العدد 1398 / 29-1-2020

واخيرا اصبح الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل خارج الحكومة، وتحول التيار الى المعارضة بعد ان تنعّم بجنة الحكم لمدة 28 سنة تقريبا اي منذ العام 1992 وحتى اليوم . قد يكون صحيحا ان الرئيس رفيق الحريري ونجله سعد الحريري لم يتوليا رئاسة الحكومة في بعض السنوات خلال هذه الفترة لكن ملائكتهم كانت حاضرة عبر الرؤساء فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي ، وحتى عندما كان الرئيس رفيق الحريري خارج الحكم خلال عهدي الرئيسين عمر كرامي وسليم الحص ، فان تيار المستقبل كان حاضرا في السلطة باشكال مختلفة .

فالى اين يتجه الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل بعد الخروج من الحكومة ؟ وماذا عن الازمات الاخرى التي يواجهها التيار على الصعد المالية والشعبية والسياسية؟ وهل صحيح ان نهاية الحريرية السياسية قد اقتربت وان قوى اخرى ستملأ الفراغ الحاصل في المستقبل؟

المراجعة والسياسة الجديدة

بداية ما هي الخطوات التي سيتخذها الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل بعد الخروج من الحكومة وتشكيل حكومة الرئيس الدكتور حسان دياب؟

تشير مصادر مطلعة داخل تيار المستقبل ان الرئيس الحريري والتيار حاليا في مرحلة انتظار وتقييم للتطورات لاتخاذ الموقف المناسب في المرحلة المقبلة.

وقد شكلت مشاركة نواب التيار في جلسة مجلس النواب لاقرار الموازنة رغم الاعتراضات الدستورية وعدم التصويت للموازنة رسالة ايجابية حول التعاطي مع التطورات المقبلة وعدم الذهاب الى المعارضة الشاملة.

وقد أكد الأمين العام لتيار المستقبل (أحمد الحريري) في حديث عبر صفحة "lebtalk" على "الفايس بوك"، أن "كتلة المستقبل ستجتمع وتقرر الموقف المناسب من مسألة الثقة بالحكومة"، مشيرا إلى أن "الاهم هو ثقة الناس والتحركات الشعبية التي من دونها لا تكفي ثقة المجلس النيابي".

ووضع موقف الرئيس سعد الحريري الأخير حول حاجة البلاد لالتقاط الانفاس بعد تشكيل الحكومة، "في سياق التجانس مع قناعاتنا، ومع مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي اتخذها بعد تشكيل حكومتي الرئيس سليم الحص في العام 1998 والرئيس الراحل عمر كرامي في العام 2004".

وفي ظلِّ معلوماتٍ تتحدث أن الحريري سيُعلن عن موقفٍ "غير مسبوق"، كشف أحمد الحريري "أن الرئيس الحريري في صدد مراجعة كاملة لكل المرحلة الماضية، وتحديدا لمرحلة التسوية، وسيكون له مواقف متدرجة، وصولا إلى موقف مركزي في الذكرى الخامسة عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري( 14شباط المقبل)".

وقال أحمد الحريري "إن البلد بحاجة إلى فرصة، وسنرى ما إذا كانت هذه الحكومة ستعمل على ذلك أم أنها ستذهب إلى التشفي والكيدية، وفي حال ذهبت إلى ذلك، تكون اختارت المواجهة المبكرة معها من موقعنا كمعارضة، ولكن أي معارضة اليوم ستكون معارضة سياسية، بعيدا عن محاولات البعض لتأجيج الواقع المذهبي، وواجبنا أن نواجه هؤلاء ونمنعهم من تأجيج الفتنة السنية - الشيعية"، مشيرا إلى أن "من يريد إشعال الفتنة مرتهن لأجندات خارجية، والثورة اليوم اغلقت الباب على أي باب للعودة إلى أي شكل من أشكال المذهبية".

وإذ رأى "أن الخروج من المأزق يبدأ بانتخابات نيابية مبكرة"، اعتبر أن "المشكلة على أي قانون تتم، لأن قانون الانتخابات الأخيرة كان أول مسمار في نعش الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، وشجع على التقسيم بين اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين".

وأبدى اعتقاده "بأننا مقبلون على مرحلة صعبة في المنطقة قبل الوصول إلى حل للأزمات، والصراع فيها اصبح مكشوفا، ولن ينتهي بالمفرق، بل بالجملة، العراق اليمن سوريا لبنان غزة والقضية الفلسطينية ملف واحد، وحدودنا اليوم ليست حدوداا برية بل حدود بحرية".

هل انتهت الحريرية السياسية؟

لكن هل يمكن القول ان الحريرية السياسية انتهت اليوم في ظل الازمات والمشاكل التي يواجهها الرئيس سعد الحريري؟ ومن سيملأ الفراغ الذي سيتركه التراجع الشعبي للتيار؟

قد يكون من المبكر القول اليوم ان الحريرية السياسية انتهت وان تراجع تيار المستقبل سيؤدي الى نهاية دور الرئيس سعد الحريري في المرحلة المقبلة، فالتيار لا يزال يمتلك كتلة نيابية فاعلة في المجلس النيابي ، كما ان التيار لا يزال حاضرا داخل مؤسسات الدولة وله حضور شعبي في العديد من المناطق اللبنانية ، كما ان الرئيس الحريري قد يراهن على فشل حكومة الرئيس الدكتور حسان دياب من اجل العودة الى الحكم مجددا بعد اشهر قليلة.

لكن في مقابل هذه الاجواء ، فان مصادر سياسية مطلعة تؤكد : ان تيار المستقبل يشهد اليوم تراجعا شعبيا كبيرا لصالح قوى سياسية وشعبية اخرى وهو يواجه ازمات متعددة سياسية ومالية واعلامية وفقد الكثير من بريقه السياسي والشعبي والدعم المنالي واقفل معظم مؤسساته الاعلامية ، وان بعض المجموعات الشعبية في عدد من المناطق قد تركت تيار المستقبل وهي التي تشارك في الحراك الشعبي وتأخذ موقع التيار في الحركة السياسية، كما ان بعض التنظيمات والمجموعات الاسلامية عادت للنشاط والتحرك في العديد من المناطق بعد ان تراجع دورها لصالح التيار خلال السنوات الماضية.

نحن اذن امام مرحلة جديدة وانتقالية على صعيد مستقبل الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل ، فاما ان ينجح التيار في اعادة ترتيب اوضاعه الشعبية والتنظيمية والمالية ويحافظ على دوره وموقعه السياسي ، واما اننا سنكون امام بداية النهاية للحريرية السياسية مما سيفتح الباب لقوى اخرى في مل الفراغ الحاصل ، وهذا ما ستفرزه اية انتخابات نيابية مقبلة.

قاسم قصير