قاسم قصير


 انتهى دور قوى 14 آذار وتم اقفال مقر الأمانة العامة التابعة لهذه القوى في منطقة الأشرفية، وأعلن المنسق العام الأخير لهذه القوى النائب السابق الدكتور فارس سعيد انتهاء دورها السياسي والتنظيمي.
ورغم ان بعض القيادات السابقة في هذه القوى لا يزال يحرص على الإشارة الى دورها التاريخي وانها تحقق نجاحات سياسية وشعبية، فإنه من الواضح ان ما يسمى «قوى 14 آذار» انتهى شكلاً ومضموناً ولم تعد هناك أية صيغة سياسية أو شعبية أو تنظيمية تجمع هذه القوى، وبدأ كل طرف في هذه القوى ينسج تحالفات جديدة سواء مع أحزاب من داخل هذه القوى أو مع أحزاب وقوى من 8 آذار، فيما بدأ المنسق السابق لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد يتحرك باسم «لقاء سيدة الجبل»، حيث يتم اصدار البيانات والمواقف باسم هذا اللقاء، كما يجري التحضير لعقد اجتماع تشاوري للقاء في أوائل شهر شباط المقبل في اطار ما سمّاه اللقاء: «مواجهة الهيمنة الايرانية على لبنان والعمل لاستكمال تنفيذ بنود اتفاق الطائف» ومنها سحب سلاح حزب الله. وبمواجهة ذلك، يسعى كل من حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب للحوار مع «حزب الله» ونسج علاقات جيدة مع إيران. فأين أصبحت المكونات السابقة لقوى 14 آذار ؟ وما هي خطط ومشاريع هذه القوى للمرحلة المقبلة؟ وهل ستنجح هذه المكونات في لعب دور سياسي وشعبي فاعل في الواقع السياسي اللبناني؟
تشتّت مكونات قوى 14 آذار
بداية، أين أصبحت المكونات السابقة لقوى 14 آذار؟ وما هي أسباب تشتت هذه القوى وتفرقها؟
لا بدّ من الاشارة بداية إلى ان ما يسمى «قوى 14 آذار» التي التقت في 14 آذار 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري رداً على المسيرة التي نظمها «حزب الله» وحلفاؤه في 8 آذار، لم تعد هي نفسها قوى 14 آذار في عام 2016، التي انتهت عملياً مع نهاية هذا العام وحصول عملية انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري. فهذه القوى بدأت تتراجع بداية مع خروج التيار الوطني الحرّ منها وتحالفه مع «حزب الله»، ومن ثم خروج الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط والعديد من القوى الحزبية والشخصيات المستقلة منها، لكن رغم ذلك حافظ ما بقي من هذه القوى على تضامنه وتكاتفه الى حين اعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ورفض القوات اللبنانية لهذا الترشيح وإعلانها دعم ترشيح العماد ميشال عون، ومن ثم إعلان بيان النقاط المشتركة بينهما، ما أدى إلى انتهاء التكتل المشترك لهذه القوى.
وجاء إعلان الرئيس سعد الحريري لدعم ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة وحصول هذه الانتخابات ومن ثم تشكيل حكومة الرئيس الحريري ليشكل الضربة القاضية لقوى 14 آذار وإعلان منسق الأمانة العامة فيها النائب السابق الدكتور فارس سعيد اقفال مقر الأمانة العامة واعادة تفعيل «لقاء سيدة الجبل»، فيما بدأت القوى السياسية والحزبية والشخصيات المستقلة التي كانت منضوية تحت إطار قوى 14 آذار تبحث عن تحالفات وعلاقات جديدة سواء من بين الأحزب السابقة في هذه القوى أو مع أحزاب وقوى 8 آذار.
واضافة الى الاختلاف حول الانتخابات الرئاسية، فإن غياب المشروع السياسي الموحد ونهاية الأسباب التي شكلت الدافع الرئيسي لهذه القوى ومنها تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري ومواجهة النظام السوري والصراع مع «حزب الله»، كل ذلك ادى إلى نهاية وتشتت قوى 14 آذار.
التحالفات والتشكيلات الجديدة
لكن ما هي طبيعة التحالفات والعلاقات الجديدة التي تنشدها المكونات السابقة لقوى 14 آذار؟ وهل سنكون أمام تشكيلات جديدة تجمع بعض هذه المكونات مع بعضها الآخر أو بينها وبين قوى أخرى من 8 آذار؟
من يتابع مواقف وتصريحات أركان قوى 14 آذار السابقين، يلحظ ان كل فريق أو كل شخصية من هذه القوى يبحث عن مشاريع وتحالفات جديدة للعمل من خلالها، ففيما استعاد النائب السابق الدكتور فارس سعيد صيغة «لقاء سيدة الجبل» للعمل من خلاله واطلاق مشروع جديد يجمع الشخصيات المستقلة من هذه القوى، فإن حزب الكتائب يسعى لايجاد تحالفات جديدة سواء مع قوى سابقة من 14 آذار كحزب الوطنيين الأحرار أو مع قوى جديدة من المجتمع المدني إضافة إلى تكثيف الحوار مع «حزب الله». أما تيار المستقبل، فهو يعمل لإعادة ترتيب أوضاعه الداخلية وإعادة نسج تحالفات وعلاقات جديدة، وقد يعمد إلى التحالف مع التيار الوطني الحر مستقبلاً في ظل تقارب المواقف بين الرئيس العماد ميشال عون ورئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري. وبالنسبة إلى القوات اللبنانية، فهي تعيد ترتيب أوضاعها وتحالفاتها, وهي ترغب بفتح حوار مباشر مع «حزب الله» وتنتهج سياسة إيجابية مع إيران وتعمل لإقامة تحالف رباعي قد يجمعها مع التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل. أما بقية القوى الحزبية والشخصيات المستقلة في هذه القوى, فكل فريق يعمل لترتيب أوضاعه وتحالفاته بما يضمن له دوراً سياسياً وشعبياً في المستقبل.
إذن, يمكن القول ان قوى 14 آذار انتهت كمشروع مشترك، وسنكون في المرحلة المقبلة أمام تحالفات وتشكيلات جديدة قائمة على مواقف ومشاريع سياسية مغايرة لما شهدناه طوال السنوات العشر الماضية.