدو واضحة.
باختصار، الساحة اللبنانية أصبحت مفتوحة على الصراع الإيراني - السعودي، فهل يدفع لبنان واللبنانيون الثمن؟}
بسام غنوم