العدد 1357 / 10-4-2019
بسام غنوم

أثمرت التسوية السياسية الرئاسية توافقاﹰ جديداﹰ في ملف الكهرباء ، وعبّر الرئيس الحريري عن هذا التوافق بعد جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في قصر بعبدا بالقول :"نبشر اللبنانيين اننا اقررنا خطة الكهرباء بشكل ايجابي جداﹰ وهو انجاز لجميع الفرقاء السياسيين" وأـضاف "في ظل وجود فخامة الرئيس عون ووجودي ووسط اجماع حكومي سيتم انجاز الخطة".

وقد فتح هذا التوافق الحكومي الجديد حول ملف الكهرباء الباب واسعاﹰ امام التحدي الأهم وهو انجاز موازنة العام 2019 التي يقال انها ستحمل اجراءات وخفوضات كبيرة في موازنات الوزارات المختلفة وانها ستكون موازنة تقشفية تتطابق مع الالتزامات التي قدمها لبنان للجهات الدولية في مؤتمر سيدر .

وتأتي هذه التطورات الايجابية في ملف الكهرباء في ظل الكلام المتجدد لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن فرض عقوبات مالية على "حزب الله" وعلى "كل الذين لهم علاقة بهذا الخطر على الشعب اللبناني" كما قال بومبيو الذي أكد مجدداﹰ "أن اميركا لن تسمح باستمرار بروز حزب الله داخل لبنان ، وانه ليس من مصلحة الشعب اللبناني ان يكون لديهم تنظيم ارهابي مسلح تموله ايران".

فهل ساهمت المواقف الأميركية والأوروبية في اعادة احياء التسوية السياسية في لبنان ، وهل ستجد خطة الكهرباء الجديدة طريقها للتنفيذ ؟

كشفت النقاشات التي سادت اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة بملف الكهرباء ، والتي كانت تعقد في السرايا الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري ، ان هناك تباينات كبيرة في المواقف من مضمون خطة الكهرباء التي قدمتها وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني ، وقد تمحور الخلاف حول نقطة اساسية وهي دور ادارة المناقصات في الخطة حيث كانت الوزيرة البستاني ترفض بشدة ومعها وزراء من التيار العوني اي دور لادارة المناقصات في خطة الكهرباء .

لكن مع تشكيل جبهة قوية مؤلفة من ممثلي الحزب التقدمي الاشتراكي ، والقوات اللبنانية ، و "حزب الله" وحركة أمل تطالب وتؤكد على ضرورة الرجوع الى اداراة المناقصات ثم التوافق على هذه النقطة في الخطة ، وقال الرئيس عون في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت لمناقشة الخطة "لماذا علينا ان نخاف من دائرة المناقصات وهي احدى مؤسسات الدولة فلنضع آلية ولنحتكم الى مؤسسة الدولة".

الا انه مع التوافق على دور ادارة المناقصات في ملف الكهرباء جرى التوافق ايضاﹰ على تشكيل لجنة وزارية للرجوع اليها في حال الخلاف بين وزارة الطاقة وادارة المناقصات وهو مايفتح الباب مستقبلاﹰ امام التدخلات السياسية المباشرة في ملف الكهرباء .

ويأتي التوافق في مجلس الوزراء على خطة الكهرباء في ظل معلومات عن توجه الادارة الأميركية لفرض عقوبات على مقربين من الرئيس بري ومسؤولين في حركة أمل بسبب علاقتهم ﺑ "حزب الله" وفق ماذكرت صحيفة "ذا ناشونال" التي تصدر في دولة الامارات ، وقد تأكدت هذه المعلومات مع قول وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "خلال زيارتي الاخيرة لبيروت أوضحت للمسؤولين اللبنانيين ، بمن فيهم رئيس مجلس النواب بري ، ان اميركا لن تتسامح مع استمرار بروز حزب الله داخل لبنان ، وانه ليس من مصلحة الشعب اللبناني ان يكون لديهم تنظيم ارهابي مسلح تموله ايران" ، وهذا الموقف الجديد للوزير بومبيو يضع لبنان امام تحديات مالية واقتصادية خطيرة في الفترة المقبلة ، ولذلك لم يكن امام الرئيسين عون والحريري والوزراء الا الاتفاق على خطة الكهرباء ، واكد الرئيس الحريري ان الخطة "ترضي الشعب اللبناني لانها ستؤمن الكهرباء 24/24 ساعة ومن شأنها خفض العجز في الموازنة زكل المؤسسات الدولية سترى ان لبنان يقوم بخطوات حقيقية للاصلاح" ، وبذلك قد تساهم الموافقة على خطة الكهرباء بتأمين حماية مالية واقتصادية للبنان .

لكن هل ستجد خطة الكهرباء طريقها للتنفيذ ؟

تبعاﹰ لتجربتين سابقتين في العام 2010 والعام 2017 اقرت حكومة الرئيس الحريري خطتين مماثلتين تحدثتا عن تأمين الكهرباء 24/24 ساعة خلال خمس سنوات ولم تريا النور ، وهو ما يبقي الشك قائماﹰ حول امكانية نجاح خطة الكهرباء الجديدة ، وقد اقر الرئيس الحريري بذلك فقال ان خطة الكهرباء الجديدة "ستنفذ خلافاﹰ لما حصل مع خطتي 2010 و 2017 ، مؤكدا ان الحريري عام 2010 شيء والحريري عام 2019 شيء آخر ، وانه في ظل وجود الرئيس عون ووجوده ، ووسط اجماع حكومي سيتم انجاز هذه الخطة".

فهل ستنفذ خطة الكهرباء الجديدة، ام يكون مصيرها كسابقاتها من الخطط الكهربائية في العامين 201 و 2017 ؟

بسام غنوم