العدد 1496 /19-1-2022

تسود حالة من التفاؤل في الاوساط السياسية والشعبية بعد قرار الثنائي الشيعي – حركة أمل و"حزب الله"- العودة الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء بعد ان جرى تحميلهم مسؤولية الانهيار الحاصل في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي حسب رأي رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال ان ما دفع الثنائي الوطني الى اتخاذ قرار العودة الى مجلس الوزراء هو "تحميلنا مسؤولية ارتفاع سعر الدولار وتدهور الاوضاع واتهامنا من أكثر من جهة بأن الحق يقع علينا جراء ما وصلت اليه الأمور".

ولقد انعكس هذا الموقف سريعا على الصعيد النقدي حيث انخفض سعر صرف الدولار عشرة آلاف ليرة دفعة واحدة وهو ما اثار تساؤلات عن سبب هذا الانخفاض السريع لسعر الدولار هل هو سياسي ام اقتصادي ام مجرد لعبة سياسية اقتصادية قذرة يلعبها مجددا البنك المركزي بالتعاون والتنسيق مع الطبقة السياسية الحاكمة ، وهو ما ستكشفه الايام القليلة القادمة في حال عاود الدولار الى الارتفاع ام استقرت الاحوال في سوق الصرف بحيث تستعيد الليرة اللبنانية بعضا من رصيدها المفقود.

على اية حال فان عودة الحياة الى جلسات مجلس الوزراء عامل ايجابي بغض النظر عن كل الاسباب والخلفيات التي يجري الحديث عنها لناحية وجود صفقة سياسية قضائية داخلية سمحت بعودة الثنائي الشيعي الى جلسات مجلس الوزراء ، وارتباط ذلك ايضا بالتطورات الايجابية الحاصلة في مفاوضات جنيف حول الملف النووي الايراني ، لأن تعطيل مجلس الوزراء منذ 12 تشرين أول 2021 الى الآن كان له آثار مدمرة على لبنان واللبنانيين وخصوصا في المجال الاقتصادي.

والسؤال الذي يطرح نفسه بعد العودة الى اجتماعات مجلس الوزراء هو : هل سينجح مجلس الورزاء في معالجة الازمات التي يعاني منها اللبنانيون ام سيكون ساحة للمناكفات السياسية ؟

يعتبر الثنائي الشيعي أن قراره بالعودة الى جلسات مجلس الوزراء انما هو لرفع مسؤوليته عن ما يعانيه اللبنانيين من ازمات ولذلك قال في البيان الصادر عنه : "لقد تسارعت الاحداث وتطورت الأزمة الداخلية سياسيا واقتصاديا إلى مستوى غير مسبوق مع الانهيار الكبير في سعر صرف الليرة اللبنانية وتراجع القطاع العام وانهيار المداخيل والقوة الشرائية للمواطنين و لذا فأننا استجابة لحاجات المواطنين الشرفاء وتلبية لنداء القطاعات الاقتصادية والمهنية والنقابية ومنعاً لاتهامنا الباطل بالتعطيل ونحن الأكثر حرصاً على لبنان وشعبه وأمنه الاجتماعي، نعلن الموافقة على حضور جلسات مجلس الوزراء المخصصة لإقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي وكل ما يرتبط بتحسين الوضع المعيشي والحياتي للبنانيين".

وواضح من البيان ان العودة الى جلسات مجلس الوزراء مشروطة ب : " حضور جلسات مجلس الوزراء المخصصة لإقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي وكل ما يرتبط بتحسين الوضع المعيشي والحياتي للبنانيين". وهو ما قد يفتح الباب على الخلافات في مجلس الوزراء خصوصا عند مناقشة امور اخرى مثل التعيينات الادارية والقضائية وغيرها من الامور الاخرى ، او في حال حصول تعثر في مفاوضات جنيف حول الملف النووي الايراني ، وبالتالي يمكن القول ان عودة الثنائي الشيعي المشروطة الى جلسات مجلس الوزراء بمثابة لغم موقوت يمكن تفجيره في اية لحظة ، وهو ما قد يؤدي الى تفجير الاوضاع في لبنان خصوصا مع اقتراب موعد اجراء الانتخابات النيابية في 15 ايار القادم.

وهناك نقطة ثانية وهي ان عودة الثنائي الشيعي الى جلسات مجلس الوزراء جاءت في إطار «تفاهم»، حتى لا نقول تسوية جديدة، قضت بتعطيل مهمة القاضي طارق البيطار عبر عدم تعيين الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي تنظر في ردود النواب والوزراء السابقين الذين أصدر البيطار مذكرات بتوقيفهم، وبالتالي تأخير صدور القرار الظني إلى أجل غير مسمى، وهذا الامر يعني ان القضاء اللبناني الذي يفترض ان يكون بعيدا عن قرارات وحسابات القوى السياسية اصبح اسيرا لهذه القوى بطريقة او بأخرى ، وهو ما قد يشكل تهديدا لحرية ونزاهة الانتخابات النيابية القادمة خصوصا اذا اتت النتائج على عكس رغبات الفريق السياسي الحاكم.

بالخلاصة يمكن القول الطبقة السياسية الحاكمة امام اختبار سياسي واقتصادي كبير في الفترة القادمة سواء لناحية معالجة مشاكل اللبنانيين الكثيرة ، او لناحية صدقيتها في اجراء انتخابات نيابية نزيهة في الاشهر القليلة القادمة. فهل ستنجح في مهمتها ام أن الطبع سيغلب التطبع ؟

بسام غنوم